بسم الله الرحمن الرحيم
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) (28) إبراهيم.
تأتي الذكري الرابعة لانقلاب الثالث من يوليو الغادر لتشهد على واحدة من أشنع الخيانات في حق الوطن وأبنائه؛ بتصديق قائد الانقلاب رسميًا على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية التي أقرها برلمان العار، وتنازل بموجبها عن جزيرتي تيران وصنافير، رغم صدور حكم نهائي من القضاء بمصرية الجزيرتين.
ولا شك أن ذلك التنازل يفتح الباب أمام هيمنة صهيونية على البحر الأحمر ومزيد من التمدد الصهيوني السرطاني في المنطقة.
لقد ان هؤلاء الانقلابيون مصر في أعزّ ما تملك.. في أرضها، وثرواتها، ومياهها، وعرضوها لنقص حاد في المياه، ونقلوها عنوةً من طور التطبيع مع العدو الصهيوني إلى العمالة المباشرة في بلاطه ضد الأمة ومصالحها.
وتأتي هذه الذكرى البائسة وقد تعمد المنقلب الخائن إلهاب ظهور المصريين بمزيد من رفع أسعار الطاقة والسلع الأساسية في استهانة فاجرة حتى بمن انخدعوا به وأيدوه في ذلك اليوم الأغبر.
إن تلك الذكرى تستحضر مشهد ذلك اليوم الذي اختطف فيه العسكر أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، بعد أن حاصروه على امتداد عام كامل، وسط دولتهم العميقة، وعملوا على تشويهه وإطلاق ألسنة الحقد والإهانة ضده بصورة ممنهجة.
ومنذ ذلك اليوم وعلى امتداد أربع سنوات تغيّر وجه مصر بعد أن هوى بها العسكر إلى منحدر سحيق، وما زال الوطن ينتقل من سيئ إلى أسوأ، بعد أن أنهك الفقر الجميع، وغرقت البلاد في ديون تنوء بها الجبال ودماء غزيرة ستظل تلعن سافكيها على امتداد الأجيال.
وسيظل التاريخ حافظًا في ذاكرته للأجيال المتتالية ما يتعلمونه من نتائج أحداث هذا اليوم وما بعده، والتي من أهمها:
- أن الانقلاب العسكري خيانة للشعب، وإهدار لإرادته، وسحق لكرامته، وكبت لحريته، وقتل لطموحه، وتبديد لحلمه، واستخفاف بعقول أبنائه، واستهانة بغضبته، واحتقار لقدرته، وتمزيق لوحدته، وتضييع لحقوقه، وإفساد لحاضره، وتكبيل لمستقبله.
- أن هذا الانقلاب يستهدف كل فئات الشعب المصري، وأن الذي يدفع ثمن استمراره ليس رافضيه وحدهم، وإنما الشعب بكل فئاته، ولن يتوقف ذلك على هذا الجيل وحده، وإنما يمتد أثره إلى الأجيال التي لم تولد بعد.
- انكشاف حقيقة الحكم العسكري ومرارته وظلمه وفساده المتأصل في جذور الدولة، وسعيه المستمر للسيطرة على منابع الخير في البلاد والتفريط فيها لصالح العدو.
- أن اللحظات الفارقة والتحديات الصعبة كفيلة بسقوط الأقنعة وفضح خبايا النفوس وكشف أسوأ ما في الجميع.
- أن الحفاظ على أدوات التغيير القانوني والسلمي - إن توفرت - أهم من الحصول على مكتسبات شخصية أو حزبية.
- أن تجزئة المبادئ وتقديم المصالح عليها عار وخيانة، وأن الثورة بحاجة إلى تضحيات عظيمة على الأرض لا يستطيع دفع ثمنها من يحترفون ترديد الشعارات البراقة وإطلاق المصطلحات المنمقة الخادعة.
- أن فصيلاً واحدًا مهما بلغت قوته وشعبيته لا يستطيع تحقيق التغيير المنشود وحده، وأن العسكر لم يكن يتحقق لهم النجاح لولا براعتهم في تفريق أطياف المجتمع وفصائل الثورة.
- أن كل يوم يمر على الحكم العسكري دون مقاومة هو مسمار جديد يثبت سطوته، ويشجعه على مواصلة القمع والظلم والنهب والخيانة.
وتؤكد جماعة الإخوان المسلمين في هذه المناسبة أنهم كانوا وسيظلون - في قلب الثورة المصرية منذ ٢٥يناير٢٠١١م وحتى زوال الانقلاب بإذن الله - يستصغرون كل التضحيات التي تصيبهم مهما كان حجمها والتي بلغت الآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من المعتقلين والمطاردين والمضارين، ويثمنون كل المبادرات الوطنية المخلصة للاصطفاف الوطني مع كل القوى التى تؤْمِن بالحرية وترفض الاستبداد وتحرم سفك الدماء وتسعى لاستعادة إرادة الشعب ولا تتنازل عن مكتسبات ثورة يناير في مواجهة هذا الانقلاب الفاشي، وذلك انطلاقًا من مبادئ ثابتة يؤمنون بها ويؤكدونها، تتمثل فيما يلي:
١- المقاومة السلمية التي تستخدم كل وسيلة متاحة - غير الصراع المسلح- لكسر الانقلاب حفاظًا على دماء المصريين وعدم الاستدراج إلى الحرب الأهلية مهما حدث، ووضع آليات محددة لذلك، مع الالتزام بحركة الجماهير الواعية.
2- العمل على كل المحاور انطلاقًا من الحراك الميداني المتصاعد ومرورًا بالمسارات السياسية والإعلامية والقانونية والحقوقية لملاحقة الانقلابيين في كل مكان في العالم والاستفادة بكل طاقات الشعب، سواء المقيمون منهم في الداخل أو في خارج الوطن.
3- التمسك بالشرعية وعودة الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي، وليس ذلك تشبثًا بكرسي أو تكالبًا على حكم, وإنما حق أصيل من حقوق الشعب، وثمرة كبرى من ثمار ثورة يناير
4- العمل المتواصل لتحقيق القصاص العادل لجميع الشهداء والمصابين وتحرير جميع المعتقلين السياسيين واسترداد الأموال والثروات المنهوبة، والتصدي بكل الوسائل القانونية والحقوقية والإعلامية لوقف تنفيذ أحكام الإعدام وكل الأحكام والانتهاكات الظالمة التي يتم اقترافها داخل السجون.
5- عدم الاعتراف بكل ما أصدره السفاح المنقلب عبدالفتاح السيسي من قرارات أو عقده من معاهدات أو قروض أو صفقات، أضرت بصالح البلاد, وفرطت في أرض الوطن ومياهه، ووضع الآليات اللازمة لإزالة كل الآثار المترتبة على هذا الانقلاب الفاشي.
٦- التمسك الكامل بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة, وبحتمية عودة الجيش لثكناته والانشغال بمهمته في حماية الوطن وتأمين حدوده.
كما تؤكد جماعة الإخوان المسلمين أنهم سيواصلون حراكهم المقاوم لهذا الانقلاب بين صفوف الشعب المصري دون أن يتقدموا عليه أو يتأخروا عنه حتى يتم إسقاطه ومحاكمة رموزه واستعادة مصر حرة أبية بإذن الله تعالى " ...وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) "الروم".
والله أكبر ولله الحمد
جماعة الإخوان المسلمين
الأحد 8 شوال 1438هـ = الموافق 2 يوليو 2017
أضف تعليقك