قبل عدة شهور كان التبشير بقناة «DMC» ، التي كانت تنسب إلى الاستخبارات، وهو ما كان يطلقه عليها حتى من يعملون فيها، فالبعض يختصر اسمها في «دمس»، والبعض الآخر يختصرها في «قناة الاستخبارات» من دون تحديد، فلا نعرف ما إذا كانوا يقصدون الاستخبارات العامة أم الحربية التي كان يتولى أمرها لعام واحد الأخ الأستاذ عبدالفتاح السيسي، وبالإرادة الحرة من المخلوع مبارك، وبترشيح من الأب الروحي له المشير محمد حسين طنطاوي!
هناك من لم يملوا من التأكيد على أن السيسي هو من رجال الاستخبارات، وذلك لتبرير هزيمتهم على يديه، ومن هنا يكون مهماً التأكيد على أن مجمل خبرته في هذا المجال هو عام واحد، حيث يفوقه في الخبرة الاستخباراتية الشيخ عبود الزمر، الذي التحق بالعمل في الاستخبارات الحربية بعد تخرجه حتى حصوله على رتبة «المقدم» قبل اتهامه في قضية اغتيال السادات.. ما علينا!
لقد سئل أحد الإعلاميين المتعاقدين مع «DMC» عن مالكها فزاد الأمر غموضاً وهو يظن أنه يكشف عن المالك الحقيقي، حيث ذكر أن من وقع العقد معه هو «طارق إسماعيل» مالك القناة، وهو، حسب كلامه، لا يحب الظهور الإعلامي.
وهو أمر عجيب حقاً، أن يكون المالك شخصاً هبط على المجال الإعلامي بـ «البارشوت»، ولأنه لا يحب الظهور الإعلامي، فلا يمكن بالتالي لأحد الصحافيين أن يجري معه حواراً ويسأله سؤالين على درجة كبيرة من الأهمية: السؤال الأول: ما هي الدوافع وراء إنفاقه الملايين في مشروع خاسر من الناحية الاقتصادية؟، والسؤال الثاني: من أين لك هذا؟!
فعندما انطلق إرسال القناة اكتشفنا أنه شبكة وليس مجرد محطة، حيث تم إطلاق ثلاث قنوات إلى الآن، وهناك ثلاث قنوات أو أربع في طريقها للبث، وهو أمر يرهق ميزانية أي دولة، فمبالنا بميزانية شخص، صعد أو هبط هو مجرد رجل أعمال، وما هو النشاط الاقتصادي الذي يدر على صاحبه أرباحاً بالمليارات سنوياً فيبددها على عدة قنوات تلفزيونية وليس مجرد قناة، وهو أمر، لو صح، لأصبح من سلطة ورثته قانوناً الحجر عليه.
فمن هو الرجل الشبح «طارق إسماعيل» الذي وصفه بعض الكتابات بـ «اللغز»!
صاحب الضريح
الإعلامي عامر الوكيل وصف القناة بـ «اللقيطة»، أي مجهولة النسب، لأنه لا يصدق أن «طارق إسماعيل» هو المالك. واللافت أن شبكة «DMS»، ميزانيتها بالمليارات، وليست مجرد قناة مثل «دريم»، أو «المحور»، والأولى مملوكة لرجل الأعمال «أحمد بهجت»، والثانية يملكها رجل الأعمال «حسن راتب»، وهما وإن كانا وجدا في عهد مبارك أن الإعلام سلاح يحمي الثروة، فإن ما كانا ينفقانه على الدعاية لمشروعاتهما الاقتصادية، فإن هذا الإنفاق هو أقل قليلاً مما ينفق على فضائية من بابها، تعتمد في النهاية على برنامج رئيسي، وما دونه هو حشو وملء هواء!
ومع ذلك، فإن مالك «دريم» لم يعد قادراً على الإيفاء بالتزاماته تجاه من يعملون في القناة، فتتأخر رواتب العاملين فيها لعدة شهور، ولهذا فإن برنامج «العاشرة مساء» معرض للتوقف بسبب ضيق ذات اليد، فالأزمة طالت حتى البرنامج الرئيسي.
ليصبح من حقنا أن نسأل عن نشاط «طارق إسماعيل»، وقيمة الإعلانات التي كان ينشرها في وسائل الإعلام لينفق المليارات بديلاً على شبكة من القنوات التلفزيونية، وفي ظل ظروف اقتصادية بالغة السوء؟!، لاسيما وأن الرواتب التي تقدمها القناة للعاملين فيها تفوق تلك التي يحصل عليها من يعملون في أكبر المحطات الناطقة بلغة الضاد، ومن «بي بي سي» إلى «الجزيرة»، ومن «سكاي نيوز عربية» إلى «العربية»!
نبدد جهدنا في كلام بيزنطي إن سلمنا بأن المذكور هو المالك الفعلي لحزمة القنوات هذه، مع أنه ليس أكثر من واجهة، وأمامنا أدلة على أن السلطة هي المالك لها، ودور الأجهزة هو فقط الإدارة لصالح صاحب الضريح عبد الفتاح السيسي!
الدليل الأول: هو أن هذه القناة أقدمت على تصرف غير مسبوق وهو استخدام طائرة في الوقوف على حركة المرور في العاصمة المصرية، وهو أمر فضلاً عن كلفته المادية الباهظة، فإن مثل هذه الجولات تحتاج إلى موافقات أمنية شديدة التعقيد، فليس من سلطة أحد أن يتجول في سماء مصر، التي تعتبر حيازة طائرة تستخدم في التصوير التلفزيوني جريمة أمن قومي، عندئذ تتحرك الأجهزة الأمنية لتهتف أنها ضبطت في حوزة أحد الأشقياء طائرة من دون طيار!
ولا أنكر أنني كنت قبل أن أشاهد هذه الطائرات تباع للعامة في أحد المحلات التجارية في «الدوحة»، أعتقد مع كل خبر عن القبض على طائرة من دون طيار في حيازة أحد، أنها طائرة حربية، لا سيما عندما جرى توجيه الاتهام للدكتور عبد الحي الفرماوي أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، قبل الثورة، بأنه يقوم بصناعة طائرات من دون طيار، وقبل أن اكتشف أنها ليست شبيهة بالطائرة الورق، التي كنا نصنعها صغاراً بأنفسنا ونرخى لها الحبل فتتمدد في الفضاء، ولم يثبت في التحقيقات أن «الفرماوي» كان ضالعاً في صناعة الطائرات سواء «الورق» أم «الخشب»!
التهمة: حيازة طائرة
الذين يعملون في مجال إنتاج الأفلام الوثائقية يملكون هذه الطائرات حيث يسمح لهم بالمرور بها في كل مطارات العالم، إلا مطار القاهرة الدولي، وأخيراً قامت سلطات الأمن في المطار بالقبض على «ريم جبارة»، ووجهت لها الاتهام بأنها تعمل في قناة «الجزيرة»، مع أن كل علاقاتها بالجزيرة أنها حصلت على دورة في مركز التدريب بها، ثم أنها تواصل دراساتها في أحد المعاهد الأمريكية ومع ذلك لم يتم اتهامها بالعمل لصالح الـ «سي آي أيه»!.. أما التهمة الثانية فهي أنها ضبطت وفي حوزتها طائرة بدون طيار، تملكها باعتبارها منتجة للأفلام الوثائقية!
وبلد يجرم حيازة الطائرات الورقية، كيف يمكن لأي قناة تلفزيونية خاصة أن تتحرك في سماء القاهرة الكبرى هكذا للوقوف على حركة تكدس المرور في شوارعها؟!
الدليل الثاني: أن القناة الوليدة، منحت امتيازاً لم تمنحه قناة تلفزيونية خاصة من قبل وهو بث نشرات الأخبار وبعض برامجها من «ماسبيرو»، حسب ما ذكره زميلنا «عامر الوكيل»، وليس الامتياز هنا خاصاً باستخدام مبنى واستوديوات وإمكانات التلفزيون الرسمي، ولكن بالإضافة إلى هذا فإن الامتياز بالسماح لها بالبث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي، وهو أمر ممنوع بحكم القانون!
من دون لف أو دوران، فإن «DMS»، هي القناة الرسمية للسيسي، ومع كل الإمكانات الممنوحة لها، فقد كان الفشل حليفها من أول يوم، فالسيسي طبق عليها معاييره العسكرية، فإذا كان قد ذكر في خطابه الأخير أنه لن يسمح في الجيش بمن له توجه سياسي أو ديني، فقد انزل الأمر على محطته التلفزيونية فاختار لها إعلاميين بلا مرجعية فكرية أو سياسية، فالولاء فقط لصاحب المحل هو المطلوب، فكأن الأداء كـ «الطبيخ البايت»، على وشك أن يفسد، وكانت خيبة الأمل راكبة جمل!
فلا يوجد إعلامي واحد في القناة المذكورة، يمكن أن يمثل أداة جذب للمشاهدين، وإذ استشعر أولو الأمر في هذه القناة هذه الرسالة الإعلامية الباهتة، فإنهم يفكرون الآن في الاستعانة بإبراهيم عيسي، الذي تم إيقاف برنامجه لأنه حاول أن يمارس النقد لبعض المؤسسات الرسمية مثل البرلمان في قناة «القاهرة والناس»، وإذا عاد فسوف يبحث عن الإثارة بعيداً عن السياسة كعادته تماماً، عندما تضيق الساحة السياسية بالنقد ولو المهذب منه، فيتمدد في المجال الديني، مستخدما المراجع الشيعية، التي لم يطلع عليها المشاهد أو القارئ، كما يفعل الآن في جريدته «المقال»، فيبدو ما يقوله جديداً وغير مسبوق، وليستكمل رسالة فيلمه «مولانا»!
لقد تمخض السيسي، فولد «DMC»، وكأنه المال الحرام، الذي ورد في الأثر أنه يذهب من حيث أتى، فاته أن الإعلام ينجح بالحرية، وليس بثقافة المعسكر وإدارته عبر حضرة الصول «عطية»، في فيلم «إسماعيل يسن في البحرية»!
إنها الخيبة الثقيلة.
أرض – جو
■ لم أتحمس يوماً، للمشروعات الإعلامية للوليد بن طلال، لكن أحزنني أن يتم إعلان إغلاق قناته «العرب» نهائياً بعد تجربة بث قصيرة قبل عامين من البحرين.
■ لم يكد ضيف مذيعة التلفزيون المصري يذكر عبارة «العقوبة السالبة للحرية» حتى امتلأ وجهها بالدهشة وهي تقول: لأول مرة أسمع هذه العبارة. غريبة! مع أنها تقترب من الستين، وقد عملت مذيعة قبل «فحت البحر»، إنها المادة الخام للجهل!
■ في حديث قديم مع «طارق حبيب» أعادت قناة «ماسبيرو زمان» إذاعته، قال الفنان «زكي طليمات» إن أمينة رزق تجيد البكاء بكل أنواعه وأنها تبكي بكل لغات الدنيا. تُرى ماذا سيكون رأيه لو عاصر البكاء عبد الفتاح السيسي؟!
■ «التفاهة» يمثلها برنامج «نفسنة» على قناة «القاهرة والناس»، إنه تجمع لعدد من الممثلات الفاشلات، وهكذا أصبح التقديم التلفزيوني مهنة من لا مهنة له.
■ انتهى عرض الجزء الثاني من مسلسل «الشهد والدموع»، على قناة «ماسبيرو زمان»، وقد تعرض لجانب مهم من حكم العسكر، وفيه كانت النصيحة لرجل أعمال من «العهد البائد» أن يتبرع للجيش بمئة ألف جنيه لحماية رأس مال «يوسف شعبان» من التأميم. النصيحة نفسها التي قدمت للاعب الكرة «محمد صلاح» فانتقل من الخيانة إلى الوطنية في برنامج أحمد موسي!
أضف تعليقك