ظلت مخصصات الدعم بالموازنة المصرية تمثل نوعا من المن على الجماهير بالخطاب السياسى الرسمي، ومبررا لزيادة الضرائب والرسوم، مع الإكتفاء بالرقم الإجمالى للدعم دون ذكر للجهات التى يذهب إليها هذا الدعم ، حيث يتم تكرار الرقم الموجه للدعم الغذائي فقط.
ففي موازنة العام المالى الحالى الذى بدأ فى يوليو الماضى وينتهى آخر يونيو من العام القادم ، بلغت مخصصات الدعم 333 مليار جنيه، وهو رقم ضخم يمثل نسبة 22 % من الستخدامات بالموازنة ويحتل المرتبة الثانية بعد فوائد الديون في أبواب الإنفاق الحكومي.
كما يكرر المسؤولون بلوغ الدعم الغذائى 85 مليار جنيه، وهو ما يعنى أن الدعم الغذائى يمثل نسبة 25 % فقط من مخصصات الدعم ، أى أن النسبة الأكبر تتجه لغير الغذاء خاصة للمنتجات البترولية والكهرباء والصادرات والسكك الحديدية والنقل العام والتاكسي الأبيض وغيرها.
وينقسم الدعم الغذائى ما بين ثلاث مكونات هى : دعم رغيف الخبز، وصرف ما يسمى بنقاط الخبز التى تمثل بدل نقدى لمن لا يصرفون حصصهم الشهرية من الخبز المدعم ، ودعم سلع البطاقات التموينية التى يحصل عليه حوالى 69 مليون فرد ، والذى زادت حصة كل فرد فيها لخمسين جنيها شهريا حتى أربعة افراد للأسرة وفوق ذلك بواقع 25 جنيها.
ولقد تركت الحكومة عشرات المليارات المخصصة للدعم وركزت فقط على دعم البطاقات التموينية، الذى يتكلف حوالى 33 مليار جنيه ، حيث أصدرت شروطا مجحفة للإستحقاق، تتمثل فى ألا يزيد دخل الحرفيين الشهرى عن 800 جنيه ، وأصحاب المعاشات عن 1200 جنيها والموظفين عن 1500 جنيها ، وهى مبالغ ضيئلة لا تفى بالإحتياجات الأساسية.
البطاقات تقلل معدلات سوء التغذية
كما تجهز لقواعد جديدة لإستحقاق البطاقات التموينية لتقليص عدد حامليها ، إستجابة لمطلب صندوق النقد الدولى بتقليص الدعم ، رغم الدور الهام الذى تلعبه بطاقات التموين ، بمواجهة الفقر المادى والغذائى والتقليل من معدلات سوء التغذية المرتفعة.
وفى الوقت التى تستكثر فيه الحكومة صرف خمسين جنيها للفرد كدعم غذائى شهريا ، نجدها تسرف كثيرا بتوجيه الدعم لمجالات أخرى لا تستحقه ، فبموازنة العام المالى الحالى نجد صندوق تطوير الطيران حصل على 838 مليون جنيه من الدعم ، وديوان عام وزارة الخارجية 5ر277 مليون ومصلحة الضرائب 191 مليون جنيه.
وهكذا تتضمن قائمة الدعم 296 مليون جنيه للمحاكم موزعة ما بين : 225 مليون للديوان العام لوزارة العدل ، و5ر18 مليون للمحكمة الدستورية العليا و2 مليون لمجلس الدولة ومثلها لهيئة النيابة الإدارية .
وحصلت الخدمات الثقافية على 103 مليون جنيه موزعة ما بين : 28 مليون لدار الأوبرا ! و13 مليون لهيئة قصور الثقافة و11 مليون لصندوق التنمية الثقافية ، و9 مليون للبيت الفنى للمسرح و7 مليون للمجلس الأعلى للثقافة ، و4 مليون للبيت الفنى للفنون الشعبية والإستعراضية.
323 مليون دعم للصحفيين
وبالمجال الإعلامى حصلت الهيئة الوطنية للصحافة على 323 مليون، بخلاف 9 مليون للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
ونالت عدة جهات تابعة لوزارة المالية مخصصات ، بلغت 102 مليون للديوان العام للوزارة و144 مليون لمصلحة الجمارك، و123 مليون لمصلحة الضرائب العقارية و110 مليون لمصلحة ضريبة القيمة المضافة.
وهكذا اتسعت مجالات تخصيص الدعم لتشمل الإسكان والمرافق بنحو 195 مليون والتعليم 250 مليون، والشرطة 596 مليون والخدمات الدينية 1 مليار جنيه، والصحة 4.2 مليار جنيه والشؤن الاقتصادية 7ر2 مليار جنيه معظمها للمصدرين.
وهو أمر يتطلب إعادة النظر بأولويات ترشيد الدعم التي تتخذها الحكومة حاليا، وإزالة الكثير من المفارقات غير المبررة بتوجيه الدعم، فبينما يحصل صندوق مبانى وزارة الخارجية بالخارج على 45 مليون جنيه، نجد مرفق الإسعاف لا يحصل سوى على 4ر1 مليون جنيه.
وبينما تحصل هيئة الخدمات الحكومية على 8 مليون ، نجد صندوق تطوير المناطق العشوائية يحصل على 395 ألف جنيه أى أقل من نصف المليون، وبينما حصلت دواوين عموم المحافظات على 140 مليون ، كان نصيب المجلس القومى للإعاقة 300 ألف جنيه فقط.
وبينما حصلت مديريات التنظيم والإدارة الخاصة بشؤن الموظفين على 459 مليون، بلغ نصيب الجهات المسؤلة عن توصيل مياه الشرب والصرف الصحى بالمحافظات 185 ألف جنيه فقط.
وتطول قائمة المتناقضات التى تشمل مخصصات بالغة التدنى لكثير من الجهات العلاجية، بلغت خمسة آلاف جنيه لمستشفى أبو سمبل بأسوان ، و عشرة آلاف جنيه لمركز علاج الأورام بجامعة المنصورة.
و30 ألف جنيه لمركز جراحة الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة ، و40 ألف جنيه لمستشفيات جامعة سوهاج ، و60 إلف جنيه لمستشفى بنى سويف التعليمى ، و70 ألف جنيه لمستشفى معهد الكبد بجامعة المنوفية.
أضف تعليقك