• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

ماذا في يد عبد الفتاح السيسي أن يفعل، وإثيوبيا تقرع طبول الحرب؟!

قبل أيام اجتمع السيسي بقيادات الجيش، وما نشر عن هذا اللقاء هو كلام إنشائي لا يكشف حقيقة، ولا يثبت فؤاداً. فصفحة رئاسة الجمهورية التي أذاعت خبر الاجتماع، قالت كلاماً عائماً شبيهاً بما يقال في نشرات الأخبار الرسمية، عن الاجتماع الذي تم بين الرئيس ونظيره لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ولا يشبه كثيراً الاجتماع الذي تم بين البشير والسيسي، وقال الإعلام المصري إنه لمناقشة الموقف المشترك من سد النهضة، بينما الاجتماع لم يتطرق لمشكلة السد أبداً. فقد قام فيه السيسي بدور الصحفي في النكتة الشهيرة، التي تقول إن صحفيا بليداً التقى مبارك بعد عشرين سنة من حادث المنصة ليسأله عن ملابسات الحادث وكيف مات السادات، ولما أجاب مبارك بأنه أمر صار معروفا للجميع، فقد نزل خالد الإسلامبولي من دبابته وقتل السادات، ليعاود الصحفي إياه السؤال: معنى هذا أن السادات مات مسموماً؟!

لقد انصبت أسئلة السيسي للبشير خلال اللقاء على انفصال الجنوب، وأسبابه وتداعياته ومآلاته، والبشير يجيب على أمر قديم، ينتمي للتاريخ، وهو أمر يُذكر بمقابلة أجراها وفد من صحيفة الأهرام برئاسة إبراهيم نافع، وحضور باحثين مخضرمين في المؤسسة الصحفية مثل عبد المنعم سعيد مع حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، عقب الانتصار الذي تحقق على إسرائيل، ودارت أسئلة عبد المنعم للصحيفة الرصينة حول زواج المتعة، وأسباب إباحته عند الشيعة؟ وردهم على تحريمه عند أهل السنة، إلى غير ذلك من قضايا تتعلق بالمذهب قال نصر الله إنه ليس أفضل من يتحدث فيها!

الجائع يحلم:

فالخبر المنشور مع الصور التي ضمت قادة الجيش في حضرة عبد الفتاح السيسي، لا يوضح أسباب الاجتماع، والذي كان لافتا ليس لموضوعه الذي لم نحط به علماً، ولكن بهذه المجموعة من المثلجات المختلفة التي وضعت أمام كل واحد من المجتمعين في مشهد غير مسبوق!

ولأن الجائع يحلم بسوق الخبز، فقد رأى أنصار السيسي في ذلك استعدادا لإعلان الحرب حفاظاً على مياه النيل وشريان الحياة للمصريين، بعد فشل مفاوضات واشنطن، ومن ثم انطلقوا يدعمون الجيش المصري، ويطلبون منا دعمه ودعم السيسي، فالبلد في حالة حرب، بما يستوجب أن نحتشد خلف الزعيم الضرورة كأننا بنيان مرصوص!

بيد أن إثيوبيا المتحفزة بدون ضرورة، تعاملت مع الأمر بجدية، وانطلقت تهدد وتتوعد، فيجتمع قادة الجيش، تنقصهم باقة المثلجات، ثم تذكر رئيسة إثيوبيا الشعب بحرب "عدوة" التي انتصر فيها الإثيوبيون على الاستعمار الإيطالي، بدون صد أو رد من النظام المصري. وفي خطوة تالية يذهب قادة الجيش الإثيوبي إلى سد النهضة، ومن هناك تصدر التحذيرات، وينطلق أحد الكتاب مهدداً بقصف السد العالي إذا اقتربت مصر من سدهم، دون أن يصدر تهديد واضح أم مبطن بشيء من هذا، لكن القيادة الإثيوبية تدرك أنها تحقق انتصارات مجانية، فتدّعي أن هناك تحديا من قبل القاهرة، وأنها على استعداد لردع العدوان، بما يحسب لصالح هذه القيادة والبلاد على أبواب انتخابات.. سيحسب للسلطة هذا الموقف الجسور، كدعاية لها أهم من أي إنجاز آخر!

عندما هدد مرسي:

لنكون هنا أمام ملاحظة مهمة، فلم يحدث هذا التحرش، ودق طبول الحرب، والتلويح بها عندما هدد مرسي بالحرب، بقوله إن جميع الخيارات مفتوحة للحفاظ على حصة مصر من مياه النيل، وبما كان سبباً في أن انزعج الإثيوبيون من جراء ذلك، ونقلوا هذا الانزعاج للسيسي عندما صار رئيساً، فآمن روعاتهم، وخضع لهم بالقول ليطمع الذي في قلبه مرض!

فالقوم في الحبشة يدركون أن من يحكم مصر لا يخيف، ومن أجل هذا كان التطاول، وكان التحرش بدون ملل أو كلل وبأشكال مختلفة، ومع هذا فلم يغضب ولم ينزعج، فالإثيوبيون يعلمون أن اجتماع المثلجات ليس موجها لهم، وأن القاهرة في ضعف لا يمكنها خلاله أن تبعث ولو رسالة تهديد رداً على هذه التهديدات، ولو من باب الثأر للكرامة المهدرة!

إن إعلام الردح والبذاءة في القاهرة، الذي يخوض في الأعراض ويتطاول على المقامات، لم يحولها لمعركة في مستوى الإعلام، ويهدد كاتب بقصف السد العالي فيهاجمون من يهدد، ويتطاولون على الجيش الإثيوبي في تحرشه. إنهم والسلطة التي ترعاهم مثل "شبيحة الميكروباص"، وهو اصطلاح لي، فعندما يتعامل سائق الميكروباص على أنه "بلطجي"، يدرك أن الأسرى من "الأفندية" في حافلته لن يجاروه في صوته العالي وفي بذاءاته فيغريه هذا بالمزيد، ويفرض سطوته بتحديد خط الحركة ونهاية الخط اعتماداً على أن أحدا ليس مستعداً لأن يكون عرضة للإهانة!

وكنت أدرك أن من أطلق عليهم في أحد الأفلام "عفريت الأسفلت" ليسوا أكثر من ظاهرة صوتية، وعندما خرج الشبيحة فعلا للشوارع في أيام الثورة للمساهمة في التأمين، كانوا في خوف مقيم، لأنهم ليسوا بلطجية فعلا!

وهذا سلوك "شبيحة الإعلام المصري"، ومن يشكلون أذرعاً إعلامية للسيسي، عندما يسبون قادة للدول بالأب والأم، لكنهم في مواجهة العنترية الإثيوبية وكأنهم أثرا بعد عين!.

ليبقى السؤال المهم: الآن وقد وصلت المفاوضات الى طريق مسدود: ماذا في يد السيسي فعله؟!

لقد قالت إثيوبيا إنها ستبدأ في الملء بعد أربعة شهور، وقال القوم في القاهرة إنها لن تفعل إلا بالاتفاق، دون أن يقولوا ماذا في أيديهم من أوراق القوة وقد بددوها ورقة ورقة، ولا يستطيعون حتى استخدام ورقة الإعلام في التطاول والردح!

الحقيقة هم يقولون أي كلام، وستقدم إثيوبيا على ما تريد، وسوف يردون بمزيد من الهجوم على تركيا وقطر!

أضف تعليقك