• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

باستخدام نسبة الفقر المصرية الرسمية خلال العام الماضي البالغة 27.8%، يصل عدد الفقراء حاليا 25.4 مليون فرد، وهي نسبة لا تلقى قبولا من الخبراء، حيث تستند على خط فقر يبلغ 482 جنيه شهريا، وهو مبلغ يفترض الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي، أنه يكفي احتياجات الفرد الضرورية، من الأكل والشرب والملابس وخدمات السكن والعلاج والمواصلات والتعليم، ومن خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات، من الصعب أن تفي تلك القيمة المالية المتدنية بتلك الاحتياجات المتعددة.
 
وبالنظر إلى الأعداد التي تصل إليها المعاشات والمساعدات الحكومية، نجد عددهم يدور حول الستة ملايين شخص من بين أكثر من 25 مليون فقير، مما يعني اقتصار مساعدات الدولة على حوالي 25% من عدد الفقراء. 

وهنا يبرز دور الجمعيات الأهلية في سد تلك الفجوة الضخمة، بتقديم المساعدات الدورية والطعام والكساء والعلاج لملايين الفقراء في أنحاء البلاد، ورغم تخطي عدد الجمعيات الأربعين ألفا، إلا أن عدد الجمعيات النشطة منها يقل عن النصف. 

وتتنوع مجالات نشاط تلك الجمعيات الأهلية ما بين : المساعدات الاجتماعية ورعاية الأمومة والطفولة ورعاية المعاقين، وإيواء الأيتام والمسنين ورعاية أسر المسجونين، وتنمية المجتمعات المحلية والتنمية الاقتصادية وتنمية الدخل، وحماية المستهلك وحماية البيئة، إلى جانب الخدمات الثقافية.

وتتنوع الأنشطة أيضا ما بين تيسير زواج اليتيمات وتقديم الخدمات العلاجية، وتقديم القروض الدوارة والتدريب على الحرف، وإنشاء دور المغتربات والحضانات وبناء المقابر، ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم ورعاية طلاب العلم وإنشاء المدارس ومحو الأمية إلى غير ذلك من أنشطة. 
 
وهكذا تحمي تلك الجمعيات ملايين الأسر الفقيرة جزئيا، حيث تتنوع أنشطتها على مدار العام، ففي موسم دخول المدارس تقدم الملابس المدرسية والأدوات المدرسية بل والمصروفات الدراسية، وفي عيد الأضحى تقدم اللحوم، وفي المولد النبوي توزع الحلوى، وفي رمضان توزع الوجبات الجافة والمطبوخة وهكذا. 

وفي ظل نظام ما بعد الثالث من يوليو 2013، شهدت الجمعيات تشددا غير مسبوق وصل لحد حل مجالس إدارة أكثر من ألف جمعية، والتحفظ على أموالها وعلى منشآتها الطبية والتعليمية واتهامها بالتبعية للإخوان. 

وجاء التضييق الأمني ليمثل عاملا إضافيا، إلى جانب ندرة التبرعات من قبل الموسرين ومتوسطي الحال، والتي تمثل مصدر التمويل الرئيسي لأنشطتها، بسبب الركود الاقتصادي من ناحية وخشية الاتهام بتمويل الإرهاب من ناحية أخرى. 

مما أدى لانحسار أنشطة كثير من الجمعيات، ووصل الأمر إلى حد الإغلاق لبعضها لعدم وفاء قيمة التبرعات حتى بمصروفات العاملين بها، أو لسداد إيجار الأماكن التي تشغلها أو نفقات الكهرباء ومياه الشرب. 

وأضر ذلك بالفقراء على المستوى المالي والغذائي، وزادت صعوبات إمكانية استكمال كثير من الأطفال الأيتام الدراسة بالمدارس، وتراجعت الخدمات الصحية المخفضة التي كانت تقدمها. 
 
وبعد تطبيق برنامج الحكومة منذ مارس الماضي، والمستند على تنفيذ مطالب صندوق النقد الدولي، والتي أدت للإضرار بالفقراء من حيث زيادة أسعار السلع، وتحول شكل دعم سلع البطاقات التموينية من كميات مقننة من السلع الأساسية من الزيت والسكر والأرز لكل فرد، لمقننات نقدية بواقع 15 جنيها شهريا زادت مؤخرا إلى 18 جنيها للفرد، لشراء أية سلع حتى ولو كانت مناديل ورقية.
 
ورغم تصريحات مسؤولي صندوق النقد الدولي بوجوب امتداد الحماية للفقراء المصريين، من آثار برنامج الحكومة الذي اتجه لخفض الدعم على الوقود والكهرباء وترشيد الأجور الحكومية، وخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وفرض ضريبة القيمة المضافة وزيادة تكلفة العديد من الخدمات الحكومية، فقد اقتصرت التصريحات الحكومية، على زيادة عدد المستفيدين من معاشات التضامن الاجتماعي ومعاش تكافل وكرامه والاهتمام بالتغذية المدرسية. 
 
ولم تتطرق التصريحات، سواء من قبل مسؤولي الصندوق أو مسؤولي الحكومة، إلى مساعدة الجمعيات الأهلية على أداء دورها، وإطلاق حرية العمل الأهلي، ويعزز مخاوف الحكومة وجود بعض جمعيات حقوق الإنسان، التي تكشف أحيانا تجاوزات حكومية تخص عمليات القبض والقتل العشوائي، وكذلك خشية تأثير المنتمين للتيار الإسلامي بالجمعيات في البسطاء، مما قد يترجم مستقبلا في الحصول على أصواتهم بالانتخابات. 

لكن حاجة الحكومة لتهدئة مشاعر السخط الاجتماعي نتيجة ارتفاع الأسعار، قد تجبرها مستقبلا على التساهل الجزئي مع أنشطة بعض الجمعيات الكبيرة التي ترأسها قيادات موالية تماما للحكومة، إلى جانب الجمعيات التي تتأكد من ولاء مجالس إدارتها للنظام، لتخفيف حدة الاحتقان لدى الفقراء، حتى تمر فترة القرارات الصعبة التي يحتم اتفاقها مع صندوق النقد الدولي اتخاذها للحصول على قرض منه، والتي تضر بالفقراء. 

أضف تعليقك