كثيرًا ما تسبب الرصاص الطائش في تحويل الأفراح إلى أتراح، والتهاني إلى مآسٍ، بسبب استهتار شخص فضل التعبير عن فرحة بطريقة غير مشروعة وغير مستساغة، ذلك هو الوضع في الأعراس التي تشهد إطلاق الرصاص من الأسلحة ابتهاجًا بالعرس، فتتحول معها المظاهر في بعض الأحيان، من تهان إلى تعاز.
وتنتشر في مصر عادة إطلاق الرصاص بكثافة في الأفراح، وتتكرر الظاهرة في مختلف أنحاء مصر، وتتسبب في مقتل الأبرياء، بسبب ما يعرف بـ"المجاملة بضرب النار".
ضحايا أفراح الشرقية
تكررت في الآونة الأخيرة حوادث في الأفراح بمحافظة الشرقية بسبب الرصاصات الطائشة، حيث تعرض طفل للإصابة بطلق نارى بالرأس، نتيجة رصاصة طائشة حال تواجده بحفل زفاف أحد أقاربه بههيا، وسط حالة من الانفلات الأمنى تشهدها شوارع الشرقية.
وتبين أن الطفل يدعى أحمد محمود سليم ٥ سنوات تلقى طلقًا ناريًا حال تواجده أمام إحدى كافيهات المدينة بحفل زفاف، وتم نقله إلى مستشفى التيسير بالزقازيق، ولم يستدل على هوية الجانى.
وأكد الطبيب المعالج لوالد الطفل على أن حالة نجله خطيرة للغاية بعد إصابته برصاصة واستقرارها فى رأسه بمنطقة أسفل المخ، مضيفًا أن التدخل الجراحى صعب للغاية، والطفل بين الحياة والموت.
الطلقات الطائشة بكل المحافظات
لم تعد ظاهرة إطلاق الرصاص بالأفراح تقتصر على الصعيد فقط، بل انتشرت في القاهرة وباقي المحافظات أيضًا، ففي أغسطس الماضي أطلق مواطن الرصاص على ابنته، احتفالًا بزفافها بالجيزة، وألقت الشرطة القبض عليه، وقال إنه ونجل شقيقه أطلقا الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجًا بالزفاف، فاخترقت رصاصة صدر العروس، وخرجت من الظهر وأصابت فتاة أخرى.
وحسب تحقيقات النيابة العامة، فإن الأب ونجل شقيقه، أطلقا أعيرة نارية في الهواء، ابتهاجًا بالزفاف، أثناء دخول العروس، فاخترقت إحدى الرصاصات صدرها، وسقطت غارقة في دمائها، بينما كانت ترتدي فستان الزفاف الأبيض.
ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، بل أصابت الرصاصة نفسها فتاة من أقارب العريس، كانت تقف خلف العروس.
كما قتل الطفل يوسف في مدينة 6 أكتوبر بالقاهرة في شهر مايو الماضي، أثناء وجوده في ميدان الحصري، بعد أن اخترقت رصاصة رأسه.
وكشفت تحقيقات النيابة أن الرصاصة جاءت من إطلاق أعيرة نارية في حفل زفاف بالقرب من الميدان، ووجهت النيابة اتهامات لحفيد الرئيس الموقت الأسبق صوفي أبو طالب، ونجل نائب برلماني، بإطلاق الرصاص والتسبب في مقتل الطفل.
وفي أغسطس من عام 2016، شهدت قرية أولاد نجم بمحافظة قنا مأساة حقيقية، عندما فقدت العروس والدها أثناء عقد قرانها، إثر إصابته برصاصة أثناء إطلاق النار عشوائيًا، ابتهاجًا بالزفاف.
وفي منتصف شهر سبتمبر من العام 2015، قتلت فتاة في حفل زفاف بمنطقة منشأة ناصر بالقاهرة، بعد أن أطلق أحد أقارب العريس الرصاص من سلاح ناري غير مرخص، فاستقرت رصاصة في صدرها، مما تسبب في وفاتها.
وفي شهر مارس من العام الماضي، تحول حفل زفاف بقرية الضبعية التابعة لمركز القرنة بمحافظة الأقصر إلى جنازة، عقب مقتل أحد المعازيم برصاصة، وتبين من التحريات وأقوال الشهود، أن المجني عليه كان مدعوًا لحضور أحد الأفراح بالقرية، وأثناء جلوسه لمشاهدة العروسين، وسط إطلاق نار من المعازيم وأصحاب الفرح برفقة عدد من الأصدقاء، وأبناء القرية، خرجت طلقة نارية عن طريق الخطأ استقرت في صدره وتم نقله على إثرها إلى مستشفى الأقصر الدولي، إلّا أنه فارق الحياة قبل وصوله.
رأي القانون
لا يوجد إحصاء دقيق لعدد الحوادث المنتشرة بسبب الرصاصات الطائشة بالأفراح، لكن ظهور السلاح في الأفراح والمناسبات بات من المشاهد المألوفة في المجتمع المصري، كما أن وقوع ضحايا نتيجة الرصاص الطائش من الحوادث المتكررة.
ويؤكد خبراء أن القانون يجرم إطلاق النار في الأفراح وحمل الأسلحة غير المرخصة، موضحين أنه في حالة إصابة أو مقتل أي شخص في الأعراس، توجه للمتهم تهم حمل سلاح من دون ترخيص، والإصابة أو القتل الخطأ، وتصل العقوبة إلى السجن نحو 15 سنة.
ويشير الخبراء إلى أن عقوبات القانون بهذا الشأن غير رادعة، فإذا كان السلاح مرخصًا فالعقوبة الواقعة هي غرامة 100 جنيه أو حبس ستة أشهر، ما يتيح للبعض سهولة الانتقام من أي شخص بهذه الطريقة متخفيًا في رداء "القتل الخطأ" خصوصًا المناطق الشعبية التي تستخدم إطلاق النار بشكل كبير للتعبير عن التهنئة فى المناسبات والأفراح، وأبرز الأماكن التي تستخدم إطلاق النار في المناسبات هي الصعيد ثم المناطق الشعبية بمحافظة الجيزة مثل مناطق إمبابة والوراق والبدرشين والعياط والصف، وبالقاهرة عين شمس وروض الفرج ومنشأة ناصر.
وتكثر المطالبات بضرورة تشديد العقوبات على من يُطلق النار في المدن والقرى.
فوضى اقتناء الأسلحة
لن تتوقف مثل هذه الحوادث، طالما أصبح السلاح فى يد المراهقين والبلطجية بلاضابط أو رابط سواء فى الأحياء الشعبية أو الراقية، خصوصًا بعد حالة الانفلات الأمنى التي تشهدها مصر منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي عام 2013، وبعد أن أصبح القدوة فى نظر الشباب هو نموذج الفتوة الذى يجيد استخدام السلاح، وهو النمط الذى تفننت الدراما فى تقديمه خلال الآونة الأخيرة كنموذج رفاعي الدسوقى، هذا بالإضافة إلى انتشار تعاطى المخدرات.
أضف تعليقك