• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
Jun 18 21 at 11:51 PM


يتساءل البعض عن طبيعة أحكام الإعدام التي أيدتها محكمة النقض على اثني عشر من رموز مصر العلمية والوطنية وعدد من قيادات الإخوان المسلمين وشبابهم، وما المقصد منها في هذا التوقيت بالذات ؟.

وقد رأى البعض أن قصد النظام من هذه الأحكام هو توجيه رسالة للداخل والخارج على حد سواء، أما بالنسبة للداخل فالمقصد هو تعزيز القبضة الأمنية لمنع أي محاولة لأي حراك يمكن أن يحدث في الفترة المقبلة في ظل الفشل الذريع في ملف سد النهضة، والاستسلام الكامل للجانب الإثيوبي !!

وأما الرسالة التى أراد النظام أن يوجهها  للخارج كما يراها البعض أن النظام الانقلابي يريد أن يقول لأمريكا والغرب: سأسحق كل أتباع الإسلام السياسي - خاصة جماعة الإخوان المسلمين -  وسأفعل مالم يفعله أى نظام عميل فى المنطقة .

ويبدو أن الغرب كان ولا يزال مطمئناً لهذا النظام الدموي الذي لم يقصر فى حماية الكيان الصهيوني وخنق غزة وتفريغ سيناء من أهلها وحماية الحدود الجنوبية لأوروبا عبر المتوسط لمنع الهجرة غير الشرعية .

إنها العدالة فى شريعة الغاب حينما يكون القاضي مجرد مراسل ينفذ أوامر السلطة التنفيذية بصرف النظر عن خطئها أوصوابها إرضاءً لسيده، لأنه يعمل بعقلية (عبد المأمور ) !!.

ألا فليعلم قضاة العار، رمز الظلم وعنوان الخيانة، أن كل إنسان لا يموت إلا إذا انتهى أجله الذى حدده الله تعالى له من قبل أن يخرج إلى الدنيا، فقد قال  النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ فِي روعِي أنَّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلاَ يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إلاَّ بِطَاعَتِهِ" .

وهنا نقول للطاغية وجلاديه وقضاته: أين عبدالناصر الذى لازالت تلاحقه اللعنات كلما ذكر اسمه ؟ وأين الشهيد سيد قطب الذى ترجمت كتبه إلى عشرات اللغات وتُصَب عليه الرحمات؟! .

سيد قطب الذى أعدم على يد طاغية العصر بلا ذنب ولاجريرة .

أتاه أحد الضباط أثناء محاكمته الهزلية وسأله عن معنى كلمة "شهيد" فقال رحمه الله: "شهيد  يعني أنّه شَهِدَ أن شريعة الله أغلى عنده من حياته" ..

سيد قطب الذى عندما سمع الحكم  عليه بالإعدام قال: "الحمد لله ، لقد عملتُ خمسة عشر عاماً لنيل الشهادة" 

وعندما طُلب منه أن يعتذر للطاغية مقابل إطلاق سراحه قال: "لن أعتذر عن العمل مع الله"

وعندما طُلب منه كتابة كلمات يسترحم بها الطاغية، قال: "إن أصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ، ليرفض أن يكتب حرفاً يُقر فيه حكم طاغية" ..

و"لماذا أسترحم: إن سُجنت بحق فأنا أقبل حكم الحق، وإن سُجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل" ..

وأتاه أحد الضباط قبل إعدامه ليكتب بضع كلمات حتى يفرج عنه، فقط يكتب "كنتُ مُخطئاً وإني أعتذر"، فقال للضابط: "أبداً، لن أشتري الحياة الزائلة بكذبة لن تزول"، فقال له الضابط "ولكنه الموت يا سيّد"، فقال له رحمه الله "يا مرحباً بالموت في سبيل الله".

ومن كلماته الرائعة: “إن كلماتنا ستظل عرائسَ من شمع حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الحياة، وكُتب لها الخلود"

 مضيفا : “ستبقى مصر الكنانة ولاَّدة للأبطال والعلماء”.

ويقول الأستاذ أحمد رائف رحمه الله: قابلت سيد قطب في السجن بعد محاكمته والحكم عليه بالإعدام، فقلت له: ماذا تنتظر يا أستاذ سيد؟ فقال "أنتظر القدوم علي ربي" !!

وما قاله الدكتور محمد بديع أمام المحكمة .. ومن خلف قفص الظلم ليس ببعيد عما قاله شيخه وأستاذة سيد قطب :

 (لو أعدموني ألف مرة .. والله لا أنكص عن الحق .

إننا لم نكن نهذي حين قلنا إن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا. اللهم فاقبل.. اللهم فاقبل)".

والسؤال الذى يطرح نفسه هنا وبقوة: أين المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية والمحلية من هذه الأحكام الهزلية التي يصدرها قضاء أقل مايوصف به أنه مُسَيَّس .

لو كان هذا الحكم  صدر على مشخصاتي ( ممثل أو راقصة أو أحد الشواذ) لقامت الدنيا ولم تقعد ، ولتحركت منظمات حقوق الإنسان فى العالم أجمع لوقف الحكم . 

لكن لأن الحكم صدر بحق ثلة من العلماء  الذين يطالبون بالحرية والكرامة لشعبهم ووطنهم، ويعارضون النظام الانقلابي فإنه لم يتحرك منهم أحد  !!

وليس بمستغرب أن تصدر الأحكام الجائرة ضد ثلة من خيرة علماء مصر كما فعل من قبل الطاغية عبدالناصر، ومايقوم به وكلاء الغرب في سورية والعراق من قتل علماء الأمة وحرمانها من جهود هؤلاء العلماء فى التخصصات المختلفة.

هذه الثُلَّة المباركة التى واجه أسلافهم ومعلموهم .. غطرسة المستعمر فى مصر فى قناة السويس ، وواجهوا قطعان الصهاينة على أرض فلسطين .

وواجهوا كل محاولات جَرِّ الأمة للتطبيع مع الكيان الصهيوني من خلال دعوات التصهين والدين الإبراهيمي واتفاقيات إبراهام، وواجهوا الطغاة فى زمن الملكية وخلال الحقبة الناصرية،  وواجهو ا بطش مبارك، وهاهم اليوم يقفون فى وجه سلطة الانقلاب. ولم تلن لهم قناة، ولم يغيروا مواقفهم بدعوات مشبوهة. وقدموا عشرات الشهداء ولايزالوان، وألاف المعتقلين من العلماء وخيرة شباب الأمة فى التخصصات المختلفة بمزاعم محاربة الإرهاب والكل يعرف وسطيتهم واعتدالهم ،

وواضح أن النظام يريد الإجهاز على كل من نجا من اعتصام رابعة السلمي.. فيحكم عليه بالإعدام !!

ودليل ذلك أن هناك أربعة أشخاص من اللذين تم تأييد الحكم عليهم بالاعدام في قضية فض إعتصام رابعة تم إلقاء القبض عليهم وإعتقالهم قبل فض الاعتصام بشهر .

فالقضاء الفاسد أفسد عليهم دنياهم، ولكن هؤلاء المظلومين سيفسدون علي الظالمين آخرتهم بإذن الله تعالى .

و ما أجمل ما قاله هاشم الرفاعي رحمه الله :

الحُرّ يعرف ما تريد المحكمةْ

وقضاته سلفاً قد ارتشفوا دمه

لا يرتجي دفعاً لبهتانٍ رماه به الطغاة

المجرمون الجالسون على كراسي القضاة

حكموا بما شاءوا وسيق أبوك في أصفاده

قد كان يرجو رحمةً للناس من جلاده

ماكان - يرحمُهُ الإله-يخون حبّ بلاده

لكنّه كيد المدلّ بجنده وعتاده

المشتهي سفك الدماء على ثرى بغداده .

كذبوا وقالوا عن بطولته خيانة

وأمامنا التقرير ينطق بالإدانة

هذا الذي قالوه عنه غداً يرَدّد عن سواه

مادمت أبحث عن أبيٍّ في البلاد ولا أراه


 

أضف تعليقك