حذر الكاتب والمفكر فهمي هويدي من تأثير قضية تسريب امتحانات الثانوية العام ، على مستقبل مصر قائلا :"أننا أمام مشكلة وثيقة الصلة بالأمن القومى لمصر، فالذين ينجحون بالغش الآن هم الذين سيحكمون الوطن بعد عشر سنوات أو أقل".
وحكى هويدي في مقاله المنشور بجريدة "الشروق" قصة أحد أصدقائه أثناء دخوله للتعليم الابتدائي عام 1948م :"قال لى صديق حى يرزق أنه لم يقبل حين تقدم للالتحاق بمدرسة ببا الابتدائية الحكومية بمحافظة بنى سويف فى عام ١٩٤٨، لأنه رسب فى امتحان المعلومات العامة، إذ سئل عن موعد زراعة محصول القمح فأخطأ فى الإجابة، ورفض طلبه رغم حصوله على الدرجة النهائية فى الحساب والإملاء ونجح فى المطالعة.
حينذاك اضطر للالتحاق بمدرسة واصف غالى الابتدائية الخاصة بالمدينة، لكنه لم ينجح فى امتحان اللياقة الصحية، وأعطى مهلة أسبوعين ليستعيد عافيته بالمقويات، وحين قُبل ووصل إلى الصف الثالث فإن مدرس الحساب (الأستاذ ويلسون) أراد تقوية تلاميذه فطالبهم بالقدوم إلى المدرسة قبل ساعة من الموعد كى يعطيهم درسا يرفع به مستواهم، وفعل ذلك متطوعا وبغير مقابل، ودروسه كانت تستمر من أول شهر مارس وحتى موعد امتحان نهاية العام".
وأضاف :"إذا كان ذلك مستوى الابتدائية فى الأربعينيات، فإننا عندما نكتشف أن وزير التربية والتعليم يخطئ فى اللغة العربية، وتصدمنا لغة رئيس البرلمان الذى كان أستاذا جامعيا مرموقا، كما تدهشنا ركاكة لغة كبار القضاة وهم يقرأون أحكامهم، فإن ذلك لابد أن يذهلنا وينبهنا إلى أنها ليست مشكلة لغة ولكنها أزمة نظام تعليمى آخذ فى التدهور".
وتابع :"أرجو ألا أبالغ إذا قلت إنه لم يعد لدينا تعليم حقيقى فى مصر، لا فى التلميذ أو المدرس أو المدرسة أو المناهج التى نحشو بها رءوس التلاميذ، الذين أصبح بعضهم لا يجيدون القراءة والكتابة وهم فى الإعدادية، أى بعد نحو ٦ سنوات من التعليم الوهمى.. فى هذه الأجواء لم يكن مستغربا أن تتسرب بذور الفساد وآفته إلى المحيط الجامعى، فتكثر السرقات بين الأساتذة، وتظهر مكاتب طبخ رسائل الماجستير والدكتوراه لمن يريد".
واختتم :"ما يزعجنى ليس فقط تعدد مظاهر الخلل واستفحاله، ولكن السكوت على الخلل والتعامل معه بأسلوب المسكنات وردود الأفعال، كما حدث أخيرا فى مسألة الغش وتسريب الامتحانات".
أضف تعليقك