لا يتوقف العسكر عن ارتكاب الجرائم بحق المصريين يوميًا، بل إنهم يقومون بتطوير جرائمهم لتصبح أفظع وأشنع، ففي الوقت الذي اعتاد فيه المصريين على قيام سلطات الانقلاب بتصفية بعض المعارضين جسديًا بدلًا من القبض عليهم ومحاكمتهم، بدأ الأمر يتسع ليشمل الجنائيين أيضًا.
وهذا ما جرى في قرية البصارطة اليوم في محافظة دمياط، تلك القرية المنكوبة بمليشيات العسكر وإعلام الانقلاب، حيث استيقظ سكان مدينة تفتيش كفر سعد فجرًا على أصوات إطلاق رصاص كثيف وحالة من الهرج والمرج بشارع مبارك، أعقبها توارد أنباء عن تصفية مطلوب واعتقال آخر بإحدى الشقق السكنية.
ثم عقب إعلان اسم القتيل اتضح أنه المدعو السيد غازي كحلة، وهو مشهور بالتجارة المشبوهة (سلاح ومخدرات)، وأنه كان مستأجرا المنزل منذ قرابة أسبوعين.
وأنه توجد بينه وبين بعض الضباط مشاكل شخصية، فتوجهت قوة من الأمن للقبض عليه فحدث تبادل لإطلاق الرصاص، مما أدى لإصابة ضابط وأمين شرطة ومجند، ونتيجة التبادل الكثيف لإطلاق الرصاص تم تصفية المطلوب، والسيطرة على الموقف.
وعقب التصفية حضر ضباط من الأمن الوطني، ثم تم إطلاق شائعات في الصفحات والمواقع التابعة للانقلاب بأن القتيل إرهابي، وكان يجهز للقيام بتفجير كنيسة رأس البر واغتيالات، وحتى اللحظة لم يصرح مصدر رسمي بملابسات الحادث، خاصة أن القتيل ووفقًا لشهود عيان وأهل قريته أنه مشهور بتجارته المشبوهة.
وبدأ خلط الأوراق، حيث تمادت صحف الانقلاب في وصف القتيل بالإرهابي، وتمادى بعضهم في كذبه ليقول أنه من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، التي يتخذها الانقلاب كشماعة لفشلهم في إدارة البلاد.
ويستمر الكذب والتلفيق، ليصرح أحد قيادات المليشيات، وهو اللواء السيد العشماوى مدير إدارة البحث الجنائى بمديرية أمن دمياط، "أن تبادل إطلاق النار بين الأمن وعناصر الخلية الإرهابية، أسفر عن مقتل الإرهابى السيد سحلة، وإصابة ضابطى الشرطة محمد عبدالرحمن ضابط أمن مركزى بطلق نارى بالساق، وعبدالله الإبراشى ضابط بطلق نارى فى الصدر، وعماد رمضان، أمين شرطة بطلق نارى بالذراع، والقبض على أحد العناصر الإرهابية"، على حد زعمه.
سياسية التصفية الجسدية
يتكرر نفس السناريو، على يد سلطة الإجرام العسكر، فلا تتوقف عمليات الاغتيال والإعدام الميداني للمعارضين وأحيانًا للجنائيين الذين يودون الخلاص منهم سريعًا دون محاكمات.
وحسب التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، بلغت حالات التصفية الجسدية خارج القانون 43 حالة عام 2016، منها 34 لأسباب سياسية، و8 مواطنين لخلافات مدنية وحالة واحدة لأسباب جنائية.
وشملت حالات التصفية عددًا من المحافظات كالتالي : كفر الشيخ (2)، دمياط (4)، بني سويف (4)، المنيا (1)، القليوبية (2)، القاهرة (6)، الفيوم (1)، محافظة الشرقية (6)، الدقهلية (3)، الجيزة (7)، الإسماعيلية (1)، أسيوط (2)، المنوفية (2)، أكتوبر (2)، وتم تصفية (14) حالة في الشارع، و(16) حالة تصفية في المنزل، و(3) حالات أخرى.
ومن هنا ثبتت نية العسكر الحقيقية في التطلع إلى السلطة والطمع في حكم البلاد، فبعد استيلائهم على السلطة بقوة السلاح واعتلائهم كراسي الحكم، أضيفت إلى خصائصهم العسكرية، فساد السلطة، وأخلاقيات الحكم الفردي المطلق فاقد الأهلية والشرعية.
فبعد الانفراد بالسلطة، واجهتهم مشكلة الشرعية والتأييد من قبل المصريين، ومع اعتمادهم على القوة العسكرية والجيش بآلياته الثقيلة ومعداته، إلا أنهم يظلون محتاجين إلى إرساء سلطتهم المغتصبة على أسس الشرعية لكسب التأييد الشعبي والدولي لهم، وهذا ما فعله قائد الانقلاب السيسي حين قدم مؤقتًا عدلي منصور في الواجهة، وظل هو من خلفه الحاكم الفعلي الآمر الناهي.
بعد فشل الحصول على الشرعية، انكشف القناع عن طمع العسكريين في السلطة، ليزداد بطشهم بالمعارضين والمؤيدين على السواء، لا سِيَّما الذين يرفعون أصواتهم بالنقد أو بكلام لا يروق لهم.
إن عمليات التصفية الجسدية المتزايدة في العدد والنوع والكيفية، صارت وسيلة للنظام ونهجًا له، لإشاعة الرعب والفزع في نفوس المعارضين، لإخراسهم عن قول الحق, إلا أنهم مهما حاولوا إخافة المصريين ومهما قتلوا منهم فالأحرار لن يتوقفوا عن إعلاء كلمة الحق في وجه السلطان الجائر.
أضف تعليقك