امتنعت سلطات الانقلاب، اليوم الجمعة، عن التعليق على وقائع فساد تتعلق بتورط ضباط ينتمون للقوات المسلحة في صفقات مالية مع شركة إسبانية تتولى تنفيذ عددٍ من مشاريع الحماية للآثار في أكثر من مدينة مصرية، بحسب ما كشفت صحيفة "الموندو" الإسبانية الواسعة الانتشار، أمس.
وكشفت الصحيفة الإسبانية عن توجيه اتهامات قضائية لمسئولين سابقين في شركة "ديفيكس" الإسبانية، تتعلق بالكسب غير المشروع، واقتسام عمولات ضخمة مع جنرالات في المخابرات المصرية، على علاقة بعقود تأمين وحماية أماكن أثرية مصرية هامة، من بينها أهرامات الجيزة، ومعبد الأقصر، ووادي الملوك.
وأصدرت المحكمة الوطنية في إسبانيا اتهاماً، حصلت "الموندو" على نسخةٍ منه، وصف طريقة إدارة المال العام الإسباني، الذي موّل عقود حماية وتأمين الكنوز الأثرية المصرية الثمينة، بأنها "شابتها ممارسات تشبعت بالفساد"، مشيرة إلى استدعاء القاضي خوسيه دي لاماتا كبار المسئولين التنفيذيين السابقين في شركة "ديفيكس"، والتي تملك الحكومة الإسبانية حصّة غالبة فيها.
ووجه دي لاماتا اتهامات لمسئولي الشركة الإسبانية، أثناء التحقيق معهم، بشأن اقتسام عمولات تصل إلى خمسة ملايين يورو في عام 2010، بالاشتراك مع أشخاص آخرين، منهم جنرلات مصريون بارزون في جهاز المخابرات.
وبحسب الصحيفة الإسبانية، فإن الطرفين المصري والإسباني وقعا عقوداً بقيمة 30 مليون يورو (ارتفعت لاحقاً إلى 35 مليون يورو تقريباً)، لاستخدامها في حماية وتأمين مناطق أثرية هامة، وكذلك توريد معدات، وتقديم خدمات، منها التدريب على أعمال الحماية، وتحسين الأوضاع الأمنية في هذه المواقع التاريخية.
وأشارت مذكرة الاتهام إلى أن المتورطين أجازوا أيضا دفع مبلغ 1.5 مليون يورو لشركة "دلتا" للأنظمة الإلكترونية، التي أسست عام 2005 من قبل المخابرات المصرية، وما يسمى "مجلس الدفاع الوطني"، وترأس الشركة منذ إنشائها الجنرال مدحت مرشد.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الجنرال نفسه هو الذي وقع مع لارومبي بالقاهرة، في نوفمبر 2010، مشاركة شركة "ديسكو" في العقد لـ"توريد المواد، وتنفيذ الأعمال المدنية المشمولة في نطاق العمل، بمشروع تحسين المواقع الأثرية في مصر"، لافتة إلى توقيع إضافات جديدة على العقد بعد ذلك مع الجنرال محمود عبد الوهاب، والجنرال توفيق حسين، في عامي 2012 و2013 على التوالي.
ووقعت الإضافات الجديدة عن شركة "ديفيكس" المسؤولة سوزانا أغيلار، وزوجة أخ الرئيسة السابقة لوزارة الحكم المحلي في مدريد، كريستينا ثيفونتس.
وصرح القاضي الإسباني بأنه "في الوقت الحالي من التحقيق، لا يمكن تحديد المبلغ الإجمالي المدفوع من قبل ديفيكس إلى ديسكو، أو العمل الذي قامت به الشركة المصرية، خاصةً أن شركة ديفيكس دفعت بشكل مريب عمولة أخرى إلى شركة سيان البريطانية بقيمة 1.8 مليون يورو، وقعها لارومبي مع محام سويسري، يدعى ويلي ديتشي، نيابة عن الطرفين".
وبحسب القاضي، فإن شركة الاستشارات "كي بي أم جي" فشلت في تحديد المالك الحقيقي لشركة "سيان" في تقرير صدر بتكليف من "ديفيكس" في عام 2015، عندما كانت الشركة تحاول توضيح أفعال مدرائها السابقين.
ومع ذلك، أشير في مذكرة الاتهام إلى أن المستفيد من العمولة كانت سيدة مصرية تدعى إيناس جوينة (ترتبط على الأرجح بأحد الجنرالات المصريين)، في الوقت الذي أكد فيه تقرير التدقيق الداخلي لشركة "ديفيكس" لعام 2015، والذي قدم إلى القاضي، أن "سيان" ليس وكيلاً تجارياً دولياً معروفاً، وأنه "من غير المعروف لمن يتم الدفع حقيقة".
وأصدر السفاح عبد الفتاح السيسي، في التاسع من شهر أكتوبر الحالي، قانون "التعاقدات الحكومية" الجديد، الذي سيلغي قانون "المزايدات والمناقصات" الذي كان الشريعة العامة لبيوع الأجهزة الحكومية جميعاً منذ صدوره عام 1998، واستمر قائماً رغم المشاكل العديدة التي أثيرت حول تطبيقه، خاصة في نهاية العقد الماضي.
وترجع خطورة القانون الذي سيدخل حيز التنفيذ في الثالث من نوفمبر المقبل، إلى أنه يسمح للمرة الأولى بتعاقد جميع الهيئات والإدارات الحكومية مع بعضها، بالأمر المباشر، دون اتباع المناقصات أو المزايدات أو حتى الممارسات المحدودة، ما سيتيح، وفقاً لمصادر حكومية مطلعة، أفضلية استثنائية لأجهزة الجيش والاستخبارات التي تمارس أنشطة هندسية وتجارية، للسيطرة على المشروعات الحكومية المختلفة، دون منافسة من رجال الأعمال والشركات المحلية والأجنبية، وأبرز تلك الجهات هي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والشركة الوطنية للطرق، وهيئة الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، والشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية.
أضف تعليقك