منذ ثانية واحدة
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
يتقدم الإخوان المسلمون للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بخالص التهاني بعيد الفطر المبارك.. هذا العيد الذى تستقبله الأمة الإسلامية بالفرح بتوفيق الله للطاعة والعبادة رغم كل ما تعانيه من جراح وآلام.. هذا العيد الذي يأتي شاهدًا لشعوب ما زالت تناضل لتنال حريتها، وتحطِّم قيودها، وتسترد كرامتها؛ وقد اقتربت بشائر نصرها ﴿إنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * ونَرَاهُ قَرِيبًا﴾(المعارج: 6 - 7) ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ الله يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ* وَعْدَ الله لا يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾(الروم:4 - 6).
يأتي العيد ليُوفِّي الله سبحانه وتعالى أجر العابدين المجتهدين المخلصين، المجاهدين في سبيله، والعاملين لرفعة أوطانهم وتحريرها من كل ظالم مستبد.. ونحن على يقين أنه سيأتي اليوم الذي نقول فيه: ذهب الظلم والقهر والذل والاستعباد، وارتوينا من سلسبيل العزة والحرية، وسنأخذ أجرنا وأجر شهدائنا بدمائهم الزكية.. حياة حرة أبية، وكرامة عزيزة، ومكانة رفيعة، وما عند الله خير وأعظم.
تحية إعزاز وتقدير لإخواننا الأبطال ولكل الأحرار في سجون العسكر، ونقول لهم: صبرًا صبرًا فإن مع العسر يسرًا، وثقوا بأن الله معكم ولن يغفل عن جلاديكم ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾ (إبراهيم: 42).
صبرًا فإن حبل الظلم قصير، ولا يغترن أحد بإمهال الله للظالمين، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ (هود: 102) (رواه البخاري ومسلم).
صبرًا فإن نصر الله قريب ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ (غافر: 51).
صبرًا فوعد الله بنصر الحق آتٍ لا ريب فيه ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم : 47).
أما الشهداء الأبرار، هؤلاء المختارون من الله تعالى.. فهم الآن في أعلى عليين: ﴿أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾(آل عمران: من الآية 169) ﴿فِي جَنَّاتٍ ونَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ (القمر: 54 - 55)، نسأل الله تعالى أن يلحقنا بهم، وأن يجمعنا معهم بعد أن نكمل عملهم، ونحصد ثمار جهدهم، صلاحًا وإصلاحًا ومجدًا نبينه لأمتنا في هذه الدنيا، ونعيمًا مقيمًا في الآخرة.
إن عيدنا الحقيقى يوم تنهض أمتنا من كبوتها، ويضع الله عنها إصرها والأغلال التي كبلتها، ويزيح عنها الاستبدادَ الذي أثقل كاهلها، وأخَّرها، وقعد بها عن مسابقة الأمم في ميدان الحضارة الفسيح.
عيدنا الحقيقي عندما يفرح بالحرية المظلومون القابعون خلف أسوار الاستبداد ظلمًا وعدوانًا بغير محاكمةٍ عادلةٍ، ودون جرم اقترفوه، سوى أنهم قالوا ربنا الله، وأرادوا العزَّة لأمتهم، والتمكينَ لدينهم، والخدمةَ لأوطانهم وذويهم، فساء ذلك الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فحالوا بينهم وبين أداء رسالتهم، وحرموا الأمةَ من جهودهم وعطائهم، ومنعوهم من حقوقهم المشروعة، أملاً في إسكات صوتهم أو منعهم من المشاركة في بناء أوطانهم.. وحين يفرح هؤلاء المظلومون وذووهم بجمع الشمل ونيل حريتهم فهذا هو العيد الحقيقي.
عيدنا الحقيقي حين تتحرر فلسطين المباركة.. أرضُ الرباط، ويتحرر المسجد الأقصى الأسير، ويعود آلاف الأسرى الأبطال إلى بيوتهم وإلى أحضان أسرهم، وتقوم دولةُ فلسطين الحرةُ المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على ثرى فلسطين الطاهر.
عيدنا الحقيقي حين تتحرر أوطاننا تحررًا حقيقيًّا من كل سلطانٍ أجنبيٍّ ظاهرٍ أو خفيٍ، تحت أي مسمى وأي عنوان وأي لافتة، وحين تكون كلمةُ الأمة بيدها، وقراراتُها نابعةً من إرادتها، ومحققةً لمصالحها، وحين تتخلص من معاهدات الذل والعار التي قيدتها ومزقتها.
عيدنا الحقيقي حين يتوقف سيل الدماء النازف من جسد الأمة، وحين يتحول بأس الأمة من الحروب بين الإخوة إلى الحرب ضد أعداء الأمة وخصومها، وحين تقوم الأمة بتحقيق الوحدة الشاملة.
فيا أمتنا المسلمة!!، ويا كل النخب السياسية والثقافية والدينية في أمتنا الإسلامية تعالوا إلى كلمةٍ سواء، أن نتكاتف لإقرار الحريات والحقوق الشرعية والإنسانية والوطنية، ومحاربة الاستبداد المدمر لقوى الأمة الحية، وكونوا على يقينٍ من نصر الله، إذا تحرَّكت الأمة في الاتجاه الصحيح.
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
والله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد
الإخوان المسلمون
الإثنين 29 رمضان 1440 هـ = 3 يونيو 2019 م
أضف تعليقك