كان لا بد من انقلاب كهذا ومعركة كهذه ليتبين لمصر وأهلها وللثوار وللمخلصين من هى أفراس وخيول تحتهم تستطيع أن تحملهم فى المعركة وتتحمل صليل السيوف ومنظر الدماء وتناور وتقفز وتهاجم ولا تنقاد إلا لأصحابها .
ممن هم مجرد حمير بطيئة وضعيفة لا تصلح إلا لعمل الحقول وفوق ذلك فهى جبانة لا تستطيع أن تتقدم خطوة وسط المعارك . وإذا وقع عنها صاحبها يستطيع أن يمتطيها من يقابلها أو يقدم لها حزمة من البرسيم.
عرفنا من كنا نظنهم قادة جيش مصر المخلصين لها ولأهلها .
تببن لنا ما يفعلونه بهذا الجيش الذى هو منا ونحن منه . فتبين أن من يقودونه ليسوا فرسانا ولا قادة ولا أركان حرب ومجلس عسكرى . وإنما هم مجلس لصوص وعملاء للأعداء. وأن ما قدموه لنا لم يكن إلا تمثيليات تم إنتاجها من أموالنا وعلى أسرة الراقصات ورائدات الدعارة .
عرفنا أن واقع مخابراتنا الآن مخابرات علينا وأبطالنا أبطال علينا وأنه لا مخابرات إلا للتخابر على أبناء البلد . ولا حماية إلا لحدود الأعداء منا إن فكرنا فى الاعتداء عليها . ولا رصد إلا لمن يفكر فى الاعتراض ولا تدريب إلا على فض المظاهرات ولا كفاءة إلا كفاءة التصدي للطالبات والطلاب وقتل السلميين ولا عقيدة إلا تسليم البلد للأعداء .
عرفناهم متأخرين نعم ولكنا عرفناهم والحمد لله ولقد تغيرت نظرة الناس إليهم بشكل جذري وانتهت أسطورة تفويضهم على بياض . وإنما لا نرضى حتى يحسنوا ولا نصفق إلا لمن يستحق ولا جيشا وطنيا إلا من يكون جيش البلد ويخدم البلد . يعادى أعدائها ويحمى أهلها . ويلتزم بمهمة الجيش فرسان حرب على الأعداء وإنا فى انتظارهم فلن يعدم جيش مصر منهم .
وعرفنا فرسان الثورة الحقيقيين والذين كانوا فى ميدان التحرير أبطالا ممن كنا نظنهم فرسانا فكانوا عملاء للمخابرات وبلطجية شوارع أو على الأقل مجرد ظواهر صوتية او مفوضين فى القتل .
نعم فنحن الذين كنا نخلى الدوائر الانتخابية لمصطفى بكرى باعتباره رجلا وطنيا وكنا نشترى جريدة الدستور لأجل عيون إبراهيم عيسى الذى كان بعضنا يعتبره بطلا قوميا وكنا نقول على سميرة إبراهيم ست البنات وكنا نقول على طارق الخولى وأسماء محفوظ ونوارة نجم ناشطين سياسيين وعلى البرادعى قائدا وعلى حمدين مناضلا .
عرفناهم بعد أن خرجوا على مرسى بعد مائة يوم فقط فقتلوا وحرقوا السيارات والمقرات وسحلوا الناس فى الشوارع وظهروا أسودا فى عهد الحرية ثم هم الآن أقل الأرانب يفرون هنا وهناك ويتمسحون تحت أقدام وبيادات العسكر .
ظهر لنا الأغلبية الكبيرة لفرسان السلفية والجماعة الإسلامية الحقيقيين . الذين قضوا من بيننا شهداء والمصطفين الآن مرابطين مع إخوانهم ضد الباطل فى المنافى والسجون . من الأقلية صاحبة الصوت العالى ممن كنا نظنهم فرسان المنابر والفضائيات شيوخا ملء السمع والبصر .
فهذا أسد السنة وهذا المدافع عن العقيدة . وهذا البكاء الخاشع وهذا المسبل لعينيه . وهذا خليفة ابن تيمية والإمام أحمد .
ظهر لنا أن أصواتهم وبكائهم وصراخهم مجرد سبوبة وأن السنة عندهم فى أحكام شعر الرأس وشعر العانة وشعر اللحية وشكل العمامة وأحكام التصوير وطول الجلباب وتعدد النساء وأن عقيدتهم طاعة الحاكم المتغلب وإن كان ظالما مجرما وأن جهادهم فى عقد الندوات والتنقل ببن الفضائيات .
أما قول الحق عند سلطان جائر والجهاد الحق وفقه ابن حنبل وجهاد ابن تيمية فقد تركوهم على أبواب الاستديو وتناسوهم بمجرد انطفاء أنوار كاميرات التصوير
عرفناهم بتطفيف الكيل والميزان بعد أن كانت بطولاتهم عظيمة على الرئيس العالم الملتحى الذى يصلى الفجر جماعة ويتقى الله فى شعبه وسكتت أصواتهم وابتلعوا ألسنتهم بحجة الحاكم المتغلب وإن قفل المساجد ومزق المصاحف وسجن العلماء .
.
.
... بل وتبين لنا من المجتمع الكثيرين جدا من اللا منتمين لكنهم شرفاء بحق وقفوا فى وجه الباطل بحق وتحملوا التهم والإيذاء وصبروا أو شهدوا بالحق فى زمن الخوف .
وعرفنا أيضا من كان يعطينا من اللسان حلاوة ثم لما جد الجد انضم إلى فريق المرتشين والفاسدين وشهود الزور والمجرمين وخاف هو الآخر على يديه من القطع لو تم تطبيق حدود الله .
وتبين لنا الكثير ممن كانوا يسيرون معنا بحق وإخلاص ممن كانوا يزايدون علينا ثم لما حدث الانقلاب انقلبوا هم أيضا على أفكارهم وثوابتهم وما تربوا عليه وعرفوا إخوانهم عليه .
تبين الحق من الباطل وتبين الخيط الأبيض من الأسود وامتلأت مصر شبابا واعيا لا ينخدع لأحد .
وإن كانت عقارب الساعة عادت إلى الوراء من ناحية الحريات . فإنها أبدا لن تعود إلى الوراء فى موت أجيال النكسة وعواجيز التصفيق للباطل وأحزاب الكنبة . ليحل محلهم شباب وأطفال لا يستطيع خداعهم أحد ولن تعود إلى الوراء فى فهم الواقع وتكشف الملابسات والاستعداد إن شاء الله لثورة قادمة تتشكل .
.
أضف تعليقك