قبيل بداية سهرة 30 يونيو 2013 وقف أحد قادة ما سمي بجبهة الإنقاذ مخاطباً الناس قائلاً: " إحنا نازلين الميدان إوعه حد يقول لأي حد جنبه أنت فلول الموضوع ده انتهى خلاص كلنا مصريين"، كانت هذه الكلمات القليلة كافية لأن تحدد لكل صاحب عقل أن المتحدث يستدعي الثورة المضادة للإطاحة بكل مكتسبات ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكانت كافية أيضاً للحكم بأن المتحدث قد تحالف مع الدولة العميقة ويقوم بتضليل الناس والادعاء بأن القادم هو عمل لمصلحة الثورة في حين أنه يمهد للانقلاب عليها.
وبالفعل وجدنا نوعية مختلفة تماماً قد نزلت في تلك الليلة عن تلك التي نعرفها والتي نزلت في ثورة يناير، فكم شاهدنا وسمعنا روايات قد حدثت من تحرش جنسي جماعي بالفتيات، وتناول للمخدرات تحت أعين أفراد وضباط الشرطة وسرقات بالإكراه وغير ذلك من الجرائم الكاشفة عن نوعية نسبة كبيرة ممن شاركوا في هذا الجمع، فكان من ثمار هذه الليلة تلك الكوارث التي تعيشها مصر الأن .
لكن جانب ممن ناصر ثورة يناير بالأمس بدأ يسير على نفس خطى سهرة 30 محاولاً استدعاء كل الآفات الموجودة في الشارع المصري بدعوى المشاركة في إسقاط حكم العسكر، وبدأ يتعامل مع ذكرى ثورة يناير بأنها ذكرى مولد سيدي 25 !!!
مولد سيدي 25 !
وفي المولد تجد كل المتناقضات بمعنى أنك تجد مجموعة من الناس تقف وتقوم بحركات وتتمتم بكلمات تذكر فيها الله، ومجموعة أخرى تلهو بألعاب المولد، وهذا الفتى يحاول أن يغازل تلك الفتاة وقد تجد غانية خرجت تبحث عن رزقها بين الرجال، .. إلخ إلخ.
وفي مولد سيدي 25! أصبح الجميع مدعوًا إلى حضور المولد تحت مسمى يناير يجمعنا .. عفواً أقصد المولد يجمعنا، وأصبحنا نرى جانبا كبيرا من المتناقضات غير المفهومة –لدى البعض– فهذه الضحية تقف بجوار جلادها، وتنتظر منه نصرته، وحشد من إعلاميين كان من المفترض أن يحافظوا على مهنيتهم واستقلاليتهم إلا أنه قد تم استدراجهم للتوقيع على بيانات سياسية، وتزداد عجباً عندما ترى أهل الشهيد يوقعون على بيان مشترك مع من شارك في قتل ابنهم أو ابنتهم وخرج قبل دفن الجثة يرقص في الشارع على أنغام تسلم الأيادي!!!
حتى أن أحدهم وقف في منتصف المولد وقد أمسك بمكبر الصوت ينادي على كبير إعلامي العسكر يناشده الصداقة والأخوة والمودة التي تجمعهم أن يوقع معهم ميثاق أو أن يحضر معهم هيصة المولد !
لبيقي السؤال الذي ينتظر الرد من المنصفين فقط .. هل يعتقد عاقل أن هذا المشهد بهذه المكونات هي مقدمات ثورة ناجحة؟
الاصطفاف مع أعداء الثورة
إن الثورة التي تسعى إلى الاصطفاف مع أعدائها وتصافح القتلة، وتبتسم في وجوه الخونة هي ثورة قد اكتسبت درجة من الميوعة والتراجع لا تسمح لها بالانتصار ما بقيت على هذه الحالة.
إن رؤيتي لهذا المولد أنه قد أراد منه أن البعض يريد أن يعلن عن وفاة ثورة 25 يناير، وأن كل محاولات إسعاف الثورة قد فشلت إلا ان بعض الحضور داخل هذا المولد يستحي أن يذكر ذلك صراحة أمام أنصاره وجماهيره فراح يجمل الكلمات تارة تحت دعاوى الاصطفاف المزيف وتارة باسم التجمع الذي خلط بين الشريف والفاسد فلم يعرف الفاسد من الشريف الذي وقف إلى جواره ،ولكن الشريف قد طاله أذى الفاسد؛ لكن هل هذا المولد سينفض على هذا المشهد المؤسف أم ان المشهد لم ينته بعد ؟
إنني أرى في قادم الأيام القريبة ما هو أسوأ فقريباً سيُتهم كل من ينادي بالقصاص من القتلة أنه عدو للثورة، وأنه يسعى إلى شق الصف ، وقريباً سيرمى كل من ينادي بالشرعية بأنه يضع العربة أمام الحصان لكي لا تتقدم الثورة ، وقريباً سيطعن كل من دافع عن مكتسبات ثورة 25 يناير بأنه عميل مدفوع لإفشال الثورة .
إنني أدرك ان ليست كل الثورات التي قامت نجحت؛ ولكن الثورات التي نجحت كانت لها رؤية واضحة وأهداف محددة تسعى إلى تحقيقها، وهي في سبيل تحقيقها لهذا النجاح تمر بعثرات ليست بسيطة لكنها في أثناء مرورها بهذه العثرات فإنه يحمل همها رجال يدافعون عنها، ولا يسمحون بكسر ثوابت الثورة، وأهدافها التي ضحى الشعب من أجلها ، وأن يضعوا دوما ًالحد الفاصل بين الثورة وبين الدنية مهما طالت المدة وعظمت التضحيات؛ فإن الثمرة التي نرجوها ليست بالقليلة ولنا في الأسرى الصامدين خير قدوة لنا على هذا الطريق .
ش
أضف تعليقك