• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

قال الباحث المستقل ومؤلف العديد من الكتب نائل شامة، في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” إن فيروس كورونا يشكل في مصر تهديدا سياسيا.

وأضاف أن الوباء الكبير كشف عن عيوب الحكومة التي تجاهلت القطاع الصحي لوقت طويل. وقال إن حالات الإصابة بالفيروس كانت 126 حالة وذلك في شهر آذار/ مارس، ولكن العدد قفز في منتصف نيسان/ أبريل إلى 2.700 حالة، وبعد أسبوع زاد العدد بمعدل الثلث.

فقبل تفشي الفيروس، كان القطاع الصحي المصري يعاني مثل المرضى، فالاقتصاد الذي يواجه مشاكل، وحكومة لم تعط الأولويات للنفقات على الصحة، صبّ الزيت على النار.

وأكدت الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا الوضع السيء لنظام الرعاية الصحية المصري. فقد تم تأكيد 5000 حالة و359 وفاة حتى 28 نيسان/ أبريل، مع أن العدد قد يكون أعلى بسبب نقص معدات الفحص.

وفي كل أنحاء مصر، هناك نقص بالأطباء والممرضين والإمدادات الطبية وأسرة المستشفى بشكل يجعل من الصعوبة عليه التعامل مع فيروس ينتشر بسرعة. ويضيف أن الأجور المتدنية وظروف العمل السيئة/ أجبرت الكثير من الأطباء على ترك البلاد، وبلغ عدد من غادر البلاد في العام الماضي وحده، 10 آلاف طبيب.

وبحسب أرقام نقابة الأطباء، فمن بين 220 ألف طبيب، يعمل 120 ألفاً منهم في الخارج. وتعاني المستشفيات العامة من نقص 55 ألفاً إلى 60 ألف ممرض. ويبلغ معدل المستشفيات المتوفرة لكل ألف مواطن 1.3، مقارنة مع اليابان 13 و8 في ألمانيا و6 في فرنسا.

وأشار استطلاع “عرب باروميتر” أن 31% من المصريين راضون عن أداء الحكومة، وهو تراجع بـ19% عما كانت عليه الأوضاع في عام 2010. وتبلغ نسبة الأطباء المصابين بمرض كورونا 13% من إجمالي المصابين، وهو نفس العدد تقريبا المسجل في كل من إسبانيا وإيطاليا.

ورغم الخوف من التحدث علنا، فقد استخدم الأطباء منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن قلقهم من غياب الخدمات الطبية والظروف السيئة وسوء الإدارة التي تعرّض حياة الناس للخطر.

وأصبحت لقطات الفيديو التي تصور الممرضين وهم يحتجون في أروقة المستشفيات أمرا عاما. وظل القطاع الصحي يعاني ولعقود طويلة من الإهمال مقارنة مع الميزانية المخصصة للقوات المسلحة. وتراجع تمويل الحكومة له في الميزانية القومية من 6.7% عام 2000 إلى 4.2% عام 2016.

ومن هنا فانتشار حالات الفيروس وبعدد كبير ما هو إلا تذكير لقادة البلاد أن التهديدات عليهم ليست بالضرورة عسكرية الطابع.

فمنذ انقلاب عبد الفتاح السيسي على الحكم، ركّز على الإرهاب والتضحيات التي بذلها الجيش والشرطة في مكافحته.

 وأشار الكاتب إلى الاحتجاجات العام الماضي، بعدما قام مقاول اسمه محمد علي بنشر أشرطة على منصات التواصل الاجتماعي كشفت عن الأموال التي صرفها السيسي على بناء قصور لعائلته. وزادت تعليقات السيسي على أن بناء القصور هي من أجل الصالح العام ولبناء دولة جديدة، من حنق المواطنين، في وقت تواصل فيه الحكومة بناء عاصمة براقة قرب العاصمة الحالية وخصصت لها 58 مليار دولار.

وقال الكاتب إن تعويم الجنيه المصري عام 2016 زاد من معاناة المصريين حيث خسر الجنيه نصف قيمته أمام الدولار.

 وأشار لارتفاع مستوى الفقر الوطني في مصر عام 2018 إلى 32.5% أي بزيادة 5% عن العامين السابقين.

وقال إن معدلات التعافي الاقتصادي بطيئة، حيث انخفض القطاع غير النفطي بداية كانون الثاني/ يناير إلى أدنى مستوياته. ولا شك أن الموارد المصرية ستتأثر بشكل كبير نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الدولة والدول حول العالم لمواجهة فيروس كورونا. ومن ذلك القطاع السياحي الذي يشكل 12% من الميزانية العامة، ورسوم المرور عبر قناة السويس وتحويلات المصريين في الداخل الذين يعملون في قطاعات تأثرت بالإغلاقات، إضافة للاستثمار الأجنبي.

وسترتفع معدلات البطالة، ويقدّر عدد القوة العاملة في مصر ما بين 5- 12 مليوناً، وهي التي ستتأثر بشكل كبير، ولن يحصل منهم إلا 1.2 مليون عامل على مساعدات من وزارة القوى البشرية؛ لأن البقية لم يسجلوا لديها. وستكون المساعدة عبارة عن 1.500 جنيه مصري أي ما يعادل 95 دولارا أمريكياً وعلى ثلاث دفعات. أما ملايين العاملين المحرومين من الضمان الاجتماعي فسيتحولون إلى قنبلة موقوتة.

وأشار إلى أن الحكومة لن تكون قادرة على تبرير نفقاتها الهائلة على المدن المسورة والقصور والقوى الأمنية المتضخمة، مع تواصل الأعباء المتزايدة على القطاع الصحي ومعاناة المصريين من الوباء. وربما حاول السيسي في الأشهر المقبلة تخفيف الغضب الشعبي بالتركيز على القطاع الصحي والثناء على العاملين فيه من أطباء وممرضين.

وتطرق الكاتب إلى الحديث في إعلام الدولة عن “الجيش الأبيض” وضخّ مصادر أكثر في القطاع الصحي وفتح مراكز فحص جديدة وزيادة الجهود لمواجهة كوفيد- 19، وزيادة رواتب الأطباء.

ومن أجل دعم قطاع الصناعة وتعزيز الاستثمار، خفّضت الحكومة أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء التي تزودها للمصانع، وأخّرت تحصيل ضريبة الأملاك وما إلى ذلك، ولكن هذه الجهود ربما لم تكن كافية.

ويقول إن دارسي التاريخ المصري يعرفون كيف تتحول الاحتجاجات إلى كرة ثلج، ولو لم يقم النظام بالإجراءات الضرورية ومساعدة القطاع الصحي، فسيواجه موسم غضب جديد.

وذكّر بالربيع العربي عام 2011 الذي أجبر حسني مبارك على التنحي عن السلطة، و”خريف الغضب” عام 1981 الذي أدى لمقتل أنور السادات وتداعيات هزيمة مصر عام 1967 في ظل جمال عبد الناصر.

ويرى أنه بدون شرعية سياسية تعتمد عليها، تجد الطبقة السياسية الحاكمة نفسها في وضع أضعف من فترات أخرى في التاريخ المصري. فالأزمة الحالية أحدثت تصدعات. مشيرا إلى أن الغضب العام من صورة وزيرة الصحة هالة زايد وهي تأخذ مساعدات طبية إلى إيطاليا، وهي مواد طبية غير متوفرة في مصر، وإن توفرت فثمنها باهظ.

ويقول إن المعارضين في تلاقي المظالم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أرضية خصبة للتحرك.

ويعتقد الكاتب أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى تغير جديد يتعلق بالمفاهيم السياسية والأفضليات، فمنذ سيطرتها على السلطة في عام 2013 استخدمت النخبة الجديدة أيديولوجية جديدة تقوم على الوطنية المفرطة المخلوطة مع نزعة القوة الذكورية التي أقامت أعمدتها وطقوسها وأساطيرها. واستخدمت في بنائها الخطاب العام والقوانين والإعلام والتعليم والأفلام والتلفاز للتأكيد على أن البطولة لا تأتي إلا من أصحاب الزي العسكري، ويقف على رأسها رجل قوي قادر على حل كل مشاكل البلاد.

ولكن الجيش لا يدافع عن مصر اليوم، بل الذين يعملون في القطاع الصحي.

ويمكن لفيروس كورونا تشكيل السياسة والمجتمع في مصر، وهناك سوابق، ففي عام 1918 خلفت الحمى الإسبانية وراءها 138.000 ضحية، أي نسبة 1% ومعظمهم من الأرياف، وأدت الحمى التي جاءت بعد نهاية الحرب العالمية الأولى إلى تظاهرات حاشدة ضد الإحتلال البريطاني، وقتل المئات، ولكن الثورة حققت في غضون ثلاثة أعوام الاستقلال المصري.

---------
نقلا عن القدس العربي

أضف تعليقك