• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا برفض الطعون المقدمة من حكومة الانقلاب على حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء اتفاقية بيع جزيرتي تيران وصنافير، واعتبار الجزيرتين مصريتين، خاضعتين للسيادة المصرية، هلل المصريون لهذا الحكم واعتبروه حكما تاريخيا، وذهب البعض بأن القاضي الشريف ينتمي لعائلة الشاذلي الوطنية، كما تباينت ردود الأفعال بعد هذا الحكم؛ فقائل أن هذا الحكم مسيس، وأن هناك صراع مؤسسات وصراع أجنحة، والسؤال أين هي المؤسسات المتصارعة؟ فلا يوجد فى مصر الآن إلا مؤسسة عسكرية انقلابية واحدة، ودولة عميقة واحدة تتشكل من العسكر والشرطة والقضاء والإعلام الانقلابي، هي التي تقود الثورة المضادة!! وقائل يقول: أن الحكم جاء لإلهاء الشعب والتغطية على فشل النظام الانقلابي، وعلى الزيارة المرتقبة لوفد صندوق النقد الدولي والذي سيطلب من النظام الانقلابي رفع أسعار المحروقات!! بينما ذهب فريق ثالث إلى القول: بأن الحكم جاء تمهيدا للجوء السعودية للتحكيم الدولي!

أيًّا كان الأمر؛ فمن حق أي إنسان أن يحلل الأحداث من وجهة النظر التي تروق له، لكن يجب أن لا يغيب عن أذهاننا أن قائد الانقلاب لا يمكن أن يسمح لحكم كهذا أن يرى النور، لو كان يساوره أدنى شك في تأثير ذلك الحكم عليه، لأن الحكم بمصرية الجزيرتين، يفيد ضمنا اتهامه ونظامه الانقلابي وإعلامه بالخيانة العظمى، طبقا لدستور العسكر نفسه.

وكان قائد الانقلاب قد أكد في كلمة له عقب التخلي عن الجزيرتين للسعودية، بأن كل البيانات والوثائق تؤكد أن جزيرتي تيران وصنافير تتبع السعودية، ولا كلام في هذا الموضوع، خاصة وأن كثيرا من نشطاء السبوبة وداعمي النظام الانقلابي يطالبونه بالتنحي أو العزل أو الإعدام، وهو يعلم تمام العلم أن المادة 77 من قانون العقوبات تنص على: يُعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمداً فعلا يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، وهو ما يُعد خيانة عُظمى. كما أن البند (هـ) من نفس المادة ينص على: يُعاقب بالسجن المؤبد كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية في شأن من شئون الدولة فتعمد إجراءها ضد مصلحتها!! كما تنص المادة 151على: يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.

والسيناريو المتوقع هو أن برلمان العسكر سيقوم بمناقشة اتفاقية بيع الجزيرتين، وستكون هناك مناقشات صاخبة، وتشنجات، مع التلويح بساعات الروليكس هدية الملك سلمان لأعضاء برلمان عبد العال، ولكن في النهاية سيصوت البرلمان على بطلان الاتفاقية وتأييد حكم المحكمة الإدارية العليا، بل ووصف الحكم بالتاريخي، ولكن سنرى على الجانب الآخر بعض أعضاء برلمان عبد العال سيطالبون السعودية باللجوء إلى التحكيم الدولي، باعتبارها المالكة للجزيرتين، وهنا سيهلل الشعب مرة ثانية، وسيهلل نشطاء السبوبة ويصفقون لبرلمان العسكر!!

أما السيناريو الثاني وهو اللجوء للمحكمة الدستورية العليا والتي ستقول كلمتها باختصاص القضاء الإداري بالنظر في الاتفاقيات، حتى يستمر القضاء الشامخ فى دوره فى مساندة الانقلاب والثورة المضادة!! كما أن نائب عام الانقلاب سيصدر قرارا بحظر النشر فى موضوع الجزيرتين بزعم أنه لا تعليق على أحكام القضاء الشامخ!! وعلى ما يبدو أن النظام الانقلابي لا يعبأ بهذا الحكم كثيرا، بل يحاول استثماره فى التهدئة قبل ذكرى ثورة يناير، وانشغال الثوار بالأفراح والليالي الملاح بسبب حكم المحكمة الإدارية العليا، وأن السعودية أعدت العدة للتحكيم الدولي وتعاقدت مع أشهر مكاتب المحاماة فى العالم، وستكون الحكومة المصرية هي طرف فى التحكيم الدولي وبالتالي ستقدم الوثائق والأوراق التي تثبت ملكية السعودية للجزيرتين بما فيها الوثيقة التي عثرت عليها هدى عبد الناصر ضمن أوراق والدها والتي تؤكد ملكية المملكة العربية السعودية لجزيرتي تيران وصنافير، وأن الجزيرتين سعوديتان، وأن مصر تولت الدفاع عنهما خشية قيام القوات الإسرائيلية باحتلالهما، فالتحكيم الدولي سيحكم لصالح السعودية، والتاريخ يشهد بأن مصر خسرت كل قضايا التحكيم الدولي، وآخرها حكم هيئة التحكيم الدولية، التي تنظر قضية دفع التعويضات لشركة الكهرباء الصهيونية بعد توقف ضخ الغاز المصري لتل أبيب عقب ثورة 25 يناير، ألزمت شركات الغاز الوطنية المصرية بدفع تعويضات مقدارها مليار و76 مليون دولار لشركة الكهرباء الإسرائيلية، فيما لم تلزم شركة EMG للغاز التي يساهم فيها رجل الأعمال الهارب حسين سالم بدفع أي تعويضات!!

وقد يقول قائل أن حكم المحكمة الإدارية العليا أثبت بالدليل القاطع أن عصابة النظام الانقلابي مجموعة من الخونة وهو انتصار، هو لما تنازل عن حصة مصر في مياه النيل لم يكن خائنا؟ و لما تنازل عن حق مصر في غاز المتوسط لليونان وقبرص لم يكن خائنا؟ ولما قام بتهجيرأهالي رفح وقصف أهالي سيناء بالأباتشي لم يكن خائنا؟ ولما دمر الاقتصاد المصري بالمشروعات الطائشة الفنكوشية لم يكن خائنا؟ ولما حاصر غزه وأغرقها بمياه البحر لم يكن خائنا؟ وحينما انقلب علي إرادة الشعب وخان رئيسه لم يكن خائنا؟ ثم ماذا تنتظر ممن يقولون: إن شاء الله المحكمة الدولية سوف تثبت أن تيران وصنافير سعودية، وسنخرج نحتفل فى الميادين، عشان نوضح للعالم أن رئيسنا على حق !! ومن وراء هؤلاء الإعلام الانقلابي، الذي سيقوم بالتهليل والتطبيل لحكم التحكيم الدولي!

أضف تعليقك