ومن ضمن عوامل أزمة الاخوان الداخلية أن هناك أجيال من الإخوان تربت على أتباع الحق مجرداً من المنافع وبصرف النظر عن مكاسب الدنيا وخسائرها . وجهاد الباطل منزها عن الغرض ووضوح الغاية لا تلتبس بغيرها من الغايات.
ومن هنا كانت الدعوة فى المساجد للوصول للغاية متجردين لها وليس بغرض اكتساب أنصار ثم يأتى اكتساب أنصار كوسيلة وليس غاية .
ومن هنا كان التضحية بالوقت والجهد فى تعليم الأشبال فى حلقات التحفيظ وفى دعوة شباب الثانوى والجامعات ابتغاءا للثواب المباشر والحسنات اليومية وليس كمشروع استثمارى يدر دخلا فى قابل الأيام .
ومن هنا كانت أعمال البر ومساعدة الناس وبذل الجهد والمال من قوت أطفالهم أو من حض غيرهم على البذل والإحسان استشعارا للثواب وليس لحيازة أصوات إنتخابية .
وعليه فلا تأثر ولا إحساس بالمرارة حين يتخلى عنك من ساعدتهم ويفوضون فى دمك فقد حصلت أجرك حين ساعدتهم وانتهى الامر .
ومن هنا كان دخول الانتخابات كوسيلة دعوية أولا وليس فقط لغرض الوصول الى الحكم وكباب من أبواب الأخذ بأسباب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قبل أن تكون خطة لتطبيق مشروع .
ومن هنا كان الوصول الى الحكم لديها ليس منتهى الأمل ولا الإبتعاد عن الحكم نهاية الدنيا .
وكذلك فإن السجن والمطاردة والإستشهاد هى ضريبة تدفع عن طيب خاطر لكلمة الحق والوقوف فى وجه الظالمين . فلا تعتبر الدماء والحريات والاوقات ذهبت هدرا ما دامت لم توصل الى حكم الناس أو وصلت وتم الإنقلاب عليها . فالغاية معروفة وليست ملتبسة عليهم ولذلك فهم يجلسون مطمئنين فى سجونهم أو حتى تحت التراب لأنهم يعلمون أنهم هنا لأنهم على الحق وليس لأنهم هزموا فى معركة .
فلا مجال عندهم للندم ولا عض الأصابع . يعلمون أنها خطوات فى طريقهم المرير الى الجنة سواء كانوا فى السجون او فى قصور الحكم . لا فرق ولا راحة الا هناك فى الآخرة حيث الأمان المطلق والجزاء المقيم .
وفريق آخر من الإخوان لم يتربى على ذلك تماما أو تربى على ذلك لكنه ينسى أحيانا .
يرى البذل وللتضحية لا بد لها من مقابل فى الدنيا . فالوقت والحرية والدم يمكن أن يبذل ولكن بمقابل فى هذه الحياة وما دام لم يحصل المقابل فهذا فشل يستحق الندم وعض الأصابع والشك فى الطريق . فيتعامل بمنطق مباريات كرة القدم . يبذل جهدا لكنه لا يتقبل أبدا خسارة الثلاث نقاط أو خسارة الدورى . فإذا خسرها كان الشك فى طريقة اللعب وفى المدرب والجهاز الفنى والإدارى وفى اللاعبين وربما إتهامات بالتواطؤ مع الفرق الأخرى .
فإن هناك الآن صنفان من الإخوان .
صنف يجلس مطمئنا رغم كل المصائب والنوائب ولا يرى أى غضاضة فيما يحدث حيث أنه وطن نفسه من البداية وأهل نفسه لذلك نفسيا قبل كل شيئ ويردد دائما هذا ما قيل لنا من البداية . الطريق صعب وطويل مليئ بالدماء والأشلاء .
وصنف يرى الدنيا قد انتهت ولا يقبل أى مبررات . يرى الجميع مخطئا والمنهج لا يصلح والطريقة خاطئة والقادة غير أكفاء ويردد . ليس معنى أننا سمعنا من البداية أن الطريق طويل أن يكون طوله بلا نهاية . وأنه مليئ بالدماء والأشلاء أن تكون بالضرورة دمائنا نحن وأشلائنا نحن ومصائبنا نحن حتى أخر قطرة دم فينا .
تلك أزمة تحتاج الى حل وتقريب لوجهات النظر واستجلاء للحقيقة بعيدا عن تهور المتهورين وتهوين المهونين
أضف تعليقك