• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

رأى الأديب والروائي علاء الأسواني، أن نظام عبد الفتاح السيسي الانقلابى، يقدم نفسه باعتباره حارسًا للفضيلة في المجتمع.

وذكر في مقال نشره بموقع "دويتشه فيله" بعنوان "سيدنا حارس الفضيلة": "كل ذلك حدث في أسبوع واحد، قامت إحدى الراقصات بتصوير نفسها بملابس الرقص ونشرت الصور على صفحتها على فيسبوك فتقدم مواطن شريف ببلاغ ضدها وأُحيلت للمحاكمة بتهمة نشر الفسق والفجور، بعد ذلك ضبطت السلطات بنطلونات جينز مستوردة مكتوب عليها "بسم الله الرحمن الرحيم" فتم التحفظ عليها فورًا وأعلنت حالة الطوارئ في الجمارك من أجل القبض على كل من يجلب هذه البنطلونات الجينز لأنها تسيء إلى الإسلام".

 

وتابع: "في نفس اليوم قدم مواطن شريف آخر بلاغًا ضد المفكر سيد القمني واتهمه بازدراء الأديان في محاضرة ألقاها خارج مصر وبعد منتصف الليل قام سيادة اللواء محافظ القاهرة بزيارة مقهى في مدينة نصر ووبخ الشباب الجالسين في المقهى وأقنعهم بالعودة لبيوتهم والنوم مبكرًا حتى يكونوا مواطنين صالحين".

وعن الأوضاع في مصر قال الأسواني: "في مصر الآن كتاب ومفكرون محبوسون فعلاً مثل أحمد ناجي وإسلام البحيري بتهم خدش الحياء وازدراء الأديان، بالإضافة إلى حكم بالحبس ضد الشاعرة فاطمة ناعوت لم يتم تنفيذه لأنها خارج مصر، لم تقتصر الملاحقة على الكبار بل إن بعض الأطفال الأقباط شاء حظهم العاثر أن يتم تصويرهم وهم يسخرون من تنظيم داعش الإرهابي فتم حبسهم بتهمة ازدراء الأديان".

وتساءل: "من المسئول عن كل هذه المحاكمات؟ مع احترامنا للقضاء المصري الشامخ فلا شيء في مصر يمكن أن يحدث خارج إرادة الدولة، والدولة المصرية الآن كلها في يد شخص واحد هو  السيسي الذي ينفرد تمامًا بالحكم وكل ماعدا ذلك ديكورات لزوم التصوير".

وأردف: "الوضع في مصر الآن أوضح من أي وقت مضى، نظام السيسي يقدم نفسه باعتباره حارسًا للفضيلة وهو يصطنع المعركة تلو الأخرى ليثبت أنه لا يتهاون أبدًا في حماية الأخلاق والدين، لا أحد بالطبع يؤيد الفسق والفجور أو تحقير الأديان لكن هل تقتصر حماية الأخلاق والدين على تجريم الصور المثيرة ومحاكمة الكتاب والمفكرين، ماذا عن اعتقال الناس عشوائيًا وحبسهم بدون محاكمة لسنوات وحشرهم في أماكن احتجاز لاتصلح للحيوانات وقتلهم بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي؟ ألا تعتبر كل هذه الجرائم منافية للأخلاق؟".

وتساءل مرة أخرى: "ماذا عن مضاعفة الضرائب على الفقراء وتخفيضها على الأغنياء؟ ألا يعتبر ذلك منافيًا للأخلاق؟، ماذا عن اتهام كل من يختلف في الرأي مع السيسي بالخيانة وإطلاق الشتامين عليه في التليفزيون ليسبوه وأهله بأبشع اﻷلفاظ؟ هل يعتبر هذا عملاً أخلاقيًا؟ ماذا عن إعطاء جزيرتين مصريتين إلى السعودية بإرادة السيسي المنفردة، وماذا عن طعن الحكومة المصرية ضد نفسها أمام القضاء الذي حكم بأحقيتها التاريخية في الجزيرتين؟، ألا يعتبر ذلك أكبر انتهاك للأخلاق؟ النظام الحالي في مصر يقدم نفسه باعتباره حاميًا للأخلاق لكنه في نفس الوقت ينتهك الأخلاق في كل ما يخص حفاظه على السلطة وحماية مصالح الطبقة الحاكمة".

وأوضح: "ما يفعله نظام السيسي تكرر في كل الأنظمة الاستبدادية، الديكتاتور يؤمن دائمًا بأنه بطل قومي ومبعوث العناية الإلهية لإنقاذ الوطن ويتعامل مع المواطنين وكأنهم مجموعة أطفال سذج ناقصي الإدراك لايعرفون مصلحتهم، ولو تصرفوا في حياتهم وفقًا لإرادتهم فسوف يؤذون أنفسهم ويقعون في مشكلات بلا حصر".

وروى: "من هنا يعتبر الديكتاتور نفسه الأب الحازم الذي يعرف مالا يعرفه أفراد الشعب وهو يتخذ لهم القرارات الصحيحة ويرغمهم على تنفيذها من أجل مصلحتهم، إنه يحب دائمًا أن يبدو في دور حارس الفضيلة الذى يحافظ على أخلاق الناس ويحمي قداسة الدين، بالطبع لا يمنعه ذلك من سحق كل من تسول له نفسه منازعته على السلطة لكنه مع إمعانه في التنكيل بمعارضيه يحرص دائمًا على أداء الصلاة أمام الكاميرات وكثيرًا ما يترقرق الدمع في عينيه وهو يستمع إلى خطبة الجمعة من فرط الخشوع والتقوى".

وأكمل: "سيدنا حارس الفضيلة"، دور قام بأدائه كل الحكام المستبدين بلا استثناء لكن المسرحية ليست بطولة الديكتاتور وحده فالمواطن في نظام الاستبداد يحتاج أيضًا إلى تمثيل دور المحافظ على الأخلاق والدين، المواطن في دولة الاستبداد لا يعترض أبدًا عندما يرى السلطة تزوِّر إرادته في الانتخابات وتتيح الفرصة للفاسدين لكى ينهبوا أمواله وتعتقل المعارضين وتنكل بهم، لكنه يثور بشدة اعتراضًا على مشهد عري في فيلم أو رأي قيل عن الدين لا يعجبه، إنه يحس بالرضا عندما يتم حبس راقصة لأنها صورت نفسها على فيسبوك أو يسجن كاتب بسبب مقال أو محاضرة، هذا المواطن المقموع المرعوب من السلطة يحتاج نفسيًا إلى بعض الانتصارات الصغيرة في معارك مفتعلة وتافهة ليحس بأنه ليس منزوع الكرامة تمامًا وأنه يستطيع أن يفرض إرادته ولو مرة واحدة ".

وذكر: "سيدنا حارس الفضيلة"، مسرحية مصطنعة كاذبة مشتركة بين ديكتاتور يخفي استبداده ومواطن يتهرب من إحساسه بالعجز والإذعان، معركة الأخلاق الحقيقية في مصر ليست مع كلمة قالها مفكر ولا مع صورة مثيرة لراقصة وإنما هي في الحقيقة بين نظام استبدادي يقمع المصريين وينفرد بالرأي والقرار ويضع نفسه فوق المحاسبة ويهدر مليارات الجنيهات في مشروعات لا تحقق عائدًا وبين شعب يدرك جيدًا حجم الظلم الواقع عليه لكنه صامت مستسلم تمامًا خوفًا من بطش السلطة".

واختتم: "لن تنتصر الأخلاق إلا بتحقيق العدل ولن يتحقق العدل إلا بديمقراطية حقيقية ولن تتحقق الديمقراطية إلا إذا آمن المصريون ان القمع لا يصنع النهضة أبدًا وأن الديكتاتورية ستنتهي حتمًا بكوارث وأن عواقب خضوعهم للاستبداد أسوا بكثير من مخاطر مقاومته، الديمقراطية هي الحل".

أضف تعليقك