نظمت جماعة الإخوان المسلمين مؤتمرًا عالميًا في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الرئيس محمد مرسي، والذي يوافق 17 يونيو من كل عام، تحت عنوان الرئيس الشهيد أيقونة الحرية، بحضور 100 شخصية من 40 دولة حول العالم.
وقال الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، في كلمته خلال افتتاح المؤتمر: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتا بل أحياء عند ربهم يرزقون”.
وأضاف حسين، “عام مضى على استشهاد الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب انتخابا حرا في تاريخ مصر الحديث بشهادة العالم، ولم يزده مرور الأيام إلا مزيدا من الحضور، فيوعي الجماهير وقلوب الأحرار ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع، لم يزد صورته ومسيرته إلا نصاعة ورونقا ولم تضف إليه تلك الأيام إلا عزا وشرفا تفخر به مصر على العالمين”.
وأوضح أن الرئيس محمد مرسي كان فارس الحرية وأسيرها وشهيدها، فقد لاقى في سبيل الكرامة والعدل ما لاقى، حتى ارتقى إلى ربه شهيدا في جنان الخلد بإذن مليك مقتدر، وإن كان قد رحل عنا بجسده، فقد بقيت روحه واسمه ومبادئه وقيمه رمزا ملهما للأجيال جيلا بعد جيل من أبناء الأمة.
وأشار إلى أن الرئيس مرسي ارتقى شهيدا بإذن الله فجأة في ساحة من ساحات البغي والطغيان، تحمل شعار القضاء وتطل على المشهد الإعلامي متشحة برداء العدالة والعدالة منها براء، بل تشهد كيف تم القضاء فيها على فكرة القضاء فقد حاكموه داخل قفص زجاجي مصمت من داخل قفص حديدي، حتى لا يسمع العالم صوت الحق والحقيقة، فلم يشاهد منصة القضاء ولا محاميه، وسلطوا عليه قاضيا غليظ القلب سليط اللسان، وإمعانًا في البغي صمت المحكمة آذانها فلم تستمع لشكواه من سوء المعاملة في محبسه والتضييق المتواصل عليه والانتقام منه وتعريض حياته للخطر، ودون أن تصغي لندائه بأن لديه ما يريد قوله للمحكمة في جلسة سرية حرصا على أمن البلد القومي، ولكن قضاة الظلم لم يلقوا ليه بالا حتى أسلم الروح الطاهرة إلى بارئها، وهو يردد قول الشاعر “بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا على كرام”.
ولفت حسين إلى أن الرئيس مرسي ارتقى مرفوع الرأس متمسكا بما عاهد عليه الله، ثم شعب مصر، ومات في سبيل ذلك وفاضت روحه ولسان حاله يقول “والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”، وقد تحقق فيه- يرحمه الله- قول الله تعالى “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”.
وتابع: “رحل الرئيس الشهيد وهو يناضل ويكافح إجرام الانقلابيين حتى آخر لحظة في حياته بعد عام واحد من توليه رئاسة الجمهورية، قاد خلاله الانقلابيون حربا غير شريفة ضده لمحاولة تعويقه وإفشاله وتيئيسه وتشويهه ولكن دون جدوى، فقد ظل صامدا ومنطلقا في أداء ما عاهد الله عليه ثم الشعب المصري، عبر برنامجه المتكامل لتحقيق نهضة مصر بترسيخ دعائم الحكم الديمقراطي وضمان الحريات وإرساء شفافية حكمه ونزاهته والبدء في تنفيذ المشروعات الاقتصادية العملاقة، كتطوير محور قناة السويس، وتنمية سيناء، وإعادة بناء الصناعة المصرية، والانطلاق نحو الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الرئيسية، وفي مقدمتها القمح والبدء في وضع الخطوط العريضة للنهوض بمنظومة التعليم ودعم وإعادة منظومة العدالة والبدء في تطبيق منظومة جديدة للعدالة الاجتماعية ورعاية الطبقة المسحوقة من الفقراء وكبار السم والأيتام والمرأة المعيلة، تلك الطبقة التي كان منسية والانطلاق نحو تنفيذ أوسع شبكة للمواصلات والاتصالات”.
وأردف: “في نفس الوقت قام الرئيس الشهيد بأوسع تحرك على مستوى العالم، حيث أعاد تموضع مصر في المكانة اللائقة بها دوليا وإقليميا ووقع اتفاقيات استراتيجية مع القوى الكبرى مثل الصين وألمانيا وغيرهما من الدول، وأعاد وضع القضية الفلسطينية في بؤرة الاهتمام والاحترام الدولي، وتمكن من كبح جماح العدو الصهيوني عن مواصلة عدوانه على قطاع غزة”.
واستطرد: “لقد حكم الرئيس الشهيد عاما كاملا قضاه وسط الأشواك من أجل وطنه وشعبه شعب مصر العظيم؛ حسبة لوجه الله، فلم يتقاض راتبًا شهريًا، ولم يحصل على أي امتيازات أو بدلات مالية، ولم يسكن القصور الرئاسية بل جعلها مقرا لعمله فقط، وظل سكنه كما هو في شقته المستأجرة بالتجمع الخامس شرقي القاهرة، ولم تحظ أسرته ولا عائلته الكبيرة بأي امتيازات زائدة على مال المواطن العادي، فقد توفيت أخته الكبرى في مستشفى حكومية، وظل أبناؤه وأفراد أسرته يمارسون أعمالهم الاعتيادية دون أي تمييز أو امتيازات، في حين أن الذين حكموا مصر من قبله بمن فيهم ذاك المنقلب الذي وصل إلى الحكم عبر انقلاب على السلطة الشرعية غارقون في ثروات مصر وقصورها وامتيازاتها، والحال أمامكم أيها الشعب المصري يغني عن المقال، تشييد قصور بالغة السفه لا حاجة إليها وسفها في الاحتفالات والاستقبالات وشحن للثروات في الحسابات الخاصة وسطوة وتلاعب بمقدرات وثروات مصر دون حسيب أو رقيب”.
وواصل: “لقد كشف الرئيس الشهيد بنهجه الفريد الذي اختطه لنفسه في الحكم مدى تهافت الذي حكموا ويحكمون بنهم لنهب الثروات وتكريس السلطات وتحويل البلاد إلى ضيعة يتم التعامل معها فيها مع الشعوب كالعبيد، فسعت قوى عديدة بدعم إقليمي ودولي وصهيوني وبخيانة من قادة المؤسسة التي عين أفرادها وأقسموا أمامه يمين الولاء سعت إلى تغييبه عن المشهد بالانقلاب عليه وخطفه ووضعه خلف القضبان في ظروف بالغة القسوة، ثم تم قتله سعيا للتخلص من شرعيته إلى الأبد، لكن “ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار “.
وأكمل: “لقد لقي الرئيس مرسي ربه، وفرض عسكر الانقلاب ستارا حديديا على مراسم دفنه، فتم تشييعه سرا في جنح الليل في حضور أبنائه وزوجته فقط، بل رفضوا تنفيذ وصيته بأن يدفن في قريته إلى جوار والده يرحمه الله، ومنعوا أسرته من تلقي العزاء فيه، ومن خاطر بتقديم العزاء ولو بصورة فردية تم اعتقاله، ولكن يكفيه ما هيأه له الله من إقامة صلاة الغائب على روحه الطاهرة في جميع أنحاء المعمورة، في سابقة لم يشهد التاريخ مثلها، ويكفيه هتاف ودعاء ملايين الأحرار له في كل بقاع الأرض وفي المسجد الأقصى”.
وقال: “لقد أكد الإخوان المسلمون مرارا أن تشبث الرئيس الشهيد بالشرعية لم يكن تشبثا بالسلطة في ذاتها، فهل يتشبث بالسلطة من يدفع حياته ثمنا لها؟، إنما كان تشبثه حرصا على استمرار التجربة الفريدة التي أفرزتها ثورة يناير وحفاظا على مكتسبات الشعب في الحرية دون تفريط، وليكمل الطريق بعد ذلك الشعب بنفسه، إلا أن الانقلاب على الرئيس المنتخب وسجنه بقضايا ملفقة ثم سقوطه ميتا بالصورة التي تمت وشاهدها العالم دون رد فعل عالمي يرقى لشنيعة، ما جرى يمثل جريمة ستظل عالقة في جبين العدالة الدولية ونقطة سوداء ستظل عالقة في جبين الانقلابيين.
واختتم قائلا: “سيظل اسم الرئيس الشهيد محمد مرسي وتجربته في الحكم محفورين بحروف من نور العزة والكرامة في سجل الخالدين، مهما حاولت تلك الآلة الإعلامية الشيطانية تشويه الحقائق بكل أدوات الكذب والتضليل، ومهما حاولت تصنيع قصص وهمية واتهامات متهافتة، فلن يتحقق لهم ما يريدون وسيخيب سعيهم، وسيظل الرئيس الشهيد درة في جبين ثورة يناير، ونبراسا للأحرار في أنحاء العالم، ومثلا وقدوة للأجيال جيلا بعد جيل، وسيشهد له التاريخ يوما بأنه أشرف رئيس عرفته مصر، وأنه أول رئيس ديمقراطي دفع حياته ثمنًا للحفاظ على الشرعية أمام آلة الاستبداد والظلم والطغيان”.
أضف تعليقك