تظل قضية الفاقد من المحاصيل الزراعية مطروحة منذ عشرات السنين، حيث تمتلأ كليات ومعاهد ومراكز الزراعة بعشرات الدراسات، عن حجم الفاقد وأسبابه من مرحلة الحصاد والإنتاج إلى التسويق والآثار السلبية له واقتراحات الحلول.
لكن الواقع العملى يشير إلى أن قضية الفاقد لم تأخذ حظها من الاهتمام الرسمى والشعبى والإعلامى، رغم ما تجلبه من منافع بتحسين دخل المنتجين والمسوقين والمصنعين والمصدرين، والتقليل من كميات السلع المستوردة وتخفيف الضغط على الدولار، وتخفيف معاناة المواطنين مع الأسعار ولو بنسبة محدودة.
وكما ظلت قضية المصانع المتعثرة تتقاذفها تصريحات المسؤلين ووعودهم خلال السنوات الماضية دون حل عملى، يبدو أن قضية الفاقد ستظل كذلك لا تتخطى مرحلة الوعود، حيث التركيز رسميا منذ عام 2013 على المشروعات الجديدة الضخمة ذات البريق الإعلامى، رغم تكلفتها المرتفعة بالمقارنة بالتكلفة الأقل والأسرع في المردود للتصدى للفاقد ولو بتقليل نسبته تدريجيا.
فإذا كنا قد فقدنا قد 3 مليون و921 ألف طن من القمح خلال عام 2015 حسب جهاز الإحصاء، فإن تقليل نسبة نسبة 10% من الفاقد، تعنى إضافة 392 ألف طن تصل قيمتها أكثر من 57 مليون دولار، مع متوسط سعر عالمى 146 دولار للطن في مارس الماضى بخلاف تكلفة النقل، وكلما زادت نسبة الاستفادة من فاقد القمح زاد العائد.
ورغم الشكوى من ارتفاع أسعار الطماطم خاصة بشهرى أبريل وأكتوبر من كل عام بسبب فاصل العروات، فإن كم الفاقد من محصول الطماطم في عام 2015 بلغ 2.3 مليون طن، تمثل نسبة 30% من مجمل الإنتاج السنوى حينذاك والبالغ 7.7 مليون طن.
فقدان 253 ألف طن تفاح
وفي الخضراوات بلغت نسبة الفاقد بالعام الأسبق لكلا من البطيخ والشمام 10%، وللبطاطا 12% وللقلقاس 17% وللخيار 19% من المنتج، كما تصل نسبة الفاقد إلى من إنتاج كلا من الباذنجان والكوسة والفلفل والكرنب، والبامية والقرنبيط والخرشوف والملوخية والسبانخ والفراولة والخس والجزر والبصل والثوم 20%، وللبطاطس 21% بكمية تزيد عن مليون طن سنويا، وتصل النسبة باللوبيا الخضراء 22% وبالبسلة الخضراء 25% وبالفاصوليا الخضراء 29%.
وبالفاكهة بلغت نسبة الفاقد 5% للخوخ و7% للبرقوق و8% للرمان، و10% للجوافه و15% للعنب والزيتون و16% للموز و20% للمانجو، و2.52% للبلح والتفاح والبرتقال واليوسفى و23% للمشمش المعروف بسرعة التلف، في حين نستورد كميات كبيرة سنويا من قمر الدين. لتصل الكميات المفقودة من الإنتاج خلال عام 475 ألف طن من البرتقال، و377 ألف طن بلح و253 ألف طن تفاح، و232 ألف طن عنب و215 ألف طن موز، و202 ألف طن يوسفى و174 ألف طن مانجو، و147 ألف طن بطيخ و104 ألف طن زيتون.
ويظل السؤال ألا تشكل تلك الكميات الضخمة في حالة الاستمرار في عدم تصنيعها، فرصا للاستفادة منها كغذاء للحيوان، في ظل ارتفع أسعار الذرة والصويا التي يتم استيراد النسبة الأكبر من استهلاكهما، في ظل تدنى نسبة تصنيع تلك المنتجات والاتجاه لبيعها طازجة.
استهلاك الطيور غير معروف
وفي الحبوب بلغت نسبة الفاقد بالقمح 20% بكمية 3.9 مليون طن سنويا، وبالذرة الشامية 10% بكمية 1.4 مليون طن وبالشعير 7%، وبالذرة الرفيعة 5% والأرز 3% من الإنتاج، وهي كميات تقديرية حيث لا توجد احصاءات محددة لما تستهلكه الطيور بالحقول وكذلك القوارض خلال التخزين.
وأشارت بيانات جهاز الإحصاء إلى تدنى نسبة الفاقد من اللحوم الحمراء إلى 2% بكمية تصل 34 ألف طن للتوسع في عمليات الحفظ والتبريد، وبلحوم الدواجن والطيور 2% بكمية تصل 28 ألف طن، كما بلغت نسبة الفاقد باللبن 3% وبالبيض 10%.
وتحتاج قضية الفاقد إلى جهود حكومية وأهلية وإعلامية تشارك فيها مراكز البحوث والمحليات، تتوجه في خطابها الإرشادى إلى المزارعين خلال مراحل الزراعة والحصاد والنقل، بداية من اختيار البذور الأكثر مقاومة إلى مكافحة الآفات وطرق ووسائل التعبئة، وإلى سائقى عربات النقل البطىء والسريع، والى تجار التجزئة والمستهلكين وخاصة ربات البيوت.
فالحفاظ على سلامة ثمرة واحدة من الطماطم مثلا من خلال توعية ربة الأسرة، يعنى توفير 20 مليون حبه طماطم لدى أكثر من 22 مليون أسرة، وحتى لو تم التوفير لدى نصف عدد الأسر أو ربعها أو حتى نسبة 10% لإن هذا يعنى ربح أكثر من 2 مليون ثمرة طماطم.
أضف تعليقك