• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لا يهتم عموم المصريين بما يسمعونه من مؤشرات اقتصادية لا يفهمونها، ولا يثقون فيها أيضا، بحكم خبراتهم الطويلة مع مزاعم الحكومات المختلفة التى لا يجدون ترجمة لها على أرض الواقع.


هم يفهمون فقط أن تكون أسعار السلع الأساسية فى متناول قدراتهم الشرائية، وأن يحظوا بخدمات مياه شرب وكهرباء ووقود ومواصلات منتظمة وبأسعار معقولة، ولهذا استنبط بعضهم مؤشرات شعبية يقيسون بها مدى تحسن الأوضاع.. حيث اتخذ بعضهم سعر كيلو اللحم مقياسا ما بين الأنظمة المختلفة، واتخذ آخرون سعر الدولار ليكون المرجع عند الحكم على كل نظام.
 

وخلال السنوات الثلاث الأخيرة زادت الأحوال المعيشية لعموم المصريين سوءا، فى ظل استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، وارتفاع أسعار خدمات مياه الشرب والغاز الطبيعى والكهرباء والمواصلات العامة، واستمرار مشكلة البطالة وتدنى أحوال الخدمات الصحية والتعليمية وتزايد معدلات الفقر.
 

وشهد الاقتصاد المصرى أوضاعا صعبة غير مسبوقة، تمثلت فى تراجع حصيلة العديد من موارد النقد الأجنبى، متمثلة فى الصادرات السلعية والسياحة والاستثمار  الأجنبى، وتحويلات المصريين بالخارج والمعونات الأجنبية وعائدات عبور قناة السويس، الأمر الذى دفع نحو المزيد من الاقتراض الخارجى، للوفاء باحتياجات الاستيراد وسداد الديون.. وتزايد عجز الموازنة فى ضوء عدم تحقق الحصيلة الضريبية المستهدفة، وزيادة مصروفات الأمن والدفاع والقضاء والإعلام، مما زاد من الاقتراض الداخلى، ليحقق الدين العام الداخلى أرقاما غير مسبوقة اقتربت من أرقام الناتج المحلى الإجمالى.
 

وهكذا أصبح الاقتصاد فى مرحلة ما بعد يوليو 2013 يعتمد أساسا على المعونات وبعد جفاف تلك المعونات، تحول للاعتماد على القروض الخارجية والداخلية، والتى التهمت تكلفتها من فوائد وأقساط النصيب الأكبر من الإنفاق بالموازنة، حتى بلغ نصيب خدمة الدين من الإنفاق العام 45 % بالموازنة الجديدة.
 

وذلك على حساب إمكانية تحسين أجور العاملين، أو مخصصات شراء السلع والخدمات بالدواوين الحكومية، أو تقديم الدعم السلعى والخدمى المناسب، أو تخصيص الاستثمارات المناسبة لتحسين الأوضاع الصحية والتعليمية والمرافق، وتسببت فى تأخر الجهات الحكومية عن سداد ما عليها من مستحقات للشركات الموردة والمقاولين.. وضغط نقص الموارد الدولارية على سعر صرف الجنيه تجاه العملات الأجنبية، فتراجع سعر الصرف أمام الدولار عدة مرات ليصل إلى معدلات مرتفعة، وزادت الفجوة بين السعر الرسمى والسعر الموازى لأكثر من جنهين بالدولار الواحد.
 

وتسبب تراجع سعر الصرف للجنيه فى موجة من الغلاء بالأسواق، فى ضوء استيراد الجانب الأعظم من السلع الغذائية، ودخول المنتجات المستوردة كمواد خام أو سلعا وسيطة فى إنتاج العديد من السلع.


وجاء تزايد دور الجهات التابعة للجيش والداخلية بالنشاط الاقتصادى، على حساب القطاع الخاص، فى ظل المزايا النسبية التى تتمتع بها الجهات التابعة للجيش من عمالة رخيصة ونفوذ وسيولة وعدم دفع ضرائب، مما أدى لتراجع استثمارات القطاع الخاص وتراجع ثقته بالمستقبل القريب. 


وتسبب التحفظ على أموال وشركات ومحلات رجال أعمال، ونقص الدولار وصعوبة الاقتراض المصرفى وعدم الاستقرار الأمنى والسياسى، فى عزوف المستثمرين العرب والأجانب رغم الزيادات والمؤتمرات المتكررة.
 

وهذه بعض المؤشرات الرسمية الدالة على تراجع الأوضاع الاقتصادية:

المعونات: حصل الرئيس محمد مرسى خلال عام توليه على 835 مليون دولار فقط، بينما حصل النظام الحالى على 14.6 مليار دولار كمعونات خارجية بخلاف قيامه باستخدام وديعة خليجية قديمة بالبنك المركزى.


الدين الداخلى: ترك الرئيس محمد مرسى الحكم ورصيد الدين العام الداخلى 1527 مليار جنيه، وبلغت تلك الأرصدة فى مارس الماضى 2259 مليار جنيه، بزيادة 732 مليار خلال 33 شهرا بمتوسط شهرى 27.1 مليار جنيه للزيادة، وهى الزيادة التى ارتفعت خلال الربع الأول من العام الحالى إلى 42.7 مليار جنيه شهريا.


وفى ضوء تقديم البنوك غالب تلك القروض للحكومة فقد جاء ذلك على حساب تمويل مشروعات القطاع الخاص، حيث بلغ النصيب النسبى لصافى المطلوبات من الحكومى من مجموع الائتمان المحلى للبنوك فى مارس الماضى 67 %.. مقابل أقل من 60 % بنهاية حكم الرئيس مرسى، وبإضافة ما حصلت عليه شركات قطاع الأعمال العام الحكومية، يصل نصيب الحكومة 71 % من الائتمان المحلى الذى قدمته البنوك.


الدين الخارجى: ترك الرئيس مرسى الحكم وأرصدة الدين الخارجى 43.2 مليار دولار، وزادت تلك الأرصدة إلى 53.4 مليار دولار فى مارس الماضى، بزيادة 10.2 مليار دولار خلال 33 شهرا من عمر النظام الحالى، مع استمرار وزارة التعاون الدولى فى الاقتراض من مؤسسات إقليمية ودولية وعدة دول.
 

كما أعلن مسؤل حكومى مؤخرا عن مشاورات مع صندوق النقد الدولى لاقتراض ما بين 5-7 مليار دولار منه، وصرح وزير المالية عن الاتجاه لإصدار سندات خارجية خلال سبتمبر القادم بنحو 3 مليار دولار.. ومشاورات وزيرة التعاون الدولى مع البنك الدولى لاقتراض 3 مليار دولار، ومع البنك الأفريقى لاقتراض 1 مليار دولار، ومع دول وصناديق إقليمية لاقتراض مبالغ أخرى.


عجز الموازنة: بلغ العجز الكلى بالموازنة فى العام الذى تولى فيه الرئيس مرسى 239.7 مليار جنيه، فى حين بلغ العجز الكلى للعام المالى الأول للنظام الحالى 255.4 مليار جنيه، رغم الحصول بذلك العام على منح بلغت قيمتها 96 مليار جنيه، مقابل 5.2 مليار جنيه للمنح التى حصلت عليها الموازنة خلال عام تولي مرسى. 


وفى العام المالى الثانى للنظام الحالى زاد العجز الكلى إلى 279.4 مليار جنيه، وفى العام المالى الثالث للنظام الحالى والذى انتهى بالأمس، بلغت تقديرات العجز الكلى حسب وزارة المالية 318.2 مليار جنيه، رغم انخفاض أسعار البترول وأسعار السلع الغذائية المستوردة من الخارج، وانخفاض مخصصات الأجور وشراء السلع  والخدمات والدعم والاستثمارات بالموازنة عما  تم إعلانه لها فى بداية العام المالى.


ولا توجد فى الأفق المنظور توقعات تشير إلى خروج الاقتصاد من عنق الزجاجة، خاصة مع الدخول فى عدد المشروعات الكبرى، دون دراسات وإفصاح كاف، ومعظمها ليس له أولوية حسب متطلبات تحسين الحياة اليومية لعموم المصريين.


كذلك فى ضوء عزوف رجال الأعمال عن القيام باستثمارات جديدة، واتجاه الكثيرين للاستثمار العقارى لتعويض نسب التضخم العالية، واستمرار المعوقات المتعددة للاستثمار العربى والأجنبى، وتراجع حالة الحريات والديموقراطية وتزايد أعداد المعتقلين وحالات التصفية الجسدية للمعارضين.

أضف تعليقك