• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

سأل سائل: ما هذا الجحيم الذى تعيشه منطقتنا؛ منطقة الشرق الإسلامى؟ قلت: هو من صنع أراذل القوم؛ الحكام، الذين خضعوا لكفار الكون، وسقطوا فى وحلهم، فساموهم الذل والهوان، واستخدموهم فى خدمة بلادهم البعيدة وشعوبهم المترفة، وجعلوهم حربًا ونارًا، وفوضى ودمارًا على شعوبنا؛ فلا يزالون يخرِّبون بلدًا بعد آخر، وقطرًا بعد الثانى حتى لم يبق بلد عربى إلا وفيه هذا الجحيم، وإلا ويُضرب به المثل فى الفقر والتخلف، ناهيك عن فوضى السنوات الأخيرة، وما جرَّته من قتل وترويع، وتجاوزات وانتهاكات لم نسمع بها ولم نرها من قبل.

 

وما سر التسلُّط على هذه المنطقة دون غيرها من مناطق الدنيا؟ السر الأول هو الدولة الصهيونية المنزرعة فى قلب المنطقة، وهى شوكة فى الحلق، وغصة شديدة الوطأة، لا سلامة منها إلا بالجهاد الإسلامى على طريقة النبى -صلى الله عليه وسلم- وسلفنا الكريم، وهذا ما لا يستطيعه حكامنا العلمانيون ذوو الكروش الممتدة، والعروش المتخمة، والجيوش الفاسدة، وهى -أى هذه الدولة- أمل من تبقى من اليهود حول العالم لإحياء ديانتهم المنتهية، ولتحقيق حلم جمع تلك الملايين المشردة فى بلد واحد؛ لنفث سمومهم من جديد، ولممارسة غريزتهم فى إشقاء البشرية وتعذيب الآدميين. وللأسف فإن هذه الدولة مدعومة من كل حكام الغرب، وقد استطاع قادتها ومؤسسوها كسب تعاطف وتأييد هؤلاء الحكام، بالمال وغيره، وبقوة (اللوبى الصهيونى) فى بلاد الغرب، فلا يتخذ قرار يخص المنطقة دونهم، ولا يُسمح لحاكم عربى تولى منصبه دون رأيهم ومشورتهم.

 

أما السر الثانى فهو دين شعوب المنطقة؛ الإسلام، الذى يعاديه الغرب، حسدًا من عند أنفسهم، وخوفًا من تمدده وغزوهم فى عقر دارهم؛ فيقطع عليهم شهواتهم؛ فهم يبادرون بالهجوم، ويبتكرون طرقًا لتدمير المنطقة، وتعجيز شعوبها وإفقارهم، وإلهائهم عن التفكير -مجرد التفكير- فى الغزو والجهاد، وقد جربوا من قبل المواجهات المسلحة والحروب العظيمة. فلم تفلح، فهداهم تفكيرهم إلى صناعة حكام هذه الدول، وأن يكون قرار توليتهم حكم بلادنا وشعوبنا فى أيديهم، وهذا أقصر الطرق لتخريب البلاد؛ فلا أنجع لإضاعة بلد من تولية واحد من أبنائه الحكم، شريطة أن يكون عميلا خائنًا؛ فهو فى رباط حتى يخر سقفه، وتقتلع أعمدته؛ فلا ترى فيه سوى أشباح مواطنين، وبومًا ينعق فوق خراباته.

 

والسر الثالث هو نفط هذه البلاد وخيراتها، وهى مطمع الدول (العظمى)، ورغبتها فى الثراء وإشباع بنيها على حسابنا، ولا وصول إلى هذه الثروات كذلك إلا بتجنيد الحكام، واستغلالهم فى الوصول إلى هذه الثروات واستنزافها، ومص دماء شعوبنا، يفعلون ذلك بطرق (قانونية)، هيأها لهم (الأشاوس)؛ فإذا اعترض مواطن نال جزاء هذا الاعتراض؛ فإن الكبير (العميل) قد ضمن للأجنبى حقه فى البلاد، فلا يحق للمواطن أن يعترض.. مجرد الاعتراض.

 

هل هذا يعنى أننا سنظل فى هذه الدائرة أبد الآبدين؟ مستحيل أن تدوم المؤامرة، ومستحيل كذلك أن يبقى هؤلاء الحكام؛ فإن قدر الله فى الناس هو قانون الدفع، والاستبدال سنة الحياة وناموس الكون، والبقاء للأصلح، والعاقبة للمتقين، وإذا مرت الدول بفترات خمول وضعة؛ فسرعان ما يتبدل حالها، وتتحول إلى حال القوة والصمود، والسر فى أبناء هذه الدولة أو تلك؛ فيما يحملونه من عقائد وأفكار، ولا عقيدة أصح وأمضى وأبقى من عقيدة الإسلام، وهى فى (جينات) هذه الأمة؛ من كثرة ما أشربها أبناؤها من قبل؛ فلا تندثر أمة الإسلام كما اندثرت أمم قبلها، وإن زل أبناؤها عقدًا صححوا وجهتهم عقودًا، وإن هزموا فى معركة انتصروا فى عشر.

 

لكن الأمة خاملة، وأبناؤها نيام كأنهم موتى، والكل ينهش فيها؛ فلا حياة لمن تنادى.. هذا غير صحيح؛ فإن تحت الرماد نارًا لا يطفئها ماء، وفى القمقم مارد سوف يخرج يومًا مدمرًا كل من يقابله. وقد لا ترى هذه الأمارات عيانًا بيانًا.. لكن أمارات أخرى تشير إليها.

 

دعك من مظاهر الغثيان ونوم الأمة، إنما هاتان أمارتان صنعهما حكامنا وكلاء الغرب، لكنه سراب خادع، فالأمة التى عمرت طوال هذه القرون رغم ما يحاك ضدها، قادرة على النهوض فى ساعة بعينها.. ويقولون متى هو؛ قل عسى أن يكون قريبًا. 

أضف تعليقك