نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا، قالت فيه إن اعتقال السلطات محررا في موقع مستقل يمثل ذروة جديدة من القمع المستمر لحرية التعبير في ظل حكم عبد الفتاح السيسي.
وينقل التقرير، عن موقع «مدى مصر» يوم السبت، قوله إن السلطات المصرية رحلت أيضا قبل أسابيع محررا بارزا يعمل في الموقع ويحمل الجنسية الأميركية.
وتشير الصحيفة إلى أن الموقع المعروف بتحقيقاته الرائدة باللغتين العربية والإنجليزية أصبح مصدر المعلومات المهم للناشطين والمثقفين داخل مصر، وكذلك صناع السياسة والباحثين حول العالم، فمنذ عام 2013 سيطرت الدولة وبشكل فعلي على المنظمات الإخبارية في البلاد كلها.
ويلفت التقرير إلى أن الموقع نشر تحقيقا صحافيا يوم الأربعاء، جاء فيه أن السيسي قام بهدوء بإبعاد ابنه محمود من منصبه البارز في المخابرات، وأرسله بمهمة مفتوحة إلى السفارة المصرية في موسكو.
وتذكر الصحيفة أن الموقع بنى تقريره على مصادر لم يسمها، قالت إن المسؤولين البارزين عبروا عن قلقهم من إدارة محمود السيسي السيئة لوسائل الإعلام، بالإضافة إلى المهام الأخرى التي يتولاها، وأثر هذا كله على صورة والده، لافتة إلى أن التقرير أشار إلى أن المسؤولين يتذكرون ما فعله حسني مبارك من ترفيع ابنه جمال وتهيئته لخلافته، ما أدى إلى اندلاع الثورة في عام 2011.
وينوه التقرير إلى أن الوسائل الإعلامية المؤيدة للنظام لم تتناول التقرير على «مدى مصر» وتجاهلته تماما، فيما من غير المعلوم بالضبط إن كان التقرير عن ابن السيسي أدى دورا في اعتقال الصحافي يوم السبت.
وتنقل الصحيفة عن مديرة تحرير الموقع «لينا عطا الله»، قولها إن قوات الأمن تقوم بالتحقيق منذ أسابيع في المحرر الذي اعتقل «ومنذ أن كانت لدينا مسودة التقرير».
ويورد التقرير نقلا عن نائب مدير نقابة الصحفيين سابقا «خالد البلشي»، قوله إن الاعتقال يمثل «رسالة خطيرة.. «مدى مصر» هو واحد من أصوات قليلة تكافح لتقديم رأي مختلف.. الرسالة على ما يبدو هي: لا يمكن تقبل هذا بعد اليوم».
وتفيد الصحيفة بأن التواصل مع خدمة الإعلام التابعة للدولة لم يتم للتعليق على هذه القصة، مشيرة إلى أن اعتقال الصحفي في «مدى مصر» أثار مخاوف الباحثين الذين يعتمدون على الموقع في التعرف على أوضاع مصر.
ويورد التقرير عن نائبة مدير مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، «آمي هوثورن»، قولها: «يعد مدى مصر واحدا من كنوز الشرق الأوسط.. هو أهم موقع إخباري لمراقبي الشأن المصري والخبراء في مصر الذين أعرفهم».
وتنقل الصحيفة عن موقع «مدى مصر»، قوله إن ضباط أمن بالزي المدني اعتقلوا المحرر في نسخة الموقع باللغة العربية، شادي زلط (37 عاما) في مداهمة لبيته قبل الفجر، وأضاف الموقع أن محررا أميركيا اسمه دانيال أوكونيل (28 عاما) يعمل في القاهرة قد أوقف في مطار القاهرة الدولي، وتم التحقيق معه وتم ترحيله، ومنع من العودة إلى مصر مرة ثانية.
ويورد التقرير نقلا عن موقع «مدى مصر»، قوله إن الضباط الذين اعتقلوا زلط لم يقدموا أمرا باعتقال ولا سببا للمداهمة، ومن غير المعلوم مكانه بعد، مشيرا إلى أن الأمن صادر جهاز الحاسوب الشخصي الخاص به، وكذلك جهاز زوجته، وأعادوهما بعد دقائق، وكانوا غاضبين «يبحثون عما يبدو عن هاتفه النقال»، وقال الموقع: «لم يعمل أي شيء سوى إضافة كلمات للتقرير».
وتفيد الصحيفة بأن السلطات تسامحت مع «مدى مصر»، ومنحته نوعا من الحرية، لأنها جعلت من مواده غير متاحة للقراءة في مصر، أو نظرا لسمعته الجيدة في العواصم الغربية، مشيرة إلى أن الرقابة الحكومية منعت من الوصول إلى الموقع بسهولة في مصر.
ويذكر التقرير أن الموقع حصل قبل عامين على وثائق تظهر أن شركات خاصة مملوكة من المخابرات المصرية عملت سرا للسيطرة على الشركات الإعلامية الخاصة المستقلة.
وتقول الصحيفة إن الضغط على «مدى مصر» ربما كان جزءا من القمع على المعارضة منذ سبتمبر، فحكومة السيسي لم تتسامح مع المعارضة أو التجمع العام، فحينما شهدت البلاد تظاهرات خلال الفترة الماضية، ردت عليها السلطات باعتقال أكثر من 4 آلاف شخص.
وتختم «نيويورك تايمز» تقريرها بالإشارة إلى أن الحكومة استهدفت عددا من الوسائل الإعلامية الخارجة عن سيطرة الدولة، وحجبت موقع «بي بي سي» وقناة «الحرة» الأميركية، لافتة إلى أن موقع «مدى مصر» كان أول من نشر خبر منع الموقعين.
أضف تعليقك