الضباب يلف مستقبل المنطقة في ظل فقدانها لقرارها وتصارع القوى المختلفة على ثرواتها وعلى أرضها واستمرار الحروب في كل من سوريا واليمن والعراق وليبيا دون رؤية لنهايتها أو وقفها مع تأزم الموقف السياسى في دول الشمال الإفريقي من مصر وحتى المغرب.
الشيء الوحيد الذي لا يلفه الغموض هو أن اعادة انتخاب حسن روحانى رئيسا لإيران تأكيد على أن المشروع الإيراني الذي كبر وانتشر خلال الولاية الأولى لروحاني مستمر ولن توقفه زيارة ترامب أو تهديداته لإيران فالنفوذ الإيراني في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان يزداد يوما بعد يوم وتهديدات إيران لدول الخليج وتغلغلها في أطرافها وجوانبها قائم على قدم وساق، كما أن تضحية الولايات المتحدة بشرطي الخليج آنذاك وعميلها الأول في المنطقة شاه إيران محمد رضا بهلوي عام 1979، وترتيب عودة الخميني من باريس ليقيم دولة الملالي في إيران يكذب أي ادعاءات للولايات المتحدة بأنها عدوة لإيران، ومن بين كل دول المنطقة يبدو المشروع الإيراني هو الأكثر وضوحا وتطبيقا عن كل المشروعات الأخرى التي تبدو كردود أفعال أكثر منها مشروعات واقعية تطبق على الأرض وإذا أردنا أن نفهم أبعاد الضبابية والغموض الذي يحيط بالمنطقة نجد أن الأمور لا تتوقف عند حدود الدول العربية التي تعاني من الحروب والانقسامات، مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا، وإنما تتجاوز ذلك إلى الدول التي يبدو أنها مستقرة أو تجاوزت حدود التهديدات، فدولة مثل مصر يبدو الوضع فيها ضبابيا إلى حد كبير في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وتفشي الفساد والاستبداد.
ومع غياب أي مشروع من قبل سلطات الانقلاب للخروج من المأزق الذي تعيشه مصر فإن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية تزداد سوءا كل يوم بشكل يصعب التنبؤ فيه بما يحمله الغد من نتائج، ودولة مثل السودان تعاني بعد انقسامها من تحديات كبيرة في ظل أن المشهد السياسي فيها لم يتغير منذ عقود، فالمعارضة تردد نفس كلامها والسلطة تقف عند سلوكياتها، أما دولة مثل الجزائر فقد كانت الانتخابات البرلمانية التي جرت فيها قبل أسابيع رسالة واضحة من الشعب أنه لا يثق في السياسيين أو نتائج اللعبة السياسية القائمة، وأن المآسي التي تعيشها البلاد لابد من مخرج لها بعيد عن الوجوه التي لم تغادر المشهد السياسي منذ عقود ومن الضروري أن يعرف الشعب من سوف يحكمه بعد الرئيس بوتفليقة الذي يعيش على كرسي متحرك منذ سنوات، أما المغرب فرغم الاستقرار السياسي الظاهري إلا أن الحكومة الجديدة لم يظهر أداؤها بعد في ظل عدم الرضا عنها من قطاعات واسعة من حزب العدالة والتنمية الذي أبعد رئيسه عبد الإله بنكيران عن تشكيل الحكومة في إشارة إلى أن الملك محمد السادس لا يريده في هذا المنصب أكثر من ذلك، كما أنه يريد حكومة طيعة تنفذ كل المطالب. كلما سألت خبيرا عن هذه الضبابية ومتى تنقشع يقول لي على الأقل عشر سنوات، وهذا يعني أن ما هو قادم أصعب بكثير مما فات فلنهيء أنفسنا للأصعب.
أضف تعليقك