أدانت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان قيام السلطات المصرية بتطوير أنماط استهدافها لنشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان في القضية 173 لسنة 2011، المعروفة بقضية "التمويل الأجنبي"، خاصة عقب الاحتجاجات النادرة التي وقعت خلال شهر سبتمبر 2019، والتي دعا لها الفنان ومقاول الجيش السابق محمد علي.
وقالت، في بيان لها، إنه عقب تلك الاحتجاجات "ازدادت وتيرة استهداف السلطات لنشطاء المجتمع المدني، وتنوعت هذه الانتهاكات بين الاستهداف القانوني عبر الاتهام والإدراج على ذمة قضايا جديدة، وحبس بعضهم احتياطيا على إثرها، إلى جانب الاستهداف الإعلامي عبر التحريض وتوجيه الاتهامات، بالإضافة للاستهداف المادي عبر التعرض الشخصي والإيذاء البدني والنفسي لبعضهم".
وأشارت إلى "تصاعد المضايقات والاستهدافات المختلفة والأعمال الانتقامية من قبل السلطات تجاه عدد واسع من النشطاء السياسيين وأعضاء الأحزاب والحركات السياسية والصحفيين والأكاديميين، وحتى المدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم متهمون بالفعل في القضية 173 لسنة 2011، وذلك على خلفية دورهم مع غيرهم من المنظمات الحقوقية في رصد وتوثيق الانتهاكات التي تزامنت مع الاعتقالات العشوائية التي طالت ما لا يقل عن ألفي مواطن على خلفية هذه الاحتجاجات، وهي الحملة التي تصاعدت وتيرتها منذ نهاية سبتمبر حتى الآن".
ونوّهت إلى أنه "بعد احتجاجات سبتمبر 2019 تعرض عدد كبير من النشطاء والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية لحملة إعلامية واسعة من وسائل إعلام مقروءة ومسموعة، سواء كانت رسمية أو مملوكة لرجال أعمال مقربين للنظام. والتي اتهمتهم بالتحريض ضد النظام السياسي، والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين".
وذكرت الجبهة المصرية أن ما يحدث "يطرح تساؤلات حول سعي السلطات لقمع المتهمين في هذه القضية والتنكيل بهم، وزيادة كلفة استمرار نشاطهم وحريتهم في التعبير عن الرأي عبر أدوات ووسائل أخرى، وعدم الاكتفاء بمنع بعضهم من السفر وتجميد أموالهم، وذلك في ظل المماطلة في حسم موقفهم القانوني في القضية المتهمين بها، والتي مازال التحقيق فيها مستمرا طوال 9 سنوات".
وأضافت: "تكشف هذه الانتهاكات عن سعي السلطات المصرية لاستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان المتهمين على ذمة هذه القضية بأي شكل، ولو كان خارج إطار المحاكم وقبل الفصل في القضية، والتي يبدو بأن السلطات محجمة عن حسمها قضائيا لتزايد الضغوط الدولية والأممية لإغلاقها واستفادتها في نفس الوقت من التدابير الاحترازية المفروضة عليهم. وهو التحايل الذي يظهر الإصرار على التنكيل والقمع بهؤلاء النشطاء والمدافعين لكن بدون كلفة سياسية كبيرة".
ولفتت إلى أن الإجراءات المُتخذة ضد المنظمات الحقوقية في مصر وضد الحقوقيين المتهمين على ذمة القضية تتصاعد بصورة انتقامية، حيث نتج عنها منع 31 حقوقيا من السفر، ومصادرة أموال 10 منظمات على الأقل، والتحقيق مع أكثر من 37 حقوقيا خلال السنوات الماضية".
وقالت الجبهة المصرية إن "القضية 173 لسنة 2011 إحدى أهم القضايا الكاشفة عن توجه السلطات المصرية المتعاقبة بعد ثورة يناير لحصار وتقييد الحق في التنظيم، وسعيها الدائم لتقييد نشاط المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية".
وأكملت: "في مفارقة تكشف عن موقف السلطة المعادي للمجتمع المدني المصري، فصل القضاء في أمر الجزء الأجنبي في الشق الأول من القضية ليقضي ببراءتهم، بينما ما زال يماطل بحجة التحقيق المستمر منذ سنوات في الشق الثاني من القضية والخاص بالحقوقيين المصريين".
وتابعت: "يكشف تصاعد الانتهاكات التي يتعرض لها المتهمون في القضية 173، وعدم الاكتفاء بالمسار القضائي المفروض عليهم، والذي على خلفيته تم تجميد أموالهم ومنعهم من السفر، عن الرغبة العارمة للسلطات في إسكاتهم بأي شكل، والتنكيل بهم باعتبارهم أصواتا معارضة مسموعة، ومحاولة إيقاف ووضع العقبات وزيادة الكلفة أمام نشاطهم المتعلق بتسليط الضوء على ما تمارسه السلطات من انتهاكات وقيود على الحقوق والحريات المختلفة".
وطالبت الجبهة المصرية السلطات المعنية بتعديل قانون تنظيم الجمعيات بشكل يضمن الحق في التنظيم ورفع الإجراءات الاحترازية التعسفية المفروضة على المتهمين بالقضية، وأن تختار بين الفصل الفوري في القضية، أو اللجوء للحل الأوقع وتحفظ هذه القضية التي تبين أنها ليست سوى أداة تنكيل مقننة.
ودعت السلطات المصرية إلى "أن تكف عن استهداف المتهمين بأشكال مختلفة بعيدا عن نطاق القضية"، مُطالبة الدولة المصرية بأن تتبنى رؤية مختلفة تجاه حقوق أصيلة مثل الحق في التنظيم والحق في التعبير عن الرأي، وإعلاء مبدأ سيادة القانون.
وعام 2016، علق المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات على تطورات القضية 173، معتبرا تجميد أموال المنظمات ورؤسائها هجوما منهجيا من الحكومة على منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان بهدف قمع حريتهم في التعبير السلمي.
كما طالب البرلمان الأوروبي الحكومة بإسقاط جميع الاتهامات عن المنظمات غير الحكومية في القضية 173 فيما وصفها بأنها اتهامات لا أساس لها.
أضف تعليقك