وللطوبة الصغيرة دور كبير
فرق كبير بين طوبة منفردة لا قيمة لها . وطوبة مع أخواتها بالجدار .
آلاف القطع الصغيرة حول الأعمدة، كأنها الجنود حول قادة الميدان، جميعها تلبس نفس الزى، لها نفس اللون والشكل، نفس الوزن والحجم .
تم إعدادها جيدا، خرجت كلها من قالب واحد، تعرضت للحرق قبل البناء، فخرجت أكثر قوة وصلابة، وأصلبها من كان فى قلب الحريق .
لا تستطيل إحداها على الأخرى، ولو استطالت لكانت لها آلة البناء بالمرصاد تهذبها وتقومها فشرط الانتماء هنا ألا يستطيل أحد على أحد ولا يبرز أحد على الآخرين ولو كان البروز مجرد نتوء صغير، إما أن يستأصل البروز أو يخرج خارج الجدار .
الجميع متساوٍ داخل البناء الكبير، المساواة شرط البقاء وشرط النجاح وشرط الجمال .
الوقوف صفا واحد يقوى الجميع ويحمى الجميع .
لا قيمة لطوبة منفردة مهما كانت قوية وصلبة، مهما كانت جيدة ومتينة .
مجرد طوبة صغيرة لن يلتفت إليها أحد إذا صادفها فى الطريق، قد يعبث بها طفل صغير .
لكنها حين أصبحت جزءا من البناء الكبير حين رضيت بالمساواة أصبح لها شأن وقيمة لم يعد اسمها طوبة أصبح كل الطوب يسمى جدارا .
قوية فى الجماعة قادرة على التصدى للرياح والأعاصير، اللصوص والعابثين .. من عندها تنفتح وتنغلق الأبواب . حين يشير إليها أحد لا يقول هذه طوبة، لكنه يقول هذا جدار متين .
طوبة صغيرة حين أصبحت هنا مع أخواتها بالبناء، أصبح لها شكل ومهابة حتى يكاد الناس ينسون الأساس المتين والعمود الكبير ولا يتذكرون إلا الجدار . وكأنه الجيش الكبير لا يعجب الناس منه إلا شكل الجنود وعدد الجنود وانتظام الجنود واصطفاف الجنود .
يظن الناس أن حياة المرء مع نفسه ولنفسه أفضل وأن الانتماء لكيان كبير لا يفيد وأن السير يمينا ويسارا بلا قيود استمتاع وحرية وأن التساوى مع الآخرين انتقاص من قدره لكن الله أرادها كذلك .
كذلك فى صفوف الصلاة وصفوف الجهاد وصفوف العمل، اتحاد وانتماء يقوى الجميع .
أرادها الله مساواة وعدالة وحب، أرادها الله كذلك، خير لكل الناس، فاتحاد البشر ولو كانوا صغارا، يجعل الجميع كبارا .
وإن الحياة مع الجماعة خير من حياة الفرد .
- مهندس مدني
أضف تعليقك