بعد سياسة التقشف التي تتبعها حكومة الانقلاب العسكري مع الفقراء كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن مصر تحتل المرتبة الـ59 عالميًا من بين 118 دولة، والـ3 عربيًا وفقًا لـ"مؤشر الجوع العالمى" العام الماضى، بينما جاءت في المركز 57 عالميًا بين 113 دولة، والـ8 عربيًا حسب "مؤشر الأمن الغذائى العالمى" عام 2016، وهناك عدة أسباب دفعت المصريين لهذا الحال.
أعوام من عجز موازنة يدفع ثمنه الشعب
تعاني مصر من عجز شديد في الموازنة منذ الانقلاب العسكري والتي يقابلها تخفيض في الدعم، فمؤخرا أعلن المركزي للإحصاء عن زيادة عجز الموازنة العامة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2016 / 2017، مقارنة بالعام المالي الماضي 2015 / 2016، بزيادة 2.1 مليار جنيه حيث بلغ العجز للعام المالي الحالي 174.6 مليار جنيه ما يعادل 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 172.5 مليار جنيه العام المالي الماضي.
التعويم
أدى تعويم سعر الجنيه أمام الدولار الأميركي إلى ارتفاع الأخير ليصل من 8 جنيهات إلى 20 جنيهات، وما نتج عنه من ارتفاع كبير في الاسعار وصلت إلى 400% في بعض السلعة، وأقل زيادة كانت 50% ، ما تسبب في وصول نسبة التضخم إلى 33% وسط توقعات بزيادة كارثية كبرى,
تخفيض الدعم بسبب القروض
تسبب قروض صندوق النقد الدولي في إلزام مصر بشروط تخفيض الدعم وهذا ما رضخت إليه حكومة الانقلاب، حيث قامت برفع سعر الوقود مرتين الأولى في 2014 والثانية في 2016، بالإضافة إلى زيادة فواتير الكهرباء والغاز والمياه والمواصلات.
التحفظ على الجمعيات الخيرية
لم يتح الانقلاب العسكري المجال للجهات الأخرى "الخيرية" حتى تعوض هؤلاء عن الأشياء التي طالما حرموا منها، فمارس مجلس الوزراء التضييق على الجمعيات الخيرية وإلحاق الأذى بسمعتها، حيث قام البنك المركزي بعد الانقلاب على مرسي بالتحفظ على أموال العديد من الجمعيات، وتوقفت مساعداتها للقرى التي كانت تمدها بالخدمات، إلا أنها بعد ذلك تمكنت من استعادتها مرة أخرى دون أي اتهامات، لكن بقيت السمعة السوداء تلاحقها.
أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن نسبة المصريين تحت خط الفقر بالنسبة للعام الحالي، فكانت 26.3% من السكان، مما يعني أن أكثر من ربع المصريين دون خط الفقر، الأمر الذي يوضح المعاناة والمأساة التي يعيشها المواطن البسيط في حياته اليومية، فقد أظهر تقرير “بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك” الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري استمرار ارتفاع نسبة الفقر بمصر كل عام عن سابقه، حيث تمثل نسبة 26.3% في التقرير الأخير عام 2012 – 2013 زيادة 1.1% عن العام السابق، بينما بلغت نسبة “الفقر المدقع” 4.4% من السكان.
من المتعارف عليه أن الحكومات السابقة في مصر ودول العالم، عندما يتم اختيارها لتولي المسئولية، فأول ما تتعهد به عدم المساس بالدعم؛ نظرًا لأنه الحصن المنيع الذي يكفل للفقراء أدنى درجات المعيشة، إلا أن مجلس الوزراء الحالي سرعان ما غير القسم وأصدر قرارًا بإلغاء الدعم نهائيًا على مدار الخمس سنوات بدءًا من 2014، والبداية كانت بزيادة أسعار الكهرباء والبترول، وبالتالي تسعيرة وسائل المواصلات، وتركت المواطن في نهاية الأمر يلقى مصيره وحده، فى الوقت ذاته، لم يشمل رفع الدعم الفئة الأكثر ثراءًا، حي المصانع الأكثر استهلاكًا للطاقة والكهرباء والبترول.
الحد الأدنى للأجور
وإذا نظرنا إلى الحد الأدنى للأجور، فهناك فئات كثيرة في الدولة ما زالت غير خاضعة له، حيث نظم العشرات من موظفي مديرية الصحة بمحافظة الجيزة، وقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة؛ احتجاجًا على ضعف رواتبهم التى لا تتعدى 600 جنيه بما يعادل نصف المرتب الذي من المفترض أن يتحصلوا عليه، وفي الجانب الآخر، هناك بعض الوزارات والمؤسسات الرسمية التي رفضت خضوعها للحد الأقصى الذي يمثل 42 ألف جنيه ومنها البترول والمالية والعدل وعدد من البنوك، حسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي أشار إلى أن مرتبات بعض المسئولين مازالت تتعدى الـ100 ألف جنيه.
واستمرارًا لسياسة زيادة الغني، أصدرت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، فتوى بعدم خضوع العاملين بالشركة المصرية للاتصالات لقانون الحد الأقصى للأجور.
وفي واقعة جديرة بالذكر توضح مدة الظلم الذي يتجرعه المواطن البسيط، وصفت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، في أحد أحكامه بشهر سبتمبر 2014، الحكومة بأنها تعطل حق الفقراء الدستوري وغير القادرين فى العلاج المجاني، وقالت المحكمة إن ذلك يعد مهانة إنسانية ويخلق لدى المريض الفقير الشعور بالاغتراب في وطنه وهو أسوأ أنواع القهر مما يضعف رابطة الولاء السياسى والانتماء بين المواطن ووطنه، كما أن الإمعان فى تعطيل العلاج لهم هو استخدام الفقر لإذلال الروح، مما يضاعف من مرضهم وآلامهم، وهو أيضا أسوأ أنواع قهر الإنسان لأخيه الإنسان، ودعت المحكمة الحكومة لأن تعامل الفقراء فى مجال الرعاية الصحية، وهم عصب الأمة والعامل الأساسى فى تشكيل الحياة، بمثل ما تعامل به المشاهير فى كافة المجالات انبثاقًا من توحدهم وانصهارهم فى بوتقة المواطنة.
أضف تعليقك