تخلص نظام الانقلاب العسكري من العديد ممن ساندوه قبيل وقوعه أو بعد إتمامه، سواء أكانوا من التنفيذيين أو النشطاء أو البرلمانيين أو الإعلاميين أو رجال الأعمال، وتم التعسف مع بعضهم والتشهير بهم إعلاميا وبث مكالماتهم الخاصة، ليتحقق عمليا ما ورد في الأثر: "من أعان ظالما سلطه الله عليه".
وشمل ذلك التخلص من عدد الرموز اليسارية التي ساندت الانقلاب ، وتولت مناصب وزارية في عهده أمثال الدكتور حسام عيسى الذى تولى منصب وزير التعليم العالي ونائب رئيس الوزراء بوزارة حازم الببلاوي في يوليو/تموز 2013 ، وكمال أبو عيطه الذى تولى منصب وزير القوى العاملة، وأحمد البرعي الذى تولى منصب وزير التضامن والعدالة الاجتماعية، واستمروا بمناصبهم رغم المجازر الدموية التي ارتكبها النظام خلال فترة توليهم . الغياب
ولعل نظرة حالية إلى مشهد إعلان الجنرال بيان الانقلاب في الثالث من يوليو 2013 ، وتفقد من كانوا يحيطون به خلاله كلمته ، يمكن من خلالها ملاحظة غياب محمد البرادعي عن المشهد وهو الذى عين نائبا لرئيس الجمهورية، ونشر وسائل الإعلام تابعة للنظام مكالماته التليفونية الخاصة والتشهير به ، وكذلك التضييق على قيادات حزب النور إلى حد المنع من إلقاء خطبة الجمعة ، والاتهامات الإعلامية التي طالت شيخ الأزهر ، وحتى الشريك الرئيسي في الانقلاب، وهو وزير الداخلية محمد ابراهيم تمت إقالته من منصبه .
وواكب ذلك منع عودة الفريق أحمد شفيق إلى مصر رغم ما قام به خلاله وجوده بالإمارات من التحضير للانقلاب ودعم كثير من أطرافه خاصة الأذرع الإعلامية . والتضيق على حمدين صباحى رغم ما قام به من دور للتهيئة للانقلاب وقبوله دور السنيد في الانتخابات الرئاسية ، وغياب عمرو موسى عن المشهد السياسي حاليا ، وتحجيم دور من ساندوا الانقلاب ممن تولوا مناصب مستشارين لعدلي منصور وهم: الدكتور مصطفى حجازي، وأحمد المسلماني، وسكينه فؤاد .
وفيما يخص البرلمانيين تم فصل توفيق عكاشه رغم ما قام به من تهيئة الساحة للانقلاب على الرئيس المنتخب ، وما نشره من افتراءات ، وما تلاه من فصل النائب محمد أنور السادات الذى كان من مؤيدي الانقلاب ، ثم كان التشهير بالنائب خالد يوسف الذى أُخرج مشهد تصوير مظاهرات الثلاثين من يونيو وما به من مبالغات، وذلك بنشر فيديوهات غير أخلاقية له .
وكذلك منع النائب عماد جاد المؤيد للانقلاب من الحديث بالبرلمان ، وهو ما تم مع نواب آخرين مثل كمال أحمد، والتشهير بنواب يساريين ، وحرمان النائب عمرو الشوبكي المؤيد للانقلاب من عضوية البرلمان بعد الحكم القضائي ببطلان عضوية منافسه أحمد مرتضى منصور ، وكان توبيخ نائب كفر سعد الذى طالب برفع الحد الأدنى للأجور على الملأ خلال زيارة الجنرال لدمياط آخر تلك المشاهد .نصيب وافر من الإعلاميين
ورغم ما قام به المستشار أحمد الزند خلال رئاسته لنادى القضاة من مواقف مضادة للرئيس مرسى خلال توليه منصبه ، إلا أن النظام استغنى عنه بعد فترة قصيرة من توليه منصب وزير العدل، مثلما حدث مع وزراء آخرين مثل نبيل اسماعيل فهمى وزير الخارجية الذى سعى لدى الدول الكبرى لتبرير الانقلاب، ومنير فخرى عبد النور وزير الصناعة والتجارة الخارجية الذى كان للهجوم على الإخوان نصيباً دائما من تصريحاته رغم اختصاصه الفني البعيد عن السياسة، وأيضا وزير التعليم العالي أشرف الشيحى والذى فصل الدكتور محمد مرسى من جامعة الزقازيق تم الاستغناء عن خدماته .
وشمل الاستغناء أيضا قيادات لم تمانع في التعاون مع نظام الانقلاب مثل المستشار هشام جنينه رئيس جهاز المحاسبات السابق ، والدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية الأسبق الذى عمل مسؤولا عن مشروع محور قناة السويس وتم الاستغناء عنه دون إبلاغه ، ومحمود عبد اللطيف رئيس بنك الاسكندرية الأسبق الذى عمل مديرا لصندوق تحيا مصر ، وعندما اعترض على أسلوب استثمار أمواله تمت الإحاطة به .
ورغم تسخير رجل الأعمال صلاح دياب صحيفة "المصري اليوم" التي يملك معظم أسهمها للتمهيد للانقلاب ، والنيل من نظام الدكتور محمد مرسى خلال فترة حكمه ، فقد ناله بعض التعسف الى حد القبض عليه وتصويره وابنه بالكلبشيهات في أيديهما ، كما تم منع إعطاء أية أعمال حكومية للمكتب الهندسي التابع للمهندس ممدوح حمزه المناهض للإسلاميين على طول الخط ، وعمل قضية احتكار بجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار لمحمد فريد خميس رئيس اتحاد المستثمرين رغم مساندته للانقلاب .
وجرى التعسف إلى حد السجن لكثير من النشطاء والمدونين ممن أيدوا الانقلاب مثل: بعض رموز حركة السادس من أبريل ، والعديد من الإعلاميين الموالين للانقلاب بداية من منع نشر مقالاتهم الدورية بالصحف ، إلى منع ظهور العديد من مقدمي البرامج الحوارية بالفضائيات.
ورغم تبنى قيادات نقابية بنقابة الصحفيين الاحتفال بذكرى تأسيس نقابة الصحفيين تحت رعاية قائد الانقلاب رغم استمرار حبس العديد الصحفيين ، فقد نالهم تعسف الانقلاب إلى حد الحكم عليهم بالسجن أيضا، وكانت الإطاحة بغالبية قيادات الصحف الحكومية مؤخرا بعد أكثر من ثلاثة أعوام من تزييف الحقائق وحجب الكثير منها إرضاء للنظام .
وكما جرى بالعديد من المواقع التنفيذية بزيادة حصة العسكريين بها على حساب المدنيين، سواء بالوزارة والمحافظين أو بالمناصب التنفيذية العليا ، فقد تم تطبيق ذلك على الصحف الحكومية بزيادة نصيب محرري الشؤن العسكرية من المناصب القيادية بها .
وهكذا تحققت مقولة اللواء محمد نجيب التي ورت بمذكراته بأن "العسكر زى الفريك ما يحبش شريك ".
أضف تعليقك