في حوار سابق مع "صحيفة "المصرى اليوم " الانقلابية، قال الفريق "مهاب مميش" نحن بالنسبة لنا كعسكريين، لا نستطيع أن نقتنع بمدني كان مدرسا أن يكون قائدا أعلى للقوات المسلحة".
فهذا العسكرى المتغطرس، يبدي اعتراضه، على كون الرئيس المنتخب ديمقراطيا من الشعب، بصرف النظر عن انتمائه السياسى أو الديني، وكنوع من الاستهانة وعدم الاحترام والتقدير والتعالي على الشعب، الذي درج عليه العسكر، يتحدث عن عالم عمل في شركة ناسا للفضاء الخارجي وذلك لخبرته في التعدين والفلزات، ويقول بأنه مدرس، ولا يريد أن يقول إنه أستاذ دكتور، وعلى مايبدو أن الحاكم في البلاد العربية والإسلامية المنكوبة، لا بد أن يكون عسكرياً جاهلاً، على الرعم من أن الرئيس مرسي، جاء باختيار الشعب، لكنه جاء على خلاف هوى العسكر، فلذلك صرح الفريق مميش بأن العسكريين لايعترفون به، لأن هؤلاء العسكر لا ينظرون لمصلحة الشعب واختيارته ولكن فقط ينظرون لمصلحة العسكر، وإلا فكيف يقبلون برئيس مدنى منتخب، ليكون قائداً أعلى للقوات المسلحة ،حتي ولو كان الدستور ينص على ذلك!!
وعداوة العسكر للديمقراطية لاتحتاج إلى دليل ،فهم لايحكمون الشعوب إلا بالدكتاتورية والإستبداد،كما هو مشاهد منذ خمسينيات القرن الماضي.
وهذا ماعبر عنه الزعيم الملهم الذي قال: في لقاء جرى في منزله عام 56 احنا مستعجلين على إيه؟ احنا قاعدين في الحكم عشرين سنة.. ولما الثورة تثبت أقدامها وتنتهي من خصومها نبقى نعمل الديمقراطية اللي انتوا عايزينها، وكانت حجة عبدالناصر ومن على رأيه في رفض إقامة نظام حكم مدني ديمقراطي سليم هو أن ذلك سيعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 23 يوليو؛ ولذلك حرك عبدالناصر مظاهرات مأجورة تدعو بسقوط الديمقراطية، في يوم 28 مارس 1954 حيث خرجت أغرب مظاهرات في التاريخ تهتف بسقوط الديمقراطية والأحزاب المدنية، ودارت المظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ومجلس الدولة وكررت هتافاتها ومنها "لا أحزاب ولا برلمان"، ووصلت الخطة السوداء ذروتها، عندما اشترت مجموعة عبد الناصر صاوي أحمد صاوي رئيس اتحاد عمال النقل ودفعوهم إلى عمل إضراب يشل الحياة وحركة المواصلات، وشاركهم فيها عدد كبير من النقابات العمالية وخرج المتظاهرون يهتفون "تسقط الديمقراطية تسقط الحرية، وأسفرت تلك المظاهرات عن إلغاء كل ترتيبات الانتقال الديمقراطي للسلطة في مصر.
وفي مساء اليوم التالي 29 مارس وصل المتظاهرون إلى مقر مجلس الدولة بالجيزة، وعلا الهتاف ليشمل الدكتور عبد الرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة، الذي كان يرأس اجتماعًا للجمعية العمومية لمجلس الدولة في هذا الوقت، وبدأ المتظاهرون ينادونه بالجاهل والخائن، ويسبونه بأقذع الألفاظ ويطالبون بسقوطه، فدخل أحد الضباط إلى مكتب السنهوري، وطلب منه الخروج إلى حديقة المحكمة لمخاطبة المتواجدين بها والتهدئة من روعهم، وبمجرد أن لمحه جموع المتظاهرين حتى اقتحموا فناء المجلس وانقضوا عليه بالسب والضرب، وكادوا أن يفتكوا به ذلك اليوم، لولا أن تلقى الضربة أحد السعاة بمجلس الدولة، ولم يتمكن من مغادرة المكان إلا بعد قدوم الصاغ صلاح سالم الذي اصطحبه إلى الخارج.
ويروي خالد محيي الدين في مذكراته “والآن أتكلم” أن عبد الناصر اعترف له أنه دفع أربعة آلاف جنيه من جيبه لتدبير مظاهرات العمال الرافضة للديمقراطية، وأنه قال له “لما لقيت المسألة مش نافعة قررت أتحرك، وقد كلفني الأمر أربعة آلاف جنيه”، وهو يتفق مع ما أعترف به الصاوي، وفي موضع آخر في مذكراته يقول خالد محيي الدين أن القاهرة “شهدت في خضم أزمة مارس ستة انفجارات دفعة واحدة، منها انفجاران في الجامعة وانفجار في جروبي وآخر في مخزن الصحافة بمحطة سكة حديد القاهرة، كلها لم تتسبب في خسائر مادية، لكنها أثارت هواجس شديدة وسط الجميع حول مخاطر انفلات الوضع ومخاطر إطلاق العنان للديمقراطية دون قبضة حازمة للدولة.
وبدأ الكثيرون يشعرون أن الأمن غير مستقر وأنه من الضرورى إحكام قبضة النظام وإلا سادت الفوضى، وقد روى لي عبد اللطيف بغدادي أنه زار عبد الناصر في أعقاب هذه الانفجارات هو وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم فأبلغهم عبد الناصر أنه هو الذي دبر هذه الانفجارات لإثارة مخاوف الناس من الاندفاع في طريق الديمقراطية والإيحاء بأن الأمن قد يهتز وأن الفوضى ستسود إذا مضوا في طريق الديمقراطية.
وكما قال المشير الجمسي، رحمه الله الذي أكد على مبدأ عدم أهلية العسكريين للاشتغال بالسياسة: إن الرجل العسكري لا يصلح للعمل السياسي قط ، وإن سبب هزيمتنا عام 1967 هو اشتغال وانشغال رجال الجيش بالألاعيب في ميدان السياسة؛ فلم يجدوا ما يقدمونه في ميدان المعركة!!
وكما قال فيلسوف النكسة وعراب الانقلاب "هيكل"لم تكن نكسة يونيه مجرد هزيمة عسكرية لجيوش أو لأنظمة حكم ، بقدر ما هي نتيجة طبيعية لحقبة من الاستبداد السياسي مارستها المؤسسة العسكرية المصرية، عندما خاضت غمار السياسة باعتلاءها الحكم وتركت ميدانها الرئيسي العسكري الموكل إليها ، فلا نجحت في إدارة البلاد سياسياً اللهم إلا بالقمع والقهر، ولا انتصرت في ميدان المعركة عسكرياً.
وعقب الانقلاب العسكرى، سقطت أقنعة العسكر وشعارات الوطنية المضللة،وأن العسكرين هم حماة الوطن ،فظهرت حقيقة هؤلاء في أنهم يعملون لخدمة أعداء الوطن وتنفيذ مخططاتهم ،
فهذا المتغطرس، يتفاخر بأنه لايحترم الرئيس المنتخب ، وهذا ببساطة شديدة يعنى ، عدم احترامه لإرادة الشعب، وأن الجيش لايعدو عن كونه مؤسسة من مؤسسات الدولة، وظيفتها حماية الحدود، وليس قمع وقهر الشعب وإذلاله وإهانته، والإستيلاء على مقدراته!!
أضف تعليقك