بقلم: محمد عبد القدوس
قلت من قبل إن القضاء في بلادي يعاني من أزمة حقيقية بعد سيطرة السلطة التنفيذية عليه، وظهر ذلك بوضوح في المحاكمات الهزلية السياسية التي تجرى وأحكام الإعدام بالجملة، وتجديد الحبس للعديد من سجناء الرأي ودون تقديمهم إلى العدالة.
وآخر مظهر لهذه الأزمة ما أعلنته اللجنة القضائية التي أشرفت على الاستفتاء الخاص بتعديلات دستور السيسي الأخيرة!، فقد أعلنت عن أن الإقبال كان عظيمًا، وأنه الأعلى في تاريخ الانتخابات المصرية، ثم قالت كلامًا طويلا وعريضا عن الديمقراطية في مصر، يصلح كموضوع إنشائي في مدرسة، ولا يمت للقضاء أو الواقع بصلة!.
وغير معقول أبدًا أن يكون الإقبال على هذا الاستفتاء بالذات “شيء محصلش قبل كده”، فهو عودة من جديد إلى نقطة الصفر في مجال توازن السلطات، حيث يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة تجعله يحكم قبضته على البلاد، ويلغي الفصل بين السلطات، ويطلق مدة حكمه ليحكمنا 11 سنة أخرى.
وأسأل حضرتك سؤالا أرجو أن تجيب عنه وأنا أثق في إجابتك مقدمًا: أيهما أهم للناخب المصري في رأيك.. انتخابات الرئاسة عام 2012 وكان التنافس بين المرشحين شديدًا جدًا ورأي كل مواطن غاية في الأهمية لأن كل صوت مطلوب من الناخبين؛ لأن المنافسة على أشدها؟ أم استفتاء التعديلات الدستورية الأخيرة، والنتيجة معروفة مقدمًا وتستطيع أن تطمئن على فوز الحكومة باكتساح وأنت نائم في بيتك؟!.
وإذا جئنا إلى الأرقام الرسمية المعلنة فستجد مفاجأة، ففي انتخابات الرئاسة عام 2012 كان عدد من أدلوا بأصواتهم 23 مليونًا بنسبة 46.42% من أصل خمسين مليونًا يحق لهم التصويت، ومن فضلك لاحظ النسبة، أما في استفتاء عام 2019 حيث بلغ عدد الناخبين 61 مليونا، وقالت اللجنة إن 27 مليونا أدلوا بأصواتهم بنسبة 44%، ولو سمحت قارن نسبة الإقبال بين هذا وذاك ثم احكم على كلامهم، وأن هذا الاستفتاء هو الأعلى في تاريخ مصر.. وعجائب.
أضف تعليقك