• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانيتين

رأينا في الآونة الأخيرة موجة من الغضب ممزوجة بشئ من السخرية على أحد الأعمال الفنية التي تذاع في رمضان فاستوقفني الأمر و أخذت في مراقبة الساخرين الغاضبين فوجدت أن أغلبهم من أبناء التيار الإسلامي فاستحضرت في ذهني تاريخ الإخوان في مجال الفن و تذكرت أن أول مسرح أنشأته الحركة الإسلامية كان في مصر و على يد مؤسس الإخوان الإمام البنا في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي و كيف اهتم البنا بهذا المجال و دفع فيه بشريحة كبيرة من الشباب ونجح المسرح الإسلامي بقيادة الأستاذ عبدالرحمن البنا و كانت أول أعماله مسرحية بعنوان "جميل بثينة " و قامت بها " لجنة تشجيع التمثيل " التابعة لوزارة المعارف حتى صارت موضع مقارنة مع درة أمير الشعراء " مجنون ليلى " و كانت الفرقة الأم في القاهرة وقام بتعميم التجربة في باقي شعب المحافظات و اعتمد على نشر القيم الإسلامية .

 

-و استحضرت في ذهني أيضا دور الإعلام في القضاء على الانقلاب العسكري في تشيلي عام 1973 الذي قام به الجيش التشيلي و أطاح بالرئيس أليندي و سيطر الجيش على الدولة بقيادة الجنرال بينوشيه ، و بعد 15 سنة من الدكتاتورية واجه بينوشيه ضغوط دولية و في يوليو عام 1988 أجري استفتاء شعبي للتصويت بنعم أم لا لمد فترة حكمه 8 سنوات أخرى فتسابق الطرفين إلى الإعلام فأنشأت حملتين الأولى ب yes و الثانية ب no و كيف أثر الإعلام في قيادة الجمهور والشعب التشيلي حتى تحررت تشيلي من حكم العسكر .

 

 -إذا ما تحدثنا عن دور الفن في المجتمع و كيف أنه بلا شك يتدخل في جميع مجالات الحياة فهو يلعب دورا أساسيا في تشكيل الوعي لدى الإنسان و كذلك يلعب دورا مهما و يمارس تأثيرا بالغا في الحياة النفسية للإنسان فهو يؤثر في عدة مجالات منها : الثقافة و الصناعة و الزراعة و غيرها كما أنه يحفظ حضارة المجتمع ، و الآن نرى أنه تحول من مصدر للمعرفة إلى سلاح تستخدمه الأنظمة و الجماعات لنشر فكرتها بل تشويه معارضيها أيضا و التدليس لصالح أمور شخصية فتحول الفن من منبر يرقى بالإنسان و ينمي قدراته إلى أداة تدمره و تنتهك فطرته السليمة الخالية من القتل و غير ذلك من المشاهد القاسية .

 

-إذن لا نستطيع أبدا أن نسخر من هذه الوسيلة أو نقلل من شأنها و لو نظرنا بعين الحقيقة و دققنا النظر في حجم التأثير الشعبي لهذة المسلسلات و كيف أنها من الممكن أن تغير ثقافات و تزرع أخرى لتنزهنا عن الإسفاف بها .

 

-و أنا أعلم جيدا أن هناك نماذج رائعة في مجال الفن موجودة داخل الحركة الإسلامية و لكن ما الذي يكبتها أو يمنعها من الظهور ؟

*و علينا أن ندرك جيدا متطلبات العصر و نواكب أذهان و عقول الجماهير و لا نتركها لهؤلاء الحمقى ممن يشوهون الثقافات و الحضارات فكما أننا تعلمنا العلم بمختلف مجالاته فعلينا تعلم كيفية وصول هذا العلم لهؤلاء الجماهير التي تنتظرنا ، فهل أتعب أحد الساخرين ذهنه بالتفكير في بديل لهذا الانحطاط الأخلاقي و الفكري و الثقافي الذي يضر بالمجتمع و حضارته أم أننا لازلنا نصر على تجاهل الجمهور و وضع الحواجز فيما بيننا و بينه !؟

أضف تعليقك