• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

ما بين بكاء الثكالى في فلسطين المحتلة، وصرخات الغرقى والمشردين في سوريا، واستغاثة المسلمين السنة في العراق، ولهيب الإبادة الجماعية للمسلمين في ميانمار، والاضطهاد المتزايد في أوروبا، تطل الأسئلة الملحة برأسها من جديد لتقول: من المسؤول عن حماية المسلمين في العالم؟ هل من أحد يسمع صرخاتهم ويلبي نداءهم؟ لماذا هم الفئة الأكثر اضطهاداً في الكثير من دول العالم؟

وهل من الممكن أن يلجأ المضطهدون إلى الأمم المتحدة لتصدر بياناً شديد اللهجة يدين المذابح والإبادة الجماعية لمسلمي الروهينغا أم هل نتوقع أن يعقد مجلس الأمن اجتماعاً ليبحث المشكلة برمتها ويتخذ من التدابير الكفيلة لوقف هذه الإبادة؟ وهل تنظم باريس ولندن ومدريد مظاهرات تنديداً بقتل هؤلاء؟ البشر باعتبارهم بشراً وليس باعتبارهم مسلمين أم هل نرى أضواء برج إيفل مطفأة حزناً على هؤلاء البشر؟

بالتأكيد لن يحدث أي مما سبق ليس لشيء سوى أن القتلى مسلمون ليس لهم أحد يسمع صوتهم أو يدافع عنهم. وقبل كل شيء، ماذا فعلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي في القضية الفلسطينية على مدار ما يزيد على نصف قرن؟ أليست القوى الكبرى نفسها والمجتمعات الدولية هي من تسببت في غزو العراق وقتل ما يربو على مليون عراقي وتشريد الملايين الآخرين؟ أليست القوى الغربية هي من تحارب في صف النظام السوري متسببة في قتل مئات الآلاف من البشر وتشريد الملايين؟ أليست المجتمعات الدولية هي ذاتها من تسن القوانين في كافة البلدان الغربية والأميركية لتضيق الخناق وتزيد من اضطهاد المسلمين؟

الحقيقة العارية التي يراها كل المسلمين والعرب أن العالم لا يعترف إلا بالقوة، وأن النظام العالمي الذي نشأ في بداية القرن العشرين وُلد ليحمي الأقوياء ويشرعن الاعتداء على الضعفاء.

وكيف للمسلمين أن ينتظروا إغاثة من هنا وهناك وهم بعد لم يستخدموا ما بأيدهم من مكامن للقوة؟ ألا تستطيع سبع وخمسون دولة إسلامية في منظمة التعاون الإسلامي التصدي لحالات الاضطهاد التي يتعرض لها المسلمون في العالم؟ ألا تستطيع الجيوش العرمرم في باكستان وإندونيسيا وتركيا ومصر وبنغلاديش التكتل لمواجهة هذه التحديات؟ ألا تستطيع المملكة العربية السعودية بإنفاقها العسكري البالغ 56 مليار دولار مد يد العون لمسلمي الروهينغا؟ أليس المسلمون في كل أنحاء العالم أحق بالمبالغ الضخمة التي تجاوزت 400 مليار دولار التي ستدفعها المملكة العربية السعودية مقابل الحماية الأميركية؟

وإن كانت الحلول العسكرية لا تروق للكثير من الدول الإسلامية والعربية كالعادة، أفلا تستطيع الدول الإسلامية والعربية جميعاً قطع علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع ميانمار حتى يحفظوا ماء الوجه إن بقي منه شيء؟ ألا تستطيع الدول الإسلامية توطين هؤلاء المسلمين المضطهدين في دول أخرى؟ ولكن كيف يفعلون ذلك وقلوبهم شتى ومآربهم مختلفة وأهواؤهم تتجه دائماً ناحية الغرب الذي يملك عروشهم قبل قلوبهم. 

لقد مات خليفة المسلمين المعتصم بالله بعدما لبى نداء امرأة استغاثت به لينقذها من جيش الروم، فخرج بجيش عرمرم واستأسد حتى حرر المرأة من براثن الروم. وبعد المعتصم بقرون طويلة سقطت الخلافة الإسلامية لتترك المسلمين في العراء بلا ظل يحميهم ولا كيان يدافع عنهم. وأصبحت كل دولة إسلامية مشغولة بحالها تدير ظهرها لسواها من دول الإسلام؛ لتسير كل منها على النهج الذي رسمته المخططات الاستعمارية.

في المقابل، أسست أوروبا اتحادها لتوحد كلمتها في أرجاء العالم، فأصبح للاتحاد الأوروبي كلمة قوية ومسموعة في شتى أنحاء العالم. ومن قبل، أسست أميركا إمبراطوريتها السياسية والعسكرية لتحكم بها زمام العالم من الشرق إلى الغرب.

لهذا، ليست قضية مسلمي الروهينغا سياسية فقط، بل عقائدية تعبر بكل وضوح عن الحال الذي وصل إليه المسلمون في جميع أنحاء العالم، فما هي إلا تجسيد واضح المعالم لفلسطين المحتلة وسوريا المشردة والعراق الممزقة ومسلمي أوروبا والعالم الغربي المضطهدين.

ولكن رغم حالة الوهن الشديدة تلك، لا يزال الأمل يراود المسلمين في كل بقعة من الأرض في أن يبعث الله إلى هذه الأمة المستضعفة من يوحد كلمتها ويقوي شوكتها ويأخذ حقوقها؛ ليسمع أنين الثكالى ودعوات المظلومين وصرخات المستغيثين. وحتى ذلك الحين، لم يبق أمام الأمة إلى الصبر والدعاء، عسى الله أن يفرج كرب المسلمين في كل مكان.

أضف تعليقك