كان عبد الفتاح السيسي مؤهلا لقيادة مصر لتكون دولة فاشلة، وقد سعى لذلك وفشل، لتصبح على يديه الدولة البزراميط، أو "أشباه الدولة" بحسب وصفه هو، والدولة هنا تستخدم بمعنى السلطة!
يتحدث السيسي عن خطورة استخدام الجيش للقوة في سيناء عندما كان وزيرا للدفاع؛ لأن "إطلاق النار" سيواجه بإطلاق نار متبادل، ينبغي للجيوش ألّا تكون سببا فيه باعتبارها أداة قتل، وعندما يقوم بانقلابه، يطلب تفويضا لمواجهة "الإرهاب المحتمل" فينجح في جعله واقعا بعد أن حول سيناء إلى ساحة حرب لم يقف الرأي العام على تفاصيلها.
ويعلن أن الجيش إذا تدخل في العملية السياسية فإن هذا سيؤدي إلى تأخر البلاد لثلاثين أو أربعين سنة، وعلى أساس أنه ضد هذا الاختيار البغيض، لكن الأيام تكشف أنه هذا ما كان يفكر فيه فعلا، فكان انقلابه ليحكم الجيش بشكل لم تعرفه البلاد، حتى مع الانقلاب العسكري في يوليو 1952!
ولهذا؛ فقد وضعت يدي على قلبي وعبد الفتاح السيسي يعلن أن هناك من قدموا له خطة بتهجير أهالي العريش لكي يواجه الإرهاب هناك، لكنه رفض هذه الخطة، وهو عندما يقول هذا يكون لسانه يحدث بما يخطط له فعلا، وفقا لسوابقه!
لقد استنكرنا على السيسي وصفه للدولة المصرية بأنها "أشباه دولة"، ولمصر بأنها "وطن ضايع"، فماذا ينفع التعليم في "وطن ضايع"، لكن من الواضح أنه أكثر دراية منا بالوضع الذي آلت إليه البلاد في ظل حكم العسكر!
لقد تعاملنا مع قصة "المستشار الرئاسي المزيف" باعتبارها عملا فكاهيا، مع أنها كاشفة عن "شبه الدولة" و"الوطن الضائع"، ففي أي وبلد يمكن أن نجد فيها من ينتحل صفة مندوب الرئيس بدون يهتز له رمش، إلا إذا وصله الشعور بأنه يعيش "البزراميط"، فقرر أن يكون جزءا منه؟!
هذه القصة لا يمكن تركها تمر مرور الكرام، فهي أكبر من أن تكون مادة للسخرية لأنها عنوان لمرحلة، وفي صفحات الحوادث بالصحف عرفنا التشكيلات العصابية التي تنتحل صفة رجال الشرطة، لكن لم تهن مؤسسة الرئاسة حد أن يتطاول عليها المحتالون إلا عندما وصل "الدكر" إلى سدة الحكم، فهل لا يزالون يذكرون وصفهم للسيسي بأنه "الدكر"؟!
"
السيد الدويك"، وقد كشفت التحريات – والله أعلم بصحتها – أنه مسجل نصب، ومع هذا فقد ارتدى بدلته، ووقف أمام المرآة وهو يربط ربطة العنق، ولمع حذائه، وذهب إلى عزاء الدكتور عمر عبد الرحمن، ليقدم نفسه لأسرة الرجل بأنه حضر مندوبا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويبلغ الأسرة تعازي الرئيس في الدكتور عمر، ثم ينصرف بعد ربع ساعة قضاها في السرادق المعد لذلك، قبل اكتشاف حقيقته!
وعندئذ تم الإعلان عن أن الرجل حضر مؤتمرا عقدته جامعة أسوان بذات الصفة "مندوب الرئيس"، وأن الجامعة وفقا لرواية أحد أساتذتها في برنامج "العاشرة مساء" تحملت نفقات إقامته طيلة أيام انعقاد المؤتمر، ولم يتم اكتشاف أمره إلا بعد حضوره العزاء، فهل أبلغت إدارة الجامعة المحافظ أن مندوبا للرئيس حاضر لعدة أيام، ولماذا لم يجرؤ المحافظ، وهو لواء بالجيش، أن يستفسر من الرئاسة عن حضور مندوب عنها؟، فهل خشي أن يقال له بألا يتدخل فيما لا يعنيه؟.
كان يمكن ألا يعلم رئيس جامعة أسوان، والأساتذة، أن المندوب الرئاسي مزيف، لولا افتضاح أمره عندما حضر في عزاء مفتوح، وكانت وسائل الإعلام هي التي ألقت الضوء على حضور
مندوب عن السيسي للعزاء في الشيخ عمر عبد الرحمن!
وعندما يتجاسر تشكيل عصابي فيسرق سيارة تابعة لرئاسة الجمهورية، فإن هذا يأتي ليؤكد أن المهزلة تحكم مصر، فلا يحتاج تشكيل متخصص في سرقة السيارات إلى جهد ليعلم أن هذه السيارة تتبع جهة سيادية، إن لم يتعرف بأنها تابعة لرئاسة الجمهورية!
اللافت في هذه الواقعة أن المهانة لم تقف عند حد سرقة سيارة الرئاسة، حيث تبين أن زوجة مساعد رئيس الجمهورية كانت تستقل هذه السيارة قبل أن تستوقفها العصابة وتسولي عليها، فمنذ متى كانت سيارات الرئاسة تستخدم في "مشاوير الحريم"؟!..وإذا كنا نتفهم أن تستخدم "حرم السيسي" سيارات الرئاسة، فإن المثير أن تستخدمها زوجات من ليس لهم اختصاص دستوري!
واقعة سرقة سيارة رئاسة الجمهورية حدثت في وقت يدعي فيه أنصار السيسي أنه حقق الأمن الذي كانوا يفتقدونه في عهد الدكتور محمد مرسي!
ما علينا، فلا يمكن قراءة قصة المندوب المزيف، إلا بالتذكير بقصة مختطف الطائرة، الذي شغلونا به يوما بطوله، قبل أن نرى صوره وهو يجلس مع المضيفات المختطفات كما لو كان في صحبة بكازينو الشجرة، فلا يملك في يده أسلحة وتبين أن التهديد بحزام ناسف كان دعاية رخيصة من قبل السلطات في مصر، وتم إسدال الستار على قضيته وذلك لأنه سيحاكم بعيدا وفي قبرص،
ولم يهتم حتى مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بمتابعة محاكمته!
بالقانون الدولي، كان ينبغي أن يسلم المتهم للسلطات المصرية لتتم محاكمته في مصر، ليس لأنه يحمل جنسيتها ولكن لأن الجريمة وقعت على أرض مصرية، فالطائرات هي جزء من أرض الدولة المالكة لها، لكن من الواضح أن السلطات القبرصية كانت ضالعة في هذا الفيلم الهندي مع القوم في القاهرة!
لقد قرأت مؤخرا أن القضاء القبرصي قال بترحيل المتهم إلى مصر، ثم جرى التكتم بعد ذلك على أمره، لأن محاكمته في مصر ستجعل المحاكمة تحت الضوء، ويبدو أن هناك حرص على إخفاء حقيقة ما جرى.
يبدو خاطف الطائرة قريب الشبه بالسيد الدويك "المندوب الرئاسي المزيف"، وعندما نسمع لهما، فمن المؤكد أن نقف على تفاصيل القصة، ومن الملاحظ أن الإعلام المصري لم يتابع عملية التحقيق مع "الدويك" لأسباب غير معلومة فهل الحقيقة تنفي قصة انتحال الصفة؟!
سواء كان تصرف "الدويك" تطاولا على مقام الرئاسة، أو كانت قصته من اختراع الأجهزة الأمنية لحاجة في نفس يعقوب قضاها، فأي الاحتمالين يؤكد أن مصر تحولت على يد العسكر إلى الدولة البزراميط!
في انتظار حقيقة "السيد الدويك"، و"سيف الدين مصطفي" خاطف الطائرة!
أضف تعليقك