أكد موقع "فير أوبزرفر" الأميركي أن نقص مياه النيل بسبب ملىء إثيوبيا لخزان سد النهضة سيؤثر بشكل كبير على مستقبل مصر بسبب رد الفعل العنيف المتوقع للسيسي ضد أي احتجاجات شعبية ناتجة عن نقص المياه.
وأوضح الموقع إن دلتا النيل التي يقطنها 40 مليون نسمة ومصدر ثلثي إنتاج مصر الغذائي تغرق، وهذه نتيجة مباشرة لتغير المناخ وارتفاع منسوب مياه البحر، وهي منطقة شبه مسطحة تماما ترتفع متر أو أكثر فوق مستوى سطح البحر، وستغرق الدلتا بسبب أن مستوى سطح البحر يرتفع سنويًا بمعدل 7 ملليمتر في السنة.
وقبل الانتهاء من السد العالي في عام 1970، كان فيضان النيل يجرف حوالي 100 مليون طن من الرواسب الجديدة في الدلتا كل عام، مما زاد من ارتفاع الدلتا التدريجي.
ويضيف التقرير أن مشاكل النيل لا تتوقف عند هذا الحد، إذ سيقلل سد النهضة الإثيوبي، الذي من المقرر أن يكتمل في عام 2017، من تدفق نهر النيل بمقدار الربع على مدار 15 عاما إلى حين اكتمال امتلاء الخزان.
ولجأ المزارعون المصريين الذين لم يعد بمقدورهم الري مباشرة من المياه العذبة للنيل نهر النيل إلى مياه الآبار في الدلتا، وبسبب استخدام مياه الآبار في الدلتا في الري تخترق مياه البحر البئر الجوفي في الدلتا، ويصل مداها في بعض المناطق إلى 30 كيلو متر، وفي أقل من 10 سنوات، لن تكون المناطق الساحلية قادرة على استدامة الزراعة أو السكن البشري.
ويلفت التقرير إلى أن مصر تستورد مصر حاليًا نصف القمح الذي يحتاجه سكانها الذين من المتوقع أن يصل عددهم إلى 140-160 مليون نسمة بحلول عام 2050، وعندما تفقد مصر أول 10٪ من الدلتا كمصدر للغذاء والبشر فإن ذلك سيشكل كارثة ذات أبعاد هائلة، وسيضطر ملايين الناس إلى النزوح من ديارهم ومن مزارعهم للبحث عن أماكن جديدة للعيش وللعمل الجديد.
وأفاد التقرير بأن ملامح الكارثة بدأت تتكشف بالفعل، فعلى سبيل المثال تفقد الإسكندرية، التي يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة معركتها في إبقاء البحر بعيداً، وعندما يرتفع مستوى سطح البحر متر واحد فقط، وهو الحد الأدنى المتوقع بحلول عام 2100 فإن معظم المدينة لن يكون غير صالح للسكن.
ويشير التقرير إلى أن تغير المناخ كان أحد الأسباب التي أدت إلى الحرب الأهلية السورية، فقد تسبب الجفاف الذي طال أمده في القضاء على ثلاثة أرباع المزارع السورية في الفترة ما بين عامي 2006 و 2011، وهو ما أجبر أكثر من 1.5 مليون سوري على الهجرة إلى المدن، وكانت محنتهم واحتجاجاتهم جنباً إلى جنب مع استجابة بشار الأسد الاستبدادية عاملاً رئيسيًا إن لم يكن السبب الرئيسي للانتفاضة والحرب اللاحقة.
وحسب التقرير فإن نفس الأمر ينطبق على مصر في نطاق أوسع بكثير، وكما هو الحال في سوريا، فإن الانقسام بين النخبة الحاكمة المدججة بالسلاح والجماهير المنكوبة بالفقر الصارخ، وعندما يتم تهجير ملايين المصريين بسبب نقص مياه النيل من غير المرجح أن ينزع عبد الفتاح السيسي السلطوي وغير المتعاطف فتيل الأزمة المتفجرة، ومن المؤكد أن تكون النتيجة دموية ومدمرة، وتخبرنا التجربة السورية أن مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين المصريين النازحين سيحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط والقدوم إلى أوروبا.
ويرى الكاتب أن إنكار دونالد ترامب للتغير المناخي والانسحاب من اتفاق باريس ليس جهلاً متعمدًا فحسب، بل هو تخلي عن القيادة في مواجهة هذه التحديات.
أضف تعليقك