• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: إحسان الفقيه

"فلعمري يا عمرو ما تُبالي إذا شبعت أنت ومن معك أنْ أَهْلَكَ أنا ومن معي؟ فيا غوثاء، ثم يا غوثاء".

لم تكد هذه الرسالة تصل إلى عمرو بن العاص والي مصر من أمير المؤمنين عمر في عام الرمادة، حتى أرسل له عمرو على الفور: "لعبد الله عمر أمير المؤمين، من عمرو بن العاص، أما بعد فيا لبيك ثم يا لبيك، قد بعثت إليك بعيرًا أولها عندك وآخرها عندي، والسلام عليكم ورحمة الله".

ولما اجتاح التتار بلاد العالم الإسلامي، نهض جيش مصر ومعه جيش الشام بقيادة سيف الدين قطز لمقارعة التتار، وكسروا شوكتهم في عين جالوت، فتحطمت أسطورة المغول، وفي ذلك نظم الشاعر:
ووقفتُ في حطين أقطف زهرة الأمل النبيل
ورأيت في جالوت ماء النيل يبتلع المغول
بكتائب الإيمان جنب المصحف الهادي الدليل
تمضي كتائبنا مع الفجر المجلجل بالصهيل

هي مصر أرض الكنانة، التي أضاء أزهرها بقاع المعمورة، وجرت بالخير على المسلمين في كل زمان كجريان نهرها الخالد.

ما الذي تغير يا مصر؟ أين وجهك القديم؟ أين ثوبك العتيق؟ أين خيرك؟ أين إشعاعك؟ أين البريق؟!

أوَ كلما طالعنا شأنك تنتابنا غُصّة؟ أوَ كلما فتحنا نوافذك نرصد ما يملأ قلوبنا حسرة عليك وعلينا؟
طالعت كغيري في الآونة الأخيرة حوارًا مُتلفزًا مع تلك العجوز التي غرّها طول الأمل ولَمَّا تلتفت للقبر الذي يناديها، يُشار إليها بالبنان في عالم الحروف والأدب وحقوق المرأة، إنها الكاتبة نوال السعداوي، التي اكتسبت شهرتها من خلال الطعن في ثوابت الدين الاسلامي.
هي ذات المرأة التي سمت نفسها بنت الله، وقالت إذا كان الله له ابن (في إشارة فاسدة لأن المسيح هو ابن الله)، فلماذا لا يكون له بنت، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وهي التي وصفت الحج والطواف حول البيت وتقبيل الحجر الأسود بأنها عادات وثنية.
وهي التي هاجمت الحجاب، وقالت أنه ضد الأخلاق، وأنها تؤيد منع الحجاب في كل دول العالم، ولم تر غضاضة في أن تتعرى المرأة.
هي التي زعمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس عادلًا وليس قدوة، وقالت أن المولود يمكن أن يُنسب إلى أمه وليس أبيه، وتُكرِّس للفحشاء وتلوث الأنساب.
قالت إن تعدد الزوجات الذي شرعه الإسلام زنًا مقنع، هي التي تطاولت على الذات الإلهية في كتابها العفن "الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة" وهو عبارة عن مسرحية تتخذ شكل الحوار بين الإله وأنبيائه والشيطان، ويظهر في المسرحية ظلم الإله لبعض أنبيائه تعالى الله عما تقول .
هي التي أقرت بالعقيدة الفاسدة التي تقول بأن المسيح قد صلب، في إنكار واضح لقول القرآن {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } [النساء: 157].
وقالت إنها مع حرية إعلان الإلحاد واعتبرته حقًا دستوريا، وأن الدين يعيدنا إلى الوراء بينما العالم يتقدم، وأبدت تشككها في الإيمان بالله، وزعمت أنه لابد من الشك قبل الإيمان.
سلسلة لا تنتهي من الطعن في الدين عقيدة وشريعة من قبل هذه الشمطاء المشوّهة، كان آخرها دعوتها إلى تعديل القرآن الكريم إذا تعارضت نصوصه مع المصلحة العامة، وزعمت أنه لا توجد ثوابت في الدين ولا يوجد نص ثابت، وأن تجديد الخطاب الديني يعني تغيير الثوابت.
لقد ارتكبت الكاتبة العجوز بتلك الافتراءات أكثر من جريمة:
فهي تتهم الله تعالى ضمنًا بالجهل وعدم الحكمة عندما حمل كلامها اتهاما للقرآن بأنه قد يتعارض مع مصالح الناس.
وحمل كلامها عن تعديل القرآن تكذيبا لقول الله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، فهي تتكلم عن إمكانية تحريف وتبديل النص القرآني.
كما تضمن حديثها فرية أنه لا ثوابت في الدين، وهي دعوة باطلة هدامة، تطلق حرية الكفر، وتفتح الطريق أمام إنكار أمور ومسائل ثابتة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة.
الذين يسمون أنفسهم بالقرآنيين وقالوا نأخذ من القرآن دون السنة، أرادوا نسف الدين حيث أن معظم التشريعات ثابتة بالسنة أما القرآن فهو يبين الخطوط العريضة والقواعد العامة، وكلاهما وحي من عند الله، أما نوال السعداوي ففاقتهم في الضلال والافتراء، وزعمت أن النص القرآني يمكن تعديله بما يناسب المصلحة فتُنسف بذلك معالم الدين وجوهره وأساسه وفروعه، ويُفصّل وفق أهواء البشر.
كيف يسمح لهذه العجوز بهذه السلسلة المتتابعة من الهجوم على ثوابت الدين دون رادع؟ كيف يحجب العلماء والدعاة عن الرد عليها؟ وأين القضاء الشامخ من قضايا ازدراء الأديان؟ أم أنه مشغول بأحكام الإعدام والسجن المشدد بحق معارضي النظام الانقلابي؟
يسمح لهذه الشمطاء بالهجوم على الدين باعتبار ذلك حرية رأي، بينما تضيق السجون بالشباب لأن آراءهم قد انحرفت عن هوى النظام الحاكم المُجرم.

لقد تمكن الرويبضة من أرض الكنانة، فصار التافه يتحدث في أمر العامة، كل تخصص له شأنه وقدسيته فلا يسمح لغير المتخصص أن يتكلم في غير ميدانه إلا الدين، فهو حمى مباح، يتكلم في مسائله الدقيقة كل من أراد، يتكلم برأيه دون علم، فلك الله يا أرض الكنانة، لك الله يا شعب مصر، ذلك الشعب الذي يتعرض لهذه الحملة الشرسة من أجل نسف هويته الإسلامية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

أضف تعليقك