استغلت الآلة الإعلامية للنظام الانقلابي في مصر حادثة تفجير الكنيسة البطرسية، وقامت بالهجوم على الأزهر ومناهج التعليم، بزعم أن هناك قصورا فى دور الأزهر فى مواجهة الجماعات المتطرفة، واستغلوا وصف شيخ العسكر لإخوانه المسيحيين بأنهم أهل ذمة، ما زاد من حنق الكنيسة عليه، التي طالبت الدولة بضرورة تفعيل دورها في تجديد الخطاب الديني، وفرض ثقافة تحترم الآخر، لقطع الطريق أمام النظرة الفوقية التي تتعامل بها المؤسسات الدينية الرسمية مع المسيحيين! (يبدو أن شيخ العسكر أضحى متطرفا عند القوم!)
وفي ظل محاربة قائد الانقلاب الدائمة للإسلام، وتصويره على أنه منهج للعنف والإرهاب، فقد استغل أحداث تفجير الكنيسة البطرسية للضغط على الأزهر لتعديل المناهج التعليمية، بزعم أنها تساعد على العنف! ولم يجد النظام الانقلابي وقتا أفضل من هذا الوقت لشن هجوم كاسح على مناهج الأزهر، وإلصاق تهم الإرهاب بها، وتشويه كل ما هو إسلامي أو يحث على الجهاد، بزعم أنها تفرخ إرهابيين! (والنظام الانقلابي يفرخ كتاكيت!) بحشد أبواقه الإعلامية للدفع فى هذا الاتجاه، فخرجت الأذرع الإعلامية بِطلّتها الكالحة المعهودة، لتطالب بتعديل مناهج الأزهر، بل وإلغاء مادة الدين الإسلامي بالمدارس!
وعندما استضافت إحدى القنوات الانقلابية، الصليبي الحاقد إيهاب رمزي، عرض جزءًا من تفسير سورة الفاتحة في كتاب التربية الإسلامية، للصف السادس من آية (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، وأن الضالين هم النصارى والمغضوب عليهم هم اليهود، وأن كل دين غير الإسلام باطل، فقال: نحن عندنا مشاريع إرهابيين! وعلق المذيع على كلام ضيفه بقوله: ده كارثة لو مكتوب فعلا في كتاب الدين، يبقى كارثة، وولادنا في سادسة ابتدائي بيتعلموه، تبقى كارثة، ولو وزارة التربية والتعليم عارفة تبقى كارثة، ولو مش عارفة تبقى كارثتين، احنا كده بنربي إرهابي!
بربكم هل الإرهابي هو الذي يدرس تفسير آية من كتاب الله؛ أم من قال: لن يحكم مصر مسلمون يجددون فيها سيرة المحتل عمرو بن العاص الذي احتلها منذ أكثر 1430 سنة بعد أن أعادها الرب إلينا؟!
كما قام أحد الأراجوزات وهو يستعرض بعض فقرات من كتاب (الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع)، والذي يؤكد على عدم بناء كنيسة في الإسلام، لكون إحداث ذلك معصية، وحال بنائها يتم هدمها، وضرورة تمييز المسيحيين نساءً ورجالا بملابس معينة، فقال: دا اللي بيُدرس لأئمة المستقبل، دي كارثة، واللي عايز يقاضيني يقاضيني!
لا تخف من المقاضاة؛ فالشامخ موجود والحكم بعد المكالمة، والعفو الانقلابي موجود!
ولم يكتف بهذا بل قال إن مناهج الأزهر بها أن: لا نفقة على من تم اغتصابها، وجواز أكل لحم تارك الصلاة، وغيرها دي مصيبة سودا .. ياداهية دوقي!!
وطبعا هذه كلها أوهام، على غرار مضاجعة الوداع، ونكاح الجهاد، فكلها من بنات أفكار إعلام فاهيتا!
أما أبو حمالات فقال: إن الأعمال الإرهابية مستندة إلى آيات القرآن وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وآراء الفقهاء، ماحدش يكذب ويدافع عن الإسلام، الإرهاب كله موجود في أحاديث البخاري، هذه الأعمال الإرهابية مسنودة إلى آيات من القرآن الكريم وإلى أحاديث نبوية وفتاوى لفقهاء، وعبدة البخاري لا يطيقون كلمة نقدية لكتاب عمره مئات السنين، يستند إليه قتلة ومتطرفون، لا بد أن تدركوا أن قطع الرءوس موجود في كتب الدين، والأحاديث النبوية وفى تفسير القرآن الكريم!
ولكن أبي حمالات لم يستعرض "المحبة والسلام" التي وردت في إنجيل متى 10: 34-35 ، منسوبة إلى المسيح ابن مريم عليه السلام: لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا! وفي إنجيل لوقا 19: 27 يُنسَب للمسيح عليه السلام أنه قال: أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي.
فهل ياترى سيُذبح أعداء المسيح بالمحبة أم بماذا يا إعلام العار؟
ولم يكن برلمان العسكر بمنأى عن توجيهات قائد الانقلاب؛ فقد سارعت لجنة حقوق الإنسان بالمطالبة بإلغاء مادة التربية الدينية من المناهج الدراسية لجميع المراحل، حتى لا تحدث فتنة طائفية، واعتبروا أن حادث تفجير الكنيسة البطرسية لن يكون الأخير، طالما أن النظام التعليمي يسير وفقا لهذا المنوال، فحصة الدين مكانها المسجد والكنيسة!
إن الفتنة الطائفية إنما يغذيها النظام الانقلابي، وليست حصة الدين التي هي في نهاية اليوم، وليس بها رسوب ولا نجاح.
كما أن وزارة ثقافة الانقلاب، دأبت على مهاجمة الأزهر والتعليم الأزهري، وتحميله المسئولية عن انتشار العنف داخل المجتمع المصري، وزعمت أن المجتمع يعاني من قصور في النواحي الثقافية والتعليمية، بسبب توغل التعليم الأزهري في مصر، كما قال وزير ثقافة الانقلاب في كلمة له أمام مؤتمر السلام المجتمعي، الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية بالإسكندرية، بعنوان (دور المجتمع المدني في مواجهة العنف): إن التعليم الأزهري يشكل نسبة كبيرة في مصر، وهو أمر لابد من إعادة النظر فيه، وكذلك إعادة النظر في المناهج الدينية التي تدرس في المعاهد الأزهرية!
وكان (الصحفي الشيوعي) صلاح عيسى قد دعا إلى استحداث مادة الأخلاق، التي تطرح القيم المشتركة بين الديانات السماوية وحتى الديانات الأرضية، لأن هناك سيطرة من الجماعات المتشددة على التعليم فى المدارس، ولأنه كان لدينا مدرسون يحرمون تحية العلم والنشيد الوطني، ويبثون فى الطلاب مشاعر طائفية بغيضة، وبالتالي لا بد من وضع دراسة تقوم على نشر قيم التسامح والاعتراف بحقوق الآخرين فى تأدية العقيدة والشعائر الدينية، لا تدعو للتعصب حتى لا ندرس مناهج داعش لأطفالنا, حسب زعمه.
هذه الفكرة سبق أن طُرحت فى نهاية حكم المخلوع مبارك، للتغطية على فكرة التوريث، وانتهاكات حقوق الإنسان آنذاك، لكنها باءت بالفشل، واليوم يحاول النظام الانقلابي بعث الروح فى مثل هذه الأفكار البالية.
"ولا يحيق المكرُ السيءُ إلا بأهله".
أضف تعليقك