منذ الانقلاب العسكري، تتعرض الآثار المصرية لحالة كبيرة من الإهمال، خاصة بعد قرار رئيس عصابة العسكر عبد الفتاح السيسي بعدم تركيب كاميرات مراقبة داخل المخازن الأثرية، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه للسرقة دون محاسبة.
ففي يونيو 2017 أوصت اللجنة التي شكلتها وزارة الآثار بحكومة الانقلاب لوضع خطة تركيب كاميرات بالمخازن الأثرية التابعة للوزارة بعدم تركيب كاميرات داخل المخازن، وأن يتم الاكتفاء بمراقبة مداخل المخازن والأبواب فقط، رغم أن القطع الموجودة داخل المخازن غير مسجلة، ما يعني أنه في حالة سرقتها أو تهريبها، لن يكون لمصر الحق في المطالبة بعودتها من جديد.
وفوجئ المصريون أمس بقرار وزارة الآثار بحكومة الانقلاب إرسال قطع أثرية ترجع لحقبة الملك توت عنخ آمون إلى معارض بالخارج، الأمر الذي فضح نظام العسكر الذىبيت النيه لسرقة الآثار المصرية وبيعها مع سبق الإصرار والترصد.
تأجير توت عنخ آمون
جاءت البداية حين فجرت الناشطة الأثرية مونيكا حنا، مفاجأة عن خروج 30% من القطع الأثرية الخاصة بكنوز الملك الصغير "توت عنج أمون" للخارج بمبلغ زهيد قوامه 116 دولاراً فى اليوم ولمدة 5 سنوات!
وقالت "حنا" عبر حسابها الرسمي بـ"تويتر" للأسف الشديد سيسافر معرض توت عنخ أمون، وهياخد معاه ٣٠% من قطع توت عنخ أمون الذهبية وقطع كتيرة فريدة.
كانت الناشطة الأثرية قد وجهت نداء استغاثة لوقف "معرض الآثار" المزمع عرضه بالخارج تحت مسمى "كنوز الفرعون" الصغير، الذي بمقتضاه سوف يتم سفر ١٦٦ قطعة أثرية فريدة ترجع للحقبة التاريخية للملك توت عنخ أمون، وإن مدة العرض بالخارج حسب بيان وزارة الآثار يمتد قرابه 5 سنوات، قابلة للزيادة تنتهي قرابة عام ٢٠٢٤، وإن حصيله الدخل لهذا المعرض يقترب من الخمسين مليون دولار، إضافة إن القيمة التأمينية لهذه المعروضات تقترب من الـ٦٠٠ مليون دولار، وقد جاءت بنود هذا المعرض مجحفة للطرف المصري تمامًا، ولا ترتقي لقيمة هذه الآثار مقارنة بآثار البلدان الأخرى.
كما كشفت أن القيمة المادية للمعرض أقل كثيرًا من سابقيها مثل معرض الآثار المصرية بأمريكا الذي انتهى عام ٢٠٠٩، والذي تضمن قيمة مادية أعلى من القيمة المعروضة حاليًا للمعرض المزمع عقده، مقارنة بما قام به اللوفر مع أبوظبي بعرض بعض الآثار المصرية الأقل قيمة من توت عنخ أمون بمبلغ يوازي مليار و٣٠٠ مليون يورو طيلة ٣٠ عاما، بمعنى ٤٥ مليون يورو في العام، مما يجعلنا نتساءل عن القيمة المادية الأقل التي سوف تحصل عليه مصر في المعرض المزمع عقده.
وكذبت "مونيكا" المزاعم التى صدرت من قبل وزارة الآثار بأن هناك من تلك القطع الأثرية الناردة مثيل لها بالمتحف المصرى.
وأردفت : "أى حد يقول إن قطع توت عنخ أمون اللي سافرت مكررة يروح المتحف المصري في التحرير بكره ويصور لنا القطع المكررة اللي مسفرتش اللي زي دول، أو يجيب النشر العلمي اللي بيقول في منها اتنين".
وأطلق مغردون على تويتر عدة هاشتاجات أبرزها #الملك_توت #الملك_لا_يسافر، ناشدوا من خلالها المسؤولين بفتح تحقيق في المعرض.
كما دشن نشطاء صفحة على فيسبوك، وصفوا من خلالها المعرض المزمع عرضه في الخارج بـ "الكارثة".
تأجير الأهرامات
لم تكن واقعة تأجير قطع توت عنخ ىمون بثمن بخس هي الأولى منذ الانقلاب العسكري، ففي يناير الماضي كشف رئيس شركة الصوت والضوء للتنمية السياحية في مصر، سامح سعد عن تأجير منطقة الأهرامات لشركة إماراتية بهدف إدارتها.
وقال "سعد" إن شركة "بريزم إنترناشيونال" الإماراتية سوف تقوم بإدارة منطقة الأهرامات الأثرية بالجيزة، مؤكدًا الحصول على الموافقة من الدولة لإدارة المنطقة السياحية الأهم بالقاهرة، لمدة 20 عاما، على أن تقوم بعمليات تطوير وضخ مبلغ 50 مليون دولار.
وكشف رئيس شركة الصوت والضوء للتنمية السياحية، عن وجود شراكة مع شركة "بريزم إنترناشيونال"؛ لعمل تصور لمشروع تطوير منطقة الأهرامات والأعمال الإنشائية بمشروع الصوت والضوء وتطوير العروض الفنية، على حد زعمه.
و أكد "سعد" أن الشركة تقدمت منذ عامين لتطوير عرض الأهرامات مع إدارة المنطقة لمدة 20 عاما، وحصلت على الموافقة المبدئية من الآثار للبدء في المشروع، وسوف يجتمع الجانبان؛ لضبط الأوراق الرسمية، على أن يتم الإعلان بكل التفاصيل خلال الأيام المقبلة.
من جانبها، قالت رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق، ميرفت حطبة، إن صعوبة الوضع المالي لشركة "الصوت والضوء" أوصل لنظام المشاركة مع "بريزم إنترناشيونال"، والاتفاق على ضخ 50 مليون دولار لتطوير المنطقة وإدارتها بالكامل لمدة 20 عاما، وتقديم عروض فنية لكبرى الشركات العالمية.
آثار مفقودة
في أغسطس 2017، كشفت تقارير لجان الجرد المُشكلة بمعرفة الإدارة المركزية للمخازن المتحفية بوزارة الآثار، عن تفاصيل قاعدة البيانات الخاصة بالقطع المفقودة من المخازن المتحفية، والتي بلغ عددها 32 ألفًا و638 قطعة مفقودة، ومقيدة بإجمالي 4360 رقمًا في السجلات.
وتتضمن قاعدة البيانات 892 قطعة أثرية مباعة؛ حيث كانت في حوزة أحد الأشخاص قبل إقرار قانون الآثار، وهذه القطع المباعة مقيدة بإجمالي 247 رقمًا في السجلات.
وفي سبتمبر 2017 اتهم ناشطون سلطات الانقلاب بتسهيل سرقة الآثار، ونقلها إلى دولة الإمارات.
وتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسلسلًا زمنيًا لما قالوا إنها طريقة سرقة الآثار المصرية، ونقلها إلى الإمارات، لعرضها في متحف "لوفر أبوظبي" الذي تم افتتاحه في نوفمبرالماضي.
وقال الناشطون، إنه في 17 يونيو الماضي، وافق قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، على ترؤس مجلس أمناء المتحف المصري الكبير، وذلك قبل يومين من صدور قرار بمنع استخدام الكاميرات في مخازن وزارة الآثار حفاظًا على القطع الأثرية من السرقة.
ولفتوا إلى أنه في 28 يوليو الماضي، انقطع التيار الكهربائي عن مطار القاهرة، دون سبب معلوم.
وأضافوا: "في 16 أغسطس الماضي، أعلنت وزارة الآثار المصرية اختفاء 33 قطعة أثرية من داخل المتحف المصري".
وأشار الناشطون إلى أن الآثار التي تم تهريبها أو سرقتها من المتحف المصري، تم الإعلان عن عرضها في متحف "لوفر أبوظبي".
وأفاد نشطاء بأن المعرض يضم جنائزية للملكة "دوات حتحور حنوت تاوي"، وأحد التماثيل القديمة لـ"أبو الهول" الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد، وغيرها من التماثيل والأعمال الفنية.
أضف تعليقك