انتقد الكاتب والروائي علاء الأسواني، مايحدث للمعتقلين من شباب الثورة من حبس احتياطي ومنع للزيارات وغيرها من الإجراءات التي وصفها بـ "البشعة"، على حد تعبيره بمقال نشره اليوم الثلاثاء.
وإلى نص المقال:
"هل يخذل المصريون من يدافع عنهم؟"، بموقع "دويتشه فيله": "هل حدث من قبل أن تعطل بك المصعد وأنت وحدك؟!. ماذا كان شعورك وأنت محبوس وحيدا في قفص مغلق مساحته لا تتجاوز أمتارا قليلة؟! . بالتأكيد أحسست بالضيق والخوف ورحت تستغيث حتى ينقذك الناس ..؟ ماذا لو قضيت يوما كاملا أو يومين وأنت محبوس في المصعد؟ ستصاب غالبا بانهيار عصبي أو سيغمى عليك من الاختناق والاحباط والفزع .. بينما تقرأ هذه السطور هناك شاب مصري اسمه مالك عدلي قضى 85 يوما محبوسا وحده تماما في زنزانة ضيقة قذرة بلا اضاءة ولا تهوية لا يرى الشمس ولا يتحدث مع أحد. حبس مالك عدلي بهذه الطريقة مخالف تماما للقانون والدستور ولكننا نعيش في مصر حيث يطبق القانون بشكل انتقائي وحيث تستعمل منظومة العدالة للتنكيل بكل من يعارض النظام. مالك عدلي ليس قاتلا ولا لصا وإنما هو محام شاب نابغ كل جريمته أنه رفع قضية لاثبات أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان.. لماذا يريد نظام السيسي التنكيل بمالك عدلي بهذه الطريقة البشعة؟".
"أولا لأنه يقدم نموذجا للثوري الشجاع الذى يقف وحده مدافعا عن الحق أمام نظام مستبد قمعي وهم لا يريدون لنموذج مالك أن يلهم الشباب حتى لا يفعلوا مثله وثانيا لأنهم يريدون كسر إرادة مالك حتى يفكر مئة مرة قبل أن يعارض النظام .. الجلادون الذين ينكلون بمالك بالتأكيد مصدومون من شجاعته فهو برغم الظروف الرهيبة التي يعاني منها لم يتراجع عن آرائه ولا مواقفه لحظة واحدة".
"دولة السيسي تكره مالك عدلي كما تكره كل من اشترك في ثورة يناير لأن دولة السيسي هي ذاتها دولة مبارك وهي لن تغتفر أبدا لثوار يناير أنهم تسببوا في خلع مبارك وحبسه ..؟ ما يحدث لمالك يحدث لشباب الثورة .. عمرو بدر ومحمود السقا وطاهر مختار وعمرو على وعلاء عبد الفتاح واحمد ماهر واحمد دومة وماهينور وسناء سيف والقائمة تضم آلاف الأسماء. كلهم شباب نبلاء شجعان لم يسعوا يوما إلى مصلحة شخصية ولم يرتكبوا جرما. جريمتهم الوحيدة أنهم ثاروا دفاعا عن حق المصريين في حياة كريمة ودولة عادلة محترمة. تم إلقاؤهم في السجون بتهم إثارة البلبلة وقلب نظام الحكم وتكدير السلم الاجتماعي والحض على كراهية الدولة إلى آخر هذه الباقة من التهم المطاطة التي لا معنى لها في القانون وإنما تستعملها دولة السيسي للتنكيل بكل بمن يعارضها".
"بجوار هؤلاء الشبان النبلاء يقف رجل قانون بارز كان رئيسا لمحكمة الاستئناف حتى تم تعيينه رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات ولأنه قاض شريف فقد قرر أن ينفذ القانون على الكبار قبل الصغار وشكل لجانا لفحص ميزانيات ما يسمى في مصر بالجهات السيادية التي تعتبر نفسها فوق القانون منذ بداية الحكم العسكري لمصر عام 1952".
"لم يصدق الكبار في الجهات السيادية أن قاضيا يجرؤ على مراقبة ميزانياتهم وتنفيذ القانون عليهم ثم تصوروا أنهم يستطيعون استرضاء المستشار جنينه بأي طريقة فلما ظل مصرا على تنفيذ القانون أعلنوا الحرب عليه. بدأ الأمر بحملة شرسة من الاتهامات الباطلة والشتائم البذيئة يرددها إعلاميون عملاء لأجهزة الأمن وظيفتهم الوحيدة تشويه وإهانة كل من يعارض السيسي، على أن محاولات الاغتيال المعنوي لم تؤثر في المستشار جنينه واستمر في تنفيذ القانون على الجميع. عندئذ أصدر السيسي قانونا خاصا يمكنه من إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية تم بموجبه عزل جنينه ومحاكمته وصدرت الأوامر بحجزه في القسم وكأنه مجرم. أحس ضباط الشرطة بحرج بالغ وهم يضعون في الحجز واحدا من أرفع القضاة مقاما فأخلوا له حجرة معاون المباحث ليحتجزوه فيها لكن الأوامر صدرت مرة أخرى (في الواحدة صباحا) بإيداعه الحجز العادي مع المجرمين".
"منذ أيام صدر الحكم على هشام جنينه بالحبس مع الشغل لمدة عام وغرامة كبيرة بتهمة بث أخبار كاذبة. الغرض من التنكيل بالمستشار جنينه ليس فقط الانتقام منه لأنه حاول تنفيذ القانون على من يعتبرون أنفسهم أسيادا للشعب وإنما لتأكيد رسالة واضحة إلى كل من يتولى بعده رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات بأن القانون في مصر لا ينفذ إلا على العاديين أما الكبار في الجهات السيادية فمن يقترب منهم سيلقى نفس المصير.. المستشار جنينه وشباب الثورة يدافعون عن حريتنا وكرامتنا وحقنا في المال العام الذي ينهبه اللصوص منذ عقود. هل كان لهؤلاء المدافعين عن الشعب اختيارات أخرى في الحياة بدلا من مواقفهم التي أدت بهم إلى السجن؟".
"قطعا كان باستطاعة المستشار جنينه أن يقدم استقالته ويتقاعد بسلام ثم يعمل بالمحاماة فيكسب ملايين الجنيهات وكان باستطاعة أي شاب ثوري أن يهاجر إلى الغرب أو يحصل على عقد عمل في الخليج فيحقق الثروة والحياة المريحة. لكنهم جميعا فضلوا الدفاع عن المبدأ على تحقيق مصالحهم الشخصية. هل قمنا نحن المصريين بواجبنا في مساندة هؤلاء المحبوسين دفاعا عنا؟".
"عزيزي القارئ.. عندما تتناول الطعام الساخن الشهي في بيتك وعندما تنام في فراشك المريح وعندما تجلس بين أولادك أو تأخذهم في نزهة يوم العطلة.. تذكر أن هناك آلاف المصريين المعتقلين محرومون من المعاملة الآدمية والفراش المريح وممنوعون من رؤية أولادهم وأنهم جميعا يدفعون ثمن الدفاع عن حريتك وحقك في حياة كريمة ومعاملة محترمة. أليس واجبنا أن نساند هؤلاء المدافعين عنا ونضغط بكل الطرق السلمية على السلطة حتى تطلق سراحهم؟! . أترك الإجابة لضميرك. الديمقراطية هي الحل"
أضف تعليقك