• الصلاة القادمة

    العشاء 17:29

 
news Image
منذ ثانية واحدة

الخوف فطرة إنسانية موجودة مع النفس البشرية وكانت مع الأنبياء أثناء دعوتهم الأمر الذي كان يدعوهم الي الحذر وأخذ التدابير اللازمة فوصف الله نبيه موسي قال تعالى ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) القصص ووصف الله تعالى أنبيائه موسى وهارون في موضع آخر فقال تعالى (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ (45)طه ورد الله تعالى عليهم حيث قال تعالى(قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ (46)طه فكان الرد من الله تعالى عليهما رسالة طمئنة وليست إنكار للخوف

والخوف الفطري يقتضي الحذر والحيطة كما قال القرآن (ياأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فإنفروا ثبات أو إنفروا جميعاً ( 71 ) وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيداً ( 72 ) ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيماً ( 73 ) النساء

وهذا مافعله الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة والتدابير اللازمة لها .،

ولكن إياك وأن تكون من الصنف الثاني الذي قال عنه الله تعالى و(إن منكم لمن ليبطئن ......) بمعنى يقدم قدم ويؤخر أخرى وليس له هوية أو لون أو طعم أو رائحة أو إتجاه معين ويظهر كأنه مع الفريقين أهل الحق وأهل الباطل ينتظر الفائز منهما ليقول له كنت معك .

بالبلدي وبالعامية (لابد في الدره) ولو لوكان مجبر على رد عن موقفه (يقولك أنا لامع دول ولامع دول)

وهذا هو الإمعة الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( لا تكونوا إمعة ، تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، و إن ظلموا ظلمنا ، و لكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، و إن أساؤوا فلا تظلموا ))[ الترمذي ]

وللعلامة الدكتور راتب النابلسي كلام جميل وطيب في شرح معنى الإمعة تحت عنوان الأخلاق المذمومة ننقل لكم البعض منه " الإمعة هو الذي لا رأي له ، فهو يتابع كل أحد على رأيه ، يجلس مع منكري الدين معكم الحق الدين خرافة ، الدين أفيون الشعوب ، الدين ضبابيات ، الدين حلم لا معنى له ، يجلس مع أهل الإيمان الإنسان بلا إيمان لا قيمة له ، هو نفسه يقول هذا ، و يقول هذا ، سمِّه منافقاً ، سمِّه متلوناً ، سمِّه وصولياً ، سمِّه منحرفاً ، سمِّه يعبد ذاته ، سمِّه إنسان مصلحة ، إنسان شهوة ، إنسان بلا مبدأ ، و من أخطر الأمراض التي تصيب الأمة أن يكون الناس هكذا .

البحتري شاعر تروي سيرته أنه مدح عشرات الخلفاء ، و ذمهم جميعاً ، يأتي فيمدحه ، وينصرف يذمه ، هذا شأن الإمعة ، شأن الذي لا رأي له ، شأن الإنسان المنبطح من أجل مصلحته ، من أجل شهوته ، من أجل مكاسبه الدنيوية .

إذاً : الإمعة هو الذي لا رأي له ، فهو يتابع كل أحد على رأيه ، و قيل : هو الذي يقول لكل الناس : أنا معك .

تروى طرفة : أن إنساناً صار قاضياً ، فجاءه متخاصمان ، تكلم الأول كلاماً مقنعاً ، قال له : و الله معك حق ، فلما تكلم الثاني أيضاً قنع بكلامه ، وقال له : أنت أيضاً معك حق ، وكانت زوجته وراء الستار ، فقالت له : ما هذا الحكم ؟ قال لها : والله أنت أيضاً معك حق ، هذا هو الإمعة لا رأي له ." انتهى ..

وهذا هوالذي يذمه الشرع وينكره علينا والدافع لهذا هو الجبن وهو عكس الشجاعة في قول الحق وعكس المروءة التي تقتضي الإنصاف للناس من أهل الحق حتى وإن إختلفت معهم أو كان لك ملاحظات عليهم والجبن عكس الشهامة التي تقتضي إنكار المنكر ولو بالقلب وعكس الرجولة التي ذكرها الله في القرآن في خمس أو ست مواضع في القرآن يقترن فيها لفظ الرجولة بكل المعاني السابقة من الشجاعة والمروءة والإنصاف والشهامة .

لاحظ معي قال تعالى

" قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "(23)المائدة

( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ( 28 )غافر

وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)يس

وهكذا تأتي الرجولة قرين المروءة والشهامة

وليست الرجولة مرادف للذكورة كما يفهم البعض لذا لو وجدنا إمراة بأخلاق نبيلة قلنا عليها أنها ست ولكنها تساوي الكثير من الذكور أو الرجال أو كما يقولون في العامية (ست بمية راجل )

فالجبن يرادف الخسة وهو عكس كل الصفات النبيله لذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إستعاذ بالله من الجبن حيث قال صلى الله عليه (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ، )

وكأن الجبن هو الذي كان السبب في الهم والحزن وكان السبب في البخل وكان السبب في غلبة الدين وقهر الرجل

فعندما يصرفك شيطانك عن قول الحق أو نصرته فانت في موطن الجبن وليس في موطن الخوف والحذر كما تظن نسأل لنا ولكم العفو والعافية والهدى إلى الحق والثبات عليه .

أضف تعليقك