بقلم: عزالدين الكومي
تمر اليوم ذكرى لا تموت، ذكرى رابعة المذبحة، مذبحة القرن التي لم تشهد البلاد لها مثيلاً من قبل.
و مع حلول الذكرى السادسة لمذبحة رابعة التي راح ضحيتها آلاف الشهداء من الشباب والشيوخ والنساء، وأصيب الآلاف بإصابات وجراحات قاتلة، وفتحت بعدها أبواب السجون والمعتقلات على مصاريعها، فاكتظت بالمعتقلين من علماء الأمة وشبابها ونسائها.
إن مذبحة "رابعة" الدامية كانت جريمة مكتملة الأركان قامت بها عصابة الانقلاب العسكري، وبدعم صهيوني وخليجي، وغربي.
تأتي الذكرى السادسة لهذه المذبحة, ولا تزال سجون الانقلاب تغصّ بالعلماء والدعاة، والوزراء، والسياسيين، وأساتذة الجامعات، والمهنيين، وأعضاء البرلمان، والمحامين، والرجال والنساء والأطفال.
وقد صنفت المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية مجزرة رابعة على أنها أكبر مجزرة بمصر في التاريخ الحديث تحصل في يوم واحد، وبعد مرور ستة أعوام على المجزرة ما زال "الجناة" أحرارًا طلقاء، تصرف لهم المكافآت وتقدم لهم المزايا نظير ماقاموا به من جرائم، بينما يلاحَق مئات من الذين شاركوا في الاعتصام السلمي.
وقد قالت المنظمات الحقوقية: إن ماحدث في مجزرة فض رابعه والنهضة، هو إحدى أكبر عمليات القتل الجماعي في تاريخ البلاد؛ لأن الاستخدام المتعمد والمفرط للقوة المميتة، يشير إلى واحدة من كبرى وقائع قتل المتظاهرين في العالم في يوم واحد، في التاريخ الحديث.
وقالت إن عمليات القتل لا تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، بل إنها تشكل جرائم ضد الإنسانية، لكونها ممنهجة وواسعة النطاق، ولوجود أدلة تشير إلى أن عمليات القتل كانت جزءا من سياسة متبعة ومرتب لها ترتيبا مسبقا.
وبعد مرور ست سنوات على هذه المجزرة البشعة، لم يتم محاسبة مرتكبي مذبحة رابعة في ظل حالة من الصمت الدولي، والتستر على جرائم النظام الانقلابي، التي ترتقي إلى الجرائم ضد الإنسانية، حرصا من هذه الدول على مصالحها مع النظام الانقلابي، ولوكان المقابل هو أن تداس المبادئ والقيم.
بل على العكس قام قائد الانقلاب، في 26 يوليو بالموافقة على قانون يمنح القادة العسكريين "الحصانة" من المقاضاة أو الاستجواب بشأن أي حدث وقع بين 3 يوليو 2013 ويناير 2016، إلا بإذن من "المجلس الأعلى للقوات المسلحة".
رابعة التي سالت على أرضها وبالقرب منها دماء طاهرة لشباب أطهار، أنفوا الذل والظلم، وتحرروا من العبودية وقرروا الوقوف في وجه سلطة الانقلاب التي صادرت إرادتهم، واغتالت أحلامهم التي ولدت مع ثورة الخامس والعشرين من يناير.
رابعة هي رمز الثبات والصبر ومواجهة الظالمين بقول كلمة الحق في وجه السلطان الظالم الغاشم، التى حاول إعلام الانقلاب أن يظهرها كمعركة بين الإخوان والعسكر، طمعا في السلطة، لكن الواقع كذّب ذلك، فجاء الردّ من الأحرار (أن رابعة ليس معناها إنك إخوان، ولكن معناها إنك إنسان)، فعلا كانت إنسانية رابعة واضحة وظاهرة في الشباب الذي يعمل وينظف الميدان ويحرس ويقدم الخدمة لمن يحتاجها.. في الحراسة.. في السقاية.. في الشباب الذي يمر برشاشات المياه ليخفف المعاناة عن المعتصمين، وحتى هذه أيضا لم تسلم من إعلام مسيلمة الكذاب الذي رمى أهل رابعة بأنهم أصيبوا بالجرب والأمراض الجلدية، كما فعل كفار قريش عندما أشاعوا أن المسلمين أوهنتهم حمى يثرب فكذب مقولتهم رسول صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء.
لقد أصدر قضاء الانقلاب المسيس أحكاما بالإعدام بحق 75 متهما في قضية فض اعتصام رابعة، التي حوكم فيها أكثر من 739 متهما، وجه لهم قضاء الانقلاب "تهم القتل العمد، ومهاجمة المواطنين، ومقاومة السلطات، وتدمير الممتلكات العامة، وحيازة الأسلحة النارية وقنابل المولوتوف".
ست سنوات لم تعرف فيها البلاد طريقا للاستقرار أو الهدوء، بل إنها كانت سنوات سوداء ساد فيها الفساد والفشل على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، هذا بالإضافة إلى كونها السنوات الست الأكثر سوءاً في تاريخ البلاد من حيث أحكام القضاء المسيس، والقمع الأمني غير المسبوق، والقتل خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري، واتساع السجون لكل من يرفع صوته.
تأتي الذكرى السادسة لمذبحة رابعة هذا العام، في ظل تداعيات استشهاد الرئيس محمد مرسي رحمه الله، الذي لقي ربه يوم الإثنين 17من يوينه 2019، أثناء محاكمته بهزلية التخابر مع حماس، لتكشف للعالم كيف أن النظام الانقلابي متورط في قتل وتصفية الرئيس الشهيد، وتوجب مطالبة المنظمات الدولية، وأحرار العالم بضرورة فتح تحقيق دولى شفاف، لمعرفة ملابسات وفاة الرئيس مرسي – رحمه الله – وما تلا ذلك من إجراءات تعسفية تمثلت في منع دفن الرئيس – رحمه الله- في مسقط رأسه، التي كانت وصيته- رحمه الله، ومنع تشييع جنازته وتم دفنه ليلا، ومنع أقاربه من حضور جنازته، وتم السماح فقط لزوجته وأولاده، ومنعت صلاة الغائب عليه في مساجد الأوقاف.
ومع حلول الذكرى السادسة لمذبحة القرن، جرائم الانقلاب لاتسقط بالتقادم، والأرض لاتشرب الدم، والقصاص قادم لا محالة!!
أضف تعليقك