في زمن الانقلاب العسكري، أصبح الإحباط عنوان لحياة الشباب في مصر، لتتوالى أسباب معاناتهم في ظل الحالة الاقتصادية المتردية والفقر المدقع والبطالة والقمع الأمني والمشكلات الاجتماعية، وتزايد الضغوط على المصريين جراء الممارسات الفاشلة لحكومة الانقلاب.
ومن إحدى سياسيات حكم العسكر الهدامة لمصر، هو مقابلة أي ابتكار للشباب المصري بالإهمال والإحباط، من خلال رفض تمويله والسخرية منه في بعض الأحيان، مما جعل أقصى طموح الشباب المصري هو الهرب منها إلي أي بلد أخرى تقدر اختراعاتهم.
إحباط الشباب سياسة دولة
تتوالى حوادث إحباط الشباب المبتكر في مصر، والتي كان آخرها قيام أعضاء لجنة التحكيم، ببرنامج "هنا الشباب"، الذي تقدمه الإعلامية الموالية للانقلاب لميس الحديدي، عبر قناة "سي بي سي"، بمهاجمة الشاب عمرو الجبالي وعدم قبولهم لتمويل اختراعه " فوكسيرا ".
و"فوكسيرا" عبارة عن جهاز صغير يتم وضع خط الهاتف داخله ويهدف لتوصيل شبكات التواصل عبر تطبيق للموباييل يُستعمل من خارج البلد، كما أن التواصل يتم وفقاً للسعر المحلي.
ورأت اللجنة أن هناك مشكلة في المشروع لأنه يمرر مكالمات دولية لذا هو غير قانوني، خاصة وسط وجود برامج للتواصل عبر الإنترنت مثل "واتس آب وفايبر" وهي مجانية.
وأثار الإحباط الذي بثته لجنة التحكيم في روح الشاب المخترع حفيظة رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حيث شن النشطاء هجومًا حادًا على لجنة التحكيم، والذين كان من بينهم المهندس وائل فخراني المدير الإقليمي السابق لجوجل، الذي قال أنه غير سعيد بمستوى المتسابقين.
وجاءت تعليقات رواد "فيسبوك" كالتالي :
ولا تعتبر قصة الجبالي هي الأولى لإحباط الشباب في مصر، فأن ييأس المخترعون من الوطن، ويحاولوا الهجرة باختراعهم فتلك مصيبة، ولكن أن يدعوهم المسؤول للهجرة باختراعهم فالمصيبة أعظم.
وكان ذلك هو ما قام به وزير التنمية المحلية السابق في حكومة الانقلاب، أحمد زكي بدر مع شاب مصري مخترع.
ففي فيديو انتشر بصورة واسعة على منصات التواصل، حاول شاب مصري صاحب اختراع، عرض شكواه بتجاهل الدولة لاختراعه، فما كان من الوزير إلا السخرية منه، وعندما وضح الشاب أن لديه برنامجًا متكاملًا لحل الشكاوى، فرد الوزير، ابن وزير الداخلية الأسبق المشهور بالعنف زكي بدر، بقوله: "عندك مشروع كامل، طب إطلع بيه على أميركا!".
لا دعم إلا لأجهزة الكفته
في الوقت الذي يقابل مسؤولو الانقلاب اختراعات الشباب بالسخرية والإحباط، يوجهون كل أنواع الدعم لاختراعات فاشلة جعلتنا أضحوكة العالم.
حيث ثار جدل واسع بشأن إعلان القوات المسلحة المصرية عن تطوير جهاز لعلاج فيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" ومرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وذلك وسط سخرية من المتخصصين حول إمكانية تحقيق ذلك من الناحية العملية.
وكان الجيش عقد مؤتمرًا صحفيًا بحضور قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، أعلن فيه عن ما وصفه بأنه أحدث المبتكرات العلمية والبحثية لاكتشاف وعلاج الإيدز وفيروس سي.
وأكد أن فكرة الجهاز تعتمد على التأثير على التركيب الجينى للفيروس، من خلال تمرير دم المريض على الجهاز، في عملية تقوم خلالها موجات كهرومغناطيسية بـ"تأيين" الفيروس، أيا كان نوعه.
وتلقى مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في مصر الإعلان عن الجهاز بسخرية بالغة، حيث وربط البعض بينه وبين ترويج السلطات في ستينيات القرن الماضي لتطوير أسلحة محلية للردع في مواجهة إسرائيل من طائرات وصواريخ قبل أن يتلقى الجيش هزيمة في حرب يونيو 1967.
وبموقع تويتر، انتشر هاشتاج #الكفتة، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها اللواء عبد العاطي، مخترع الجهاز.
وجاء ذلك بعدما قال عبد العاطي إن أسلوب العلاج الجديد يتضمن سحب الأيدز من المريض ووضعه في قطعة من "الكفتة" ليتغذى عليه المريض.
كما ربط مستخدمون بمواقع التواصل الاجتماعي الجهاز الجديد بمصطلح "الفنكوش"، وبدا ربط المستخدمين للجهاز الجديد بهذا المصطلح كنوع من التهكم من الجهاز باعتباره أحد المشاريع الوهمية التي يصدرها العسكر للمصريين.
الهروب للخارج
ازدادت معاناة العديد من الشباب فى مصر من التهميش وفقدان الأمل وقلة الإمكانيات والتجاهل، خاصة أهل العلم منهم، والمخترعون، الأمر الذي يجعلهم يفكرون فى السفر الى أقرب دولة تحتوى أفكارهم العلمية وتحقق أحلامهم وطموحاتهم.
ففى وقت سابق أعلن الاتحاد العام للمصريين في الخارج، أن تعداد علماء مصر في الخارج وصل إلى 86 ألف عالم، لتحتل مصر المركز الأول على مستوى العالم فى عدد العلماء، كما أن 1883 عالمًا مصريًّا يعملون في تخصصات علمية نادرة، و9 علماء فى الهندسة النووية و3 فى الطبيعة الذرية و98 فى الأحياء الدقيقة و193 فى الالكترونيات والحاسبات والاتصالات، مشيرًا إلى أن حجم الفرص الاستثمارية التى قدمها العلماء فى كافة الدول تعادل حجم الاستثمار الموجود فى مصر.
ويؤكد الخبراء أن الشباب المخترعون يتعرضون في ظل حكم العسكر إلى جميع أنواع الضغوط الاجتماعية والسياسية والاقنصادية، ومع وجود عدم التقدير للعقول الصغيرة والمخترعين من قبل الدولة يصبح الشباب مضطرًا للجوء إلى الأخرى لإيجاد فرصة قوية لتحقيق حلمة الذى يستحيل تحقيقة فى مصر مع أنه حق أصيل لأى مواطن مصرى.
أضف تعليقك