• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

عندما تضع الحرب أوزارها يقوم الطرف المنتصر بفرض شروط مذلة على الطرف المنهزم، الذى يسلِّم بكل الشروط والعقوبات المفروضة عليه، ولا يعترض على شيء، كما حدث في اتفاقيات ما بعد الحربين العالميتين: الأولى والثانية .

لكن أن يقوم طرف مهزوم بإملاء شروطه على الطرف المنتصر، فهذا لم نره إلا فيما عرف بـ"بيان القاهرة"؛ عندما استدعى قائد الانقلاب في مصر، كلا من جنرال الحرب صاحب التاريخ الأسود في الهزائم المدعو "حفتر"، أسير حرب سابقة، هي معركة "وادي الدوم" بين القوات المسلحة الليبية وقوات تشاد المسلحة، التى اندلعت يوم 22 من مارس 1987، أُطلق سراحه في عام 1990، بعد صفقة مع حكومة الولايات المتحدة، وقضى ما يقربُ من عشرين عاما  في مدينة لانغلي بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة، وحصلَ على الجنسية الأمريكية.

حفتر الذى نقض كل الاتفاقيات، واستهدف المستشفيات والمدارس، وقصف بيوت المدنيين، وأعلن ساعات صفر متعددة لاقتحام العاصمة طرابلس، واستعان بالمرتزقة من كل بقاع الأرض، وتلقى دعما فرنسيا، وإماراتيا ومصريا وسعوديا، جاء اليوم ليتحدث عن السلام وحقن الدماء.

عاهرة تتحدث عن الشرف!!

أما "عقيلة صالح" فهو مسئول مسئولية كاملة عن الدماء التي سالت، والدمار الذى حل بجنوب طرابلس، لأنه هو الذى أعاد حفتر للخدمة، وعينه قائدا عاما، ومنحه رتبة مشير، وبارك حرب الجنرال "الأخرق" على طرابلس.

والطريف أن هؤلاء المجرمين يتحدثون بكل وقاحة وصلف عن الحوار والحل السياسي، وأطلقوا مبادرة تدعو لوقف إطلاق النار، اعتبارا من صباح الاثنين الموافق 8 يونيو الجاري، مع تنظيم جديد لشكل مجلس النواب والمجلس الرئاسي، وعمل دستور جديد، وكأن الصراع في ليبيا بين المجرمَيْن: "حفتر"، و"عقيلة صالح"، ولا شأن لـ"حكومة الوفاق" المعترف بها دوليا، لقد نفد رصيدكم!.

أما قائد الانقلاب الذى دعا حفتر وعقيلة للقاهرة، في محاولة يائسة لإنقاذ حليفه حفتر، قال إن «إعلان القاهرة» بمثابة رسالة إلى العالم، ويتضمن رغبة أكيدة في إنفاذ إرادة الشعب الليبي في الاستقرار والبناء، والحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها، ووضع مصلحة ليبيا تأتي فوق أي اعتبار.

وأين كان إنقاذ الشعب الليبى وسيادة ليبيا ومصلحة الشعب الليبى قبل سبع سنوات عجاف، ارتكب فيها حفتر وبقية الحفاتر كل أنواع الجرائم بحق الشعب الليبى؟ وأين كان ذلك قبل ساعات الصفر التى حددها هذا المعتوه "حفتر" منذ عام تقريبا لاقتحام طرابلس؟

وما يعتبره حفتر اليوم مبادرة للسلام هو عين ما رفض التوقيع عليه قبل أشهر، في مؤتمر برلين، فما الذى تغير الآن لدى جنرال الحرب الفاشل؟

لا شك أن الذى تغير على الأرض هو هزيمة حفتر وداعموه. لقد مرغت أنوف هؤلاء في وحل "الوطية"، و"ترهونة"، و"سرت"، وقريبا الجفرة، والغرب الليبى بكامله، وقد جاء الرد من حكومة الوفاق على بيان الحفاتر سريعا ولم يتأخر كثيرا.

فقد قال خالد المشري: إن "حفتر يريد العودة إلى طاولة المفاوضات بعد تكبده الهزيمة، ونحن نرفض ذلك، والقاعدة الشعبية له لم تعد موجودة. ونستغرب أن يضع حفتر شروطا وهو المهزوم عسكريا، والمطلوب من حفتر هو الاستسلام وأن يتم تقديمه لمحاكمة عسكرية".

أما العقيد طيار "محمد قنونو"، المتحدث باسم الجيش الليبي فكان أكثر وضوحا، حيث قال: "ليس لدينا وقت فراغ لمشاهدة هرطقات مجرم الحرب على الفضائيات. نتابع تقدم جنودنا الأبطال بقوة لمطاردة ميليشياته الإرهابية الهاربة. نحن لم نبدأ هذه الحرب لكننا من يحدد زمان ومكان نهايتها".

وكانت قوات حفتر قد حققت انتصارات عظيمة ورائعة عند إعلام الحفاتر- العبرية وأخواتها- ومخبر أمن الدولة مصطفى بكرى، فلما ظهرت الحقيقة، بررت هزائمها المتلاحقة وهروب المرتزقة  والمليشيات، وتركهم كميات هائلة من الأسلحة والعتاد،  بالانسحابات التكتيكية تارة، وتارة أخرى بالضغوط الدولية والأمم المتحدة بضرورة وقف إطلاق النار، واستئناف اجتماعات 5+5. والرجوع مسافة 60 كم من حول العاصمة، ضمانا لعدم قصف أي أهداف داخلها وإبعاد المعركة عنها"، كما أخبر "أحمد المسماري" متحدث الانسحابات التكتيكية.

ستعلم حين ينجلي الغبارُ … أفرسٌ تحتكَ أم حمار

هذه المبادرة لا تعدو كونها إعلانا للهزيمة وفشلا سياسيا، كشف عن الحال التى وصلت إليها مصر بأنها لم تستطع أن يكون لها دور في أقرب دول الجوار لها، وأصبحت ذيلا وتابعا لـ"أولاد زايد"، وقد تذكرت فجأة أمنها القومى بعد هزيمة حفتر ومرتزقته .

وأين كان الأمن القومى في التفريط في حصة مصر في مياه النيل فيما عرف بقضية سد النهضة؟ وأين كان هذا الأمن "المزعوم" في التنازل عن تيران وصنافير المصريتين؟ أم أن هذا الأمن أصبح أحد فرق الأمن المركزى؟!

أضف تعليقك