بقلم: عز الدين الكومي
هذه العبارة اقتبستها من كلام نفيس للراحل الدكتور “جمال حمدان”، فى موسوعته الرائعة “شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان “.
سجال قديم، مصر عربية أم فرعونية؟، بدأ هذا السجال منذ أن وطئت أقدام المستعمر بلادنا، فعمل على نبش الماضى لإحياء لغات ولهجات اندثرت، لإقناعنا بأن أصولنا ليست عربية، وأننا أبناء حضارات قديمة يجب أن ننتمى إليها، عوضا عن العروبة والإسلام، واقتنع البعض بذلك، وراح كل عربى مسلم يبحث عن جذوره الوثنية، وينسى أنه مسلم، وأنه ينتمى لأعظم حضارة عرفها التاريخ.
فقد كتب طه حسين، عميد الأدب العربي، في جريدة كوكب الشرق عام 1933: “إن المصريين قد خضعوا لضروب من البغض وألوان من العدوان جاءتهم من الفرس واليونان/ وجاءتهم من العرب والترك والفرنسيين”.
وقد رد عليه في حينها الدكتور “عبد الرحمن عزام”، الذى صار بعد ذلك أول أمين عام للجامعة العربية، بمقال بعنوان “مصر عربية”، في جريدة البلاغ، قائلا: “قَبِل المصريون دين العرب وعادات العرب ولسان العرب وحضارة العرب وأصبحوا عربا في طليعة العرب، والذي نعلمه من البحث عن أنساب أقاليم مصرية بأكملها أن أكثرية دماء أهلها ترجع إلى العرق العربي”.
و”ماذا بقي من أشور وفينيقية وفرعون وقرطاجنة غير ما أبقاه العرب في أنفسهم وغير الأمة الحية التي تمتد الآن من المحيط إلى المحيط؟ ونحن إنما ننتسب بصفة عامة إلى تلك الأمة الحية الوراثة للأرض المبثوثة فيها”.
وفى مقال آخر له قال: “فليذهب إذا دعاة الفرعونية في مصر أو الفينيقية في سوريا أو الآشورية في العراق حيث شاءوا، فإذا استطاعوا أن يستنهضوا قرية واحدة باسم الأمم التي فنيت في أهل العربية فإنهم يستطيعون أن يقيموا شعوبيتهم على أساس عميق. أما الدعوة باسم العربية فإنها تستنهض سبعين مليونا في إفريقيا وآسيا”.
ومع ذلك استمر طه حسين في فكرته، التى ترمى إلى نفى عروبة مصر، فقال في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، الذي يدعو فيه إلى الانسياق نحو الحداثة الأوروبية بوصفها أفضل ما أنتجت البشرية، طالبًا «أن نسير سير الأوروبيين، ونسلك طريقهم لنكون لهم أندادًا، ولنكون لهم شركاء في الحضارة: خيرها وشرها، حلوها ومرها، ما يُحَب منها وما يُكرَه، أو ما يُحمَد منها وما يُعاب. فإذا كنا نريد هذا الاستقلال العقلي والنفسي الذي لا يكون إلا بالاستقلال العلمي والأدبي والفني، فنحن نريد وسائله بالطبع، ووسائله أن نتعلم كما يتعلم الأوروبي، ولنشعر كما يشعر الأوروبي، ونعرف الحياة كما يعرفها الأوروبي».
وبالأمس القريب، خرج علينا أحد مشوهى الفكر والثقافة والانتماء والأخلاق “زاهى حواس”، في وصلة نفاقية تطبيلية، على طريقة “علي عبد العال” قائلا: “إن مصر ليست دولة دينية ولا عسكرية ولا علمانية”، وقال حواس أمام حشد من طلاب وأساتذة بجامعة القاهرة: “إن المصريين شعب بـ”أصل خاص”، وأنهم ليس لهم أي صلة بالعرب أو الأفارقة”.
وأضاف حواس: ما شهدته الثورة حدث قبل 4 آلاف عام، وظهر قائد عسكرى لينقذ مصر- يقصد بذلك ثورة يناير.
وقال “إن البرديات أخبرتنا بقصة مماثلة، وهى أن الفرعون حينها كبر فى السن ولم يسأل فى الناس، وتحول الغنى لفقير والفقير لغنى، والست بدل ما كانت بتشوف وشها فى الميّه دلوقتى عندها مراية، والعدو فى سيناء كان يتربص بنا أيضًا من الممالك الأخرى”.
وتابع “إحنا أحفاد الفراعنة، وكل حضارة تعلو وتنخفض، أغلبنا مسلمون وعرب، ولكننا لسنا عربًا ولسنا أفارقة، أصلنا مصريون من مصر، وليس لنا شبه، والعبقرية موجودة، والدليل لما تسافر وتسيب مصر تقوم بأشياء عظيمة، أقول لك مصر ستفضل عظيمة وتستمر بعظمتها”.
وقال حواس: “الآثار والرسومات الفرعونية تثبت أن الجيش يحمي مصر منذ آلاف السنين وإلى الآن. الفراعنة آمنوا بالمشروعات القومية، فهي التي بنت حضارة مصر القديمة، وهي التي تبنيها حاليًا”.
وتابع “عثرنا على بردية من 3 سنوات تشرح كيفية بناء الهرم، وتبين أن بناء الأهرامات كان بمثابة مشروعات قومية لمصر”.
ها نحن نعيش في زمن الغربة، حتى صارت العروبة سبّة وشتيمة، يستحي منها أبناؤها، وصاروا يبحثون في قمامات التاريخ عن هوية تشعرهم باحترامهم لذواتهم، هذا يقول أنا سومري وآشورى، وذاك يقول أنا فرعوني، وثالث يقول أنا فينيقي، وهكذا.
وقد أكد دستور الثورة في عام 2012 فى مادته على هذا الأمر بصراحة بالغة مع تأكيد العمقين الإفريقي والآسيوى فقد نصت المادة الأولى على أن “جمهورية مصر العربية هي دولة مستقلة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطي، والشعب المصري جزء من الأمتين العربية والإسلامية، يعتز بانتمائه إلى حوض النيل والقارة الأفريقية كما تفخر بامتدادها الآسيوي”.
فأنا عربي محمدى، أنتمى لأمة نزل القرآن بلسانها، أمة الفاتحين الذين حملوا رسالة العدل إلى البشرية عامة، أمة جمعت العلم مع الأخلاق، والدين مع الإنسانية.
أنا عربي.. لست عنصريا لا أعادى أحدا، وأحب الخير للناس كافة .
فأنا عربى؛ لأن العروبة هي التي تحفظ الإسلام، ولا يعز الإسلام إلا بعز العرب. ولذلك هم مستهدفون.
وأخيراً فأنا فرعونى عرّبنى الإسلام.
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
والإنسانية بدون دين الإسلام لا تغني شيئا ولا تجلب خيرا ولا تدفع ضرا. وما سفكت الدماء، ولا استبيحت الأعراض، ولا استحلت الأموال إلا من بني الإنسانية. ولا حفظت هذه الحرمات إلا بالإسلام.
أضف تعليقك