أدرك الأستاذ حسن البنا منذ اللحظة الأولى لتأسيسه جماعة الإخوان المسلمين عام 1928؛ ما للإعلام من أهمية كبيرة وتأثير عظيم في مدى انتشار الأفكار والدعوات وتغلغلها في مختلف الأوساط والشرائح والمجتمعات والدول، فوثق الأستاذ البنا علاقته بالصحف الإسلامية التي كانت قائمة قبل أن تكون له صحف ينشر فيها آراءه وأفكاره، فصارت هذه الصحف منبرا عاما للإخوان المسلمين إلى أن تمكن الإخوان من إصدار أول مجلة لهم بعد انتقال مركز الدعوة إلى القاهرة، وهي جريدة الإخوان المسلمون الأسبوعية في حزيران/ يونيو من عام 1933.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى مصادرة صحفهم وحل جماعتهم على يد جمال عبد الناصر سنة 1954، ثم قرار السادات بإلغاء تراخيص الصحف في 5 أيلول/ سبتمبر 1981، أصدر الإخوان المسلمون 15 صحيفة ما بين مجلة وجريدة. وبعد ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير2011، أصدر الإخوان المسلمون جريدة "الحرية والعدالة" لسان حال حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمون، وأسسوا كذلك فضائية "مصر 25".
على مستواه الشخصي، استطاع الأستاذ البنا - كما يقول معاصروه - أن يستخدم كل مهارات الاتصال والتعبير في تواصله مع الناس من خلال حرصه على كسب القلوب، ولغته العالية السهلة، فهو يرفع صوته في مواضع ويستخدم المشاعر والوجدان في مواضع، ويلجأ إلى الحجج العقلية في مكانها، وهو يتواصل مع كل أصحاب مهنة أو طبقة أو مستوى تعليمي بالأسلوب الذي يفهمونه، ويضع أفكاره في القالب المناسب للجمهور الذي يتوجه إليه، وهو يضرب الأمثال ويحكي القصص ويخطف الأسماع دون ملل، ويصغي باهتمام وتفاعل ويهتم بمحدثه مهما كان.
يقول الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين رحمه الله: "إن الإعلام يثبت كل يوم دوره الفعال في الحياة عامة، وفي الجانب السياسي خاصة، وقد اهتم الإمام الشهيد حسن البنا بهذا الجانب رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها جماعة الإخوان المسلمين، وقد وضح ذلك في تعدد المجلات الأسبوعية والشهرية والجرائد اليومية، وأيضا من خلال المؤسسات الصحفية التي أولتها الجماعة اهتماما كبيرا، إضافة إلى دور النشر ووكالات التوزيع، مع الحرص على استمرارية وتواصل الرسالة الإعلامية وسط ظروف الملاحقة والمصادرة من قبل السلطات الرسمية".
ونظرا لأهمية الإعلام ودوره الفعال في مجال انتشار الدعوات والأفكار كما أسلفنا، فقد استطاع الأستاذ البنا أن يمكن جماعة الإخوان المسلمين من استخدام كافة وسائل الإعلام المتاحة لهم في نشر دعوتهم وفي حدود الإمكانات المتاحة، وقد تمثلت هذه الوسائل الإعلامية المتاحة في ثلاثة أنواع أساسية:
النوع الأول.. يضم الوسائل الإعلامية المطبوعة، وهي كل المطبوعات التي أصدرها الإخوان المسلمون من كتب ورسائل ونشرات ومنشورات ومجلات وصحف.
النوع الثاني.. هو الإذاعة فقد أنشأ الأستاذ البنا إذاعة خاصة في حي باب اللوق بالقاهرة، وقد كان هذا الأمر ممكنا قبل انقلاب يوليو، وقد سلمها للحكومة المصرية بعد قرار حل الإخوان الأول في عهد النقراشي.
النوع الثالث.. فهو وسائل المواجهة الجماهيرية عن طريق الخطابة والمحاضرات والندوات والمؤتمرات مثل أحاديث الثلاثاء وغيرها، واستخدم الإخوان كذلك الإذاعة المدرسية في نشر الفضائل والأخلاق والثقافة، وفي نشر فكرتهم.
- المطبوعات غير الصحفية
وكانت تتمثل في المؤلفات التي صدرت عن الجماعة من الكتب والرسائل، وقد ألف الباحثون والمفكرون من الإخوان المسلمين الكتب في ميادين التاريخ والأدب والاجتماع والتفسير والدعوة والسياسة والفقه والسيرة النبوية والقانون، ومختلف جوانب الفكر الإسلامي والعلوم الحديثة، وأنشأ الإخوان المسلمون دور النشر والتوزيع المختلفة، فأصبح الكتاب الإسلامي يجد له مجالا متسعا من النشر بعد أن كان مضيقا عليه من قبل ولفترة طويلة.
- المطبوعات الصحفية
أما عن المطبوعات الصحفية فقد كان لحسن البنا تجرته الصحفية الرائدة، وقد كتب الأستاذ أحمد أبو الفتح مرة في جريدة الوفد في مقاله الأسبوعي يقول: "من أراد أن يتعلم الصحافة والعمل الصحفي النزيه فليتعلم من مجلة الدعوة لسان حال الإخوان المسلمين، وأشاد بهذا العمل الذي وصفه بالجدي الأمين والعطاء الممتد والأمانة الصحفية والبعد عن كل مواطن الشبهات.
- أبرز صحف ومجلات الإخوان المسلمين
مجلة (جريدة الإخوان المسلمون)- مجلة النذير- مجلة المنار(امتداد المنار للشيخ رشيد رضا)- مجلة التعارف- مجلة الإخوان المسلمون- جريدة الإخوان المسلمون اليومية– مجلة الكشكول الجديد- مجلة الشهاب- مجلة المباحث القضائية- جريدة الدعوة- مجلة المسلمون- مجلة السيدات المسلمات- جريدة الإخوان المسلمون (الإصدار الثاني)- مجلة الدعوة (الإصدار الثاني الجديد)- مجلة الدعوة (المهاجرة).
لا شك أن الصحافة والإعلام بشكل عام قد احتل مساحة كبيرة من فكر ودعوة الأستاذ حسن البنا رحمه الله، وعلى أصحاب الدعوات والأفكار التي تسعى لبناء الأمة وتحررها من هيمنة الشرق والغرب أن يدركوا أهمية الإعلام في بناء الوعي والنهضة والحضارة كما أدركها البنا..
أضف تعليقك