• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم: د. عبدالحي يوسف

شهر رجب من الأشهر الحرم التي ينبغي للمسلم تعظيمها والإكثار من الطاعات فيها، لكن لا وجه لتخصيص رجب بعبادة لم يثبت الشرع بها: مثل العمرة في رجب: يخص بعض المسلمين شهر رجب بعمرة ظناً منهم أن لها فضلاً وأجراً؛ والصحيح أن رجباً كغيره من الأشهر لا يُخَصُّ ولا يُقصد بأداء العمرة فيه، والفضل إنما يكون في أداء العمرة في رمضان أو أشهر الحج للتمتع، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، وقد أنكرت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

6. صيام رجب :

رجب كغيره من الأشهر لم يرد في الترغيب في صيامه حديث صحيح، بل يُشرع أن يصام منه الإثنين والخميس والأيام البيض لمن عادتُه الصيام كغيره من الأشهر؛ أما إفراده بذلك فلا .. وأختم بما ذكره الحافظان ابن القيم و ابن حجر - رحمهما الله تعالى - تلخيصاً لما ذكرناه: قال ابن القيم: «كل حديث في ذكر صوم رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى» ا. هـ. وقال الحافظ ابن حجر: «لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا صيام شيء منه معيَّن ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة» ا.هـ.

وذكر الإمام الطرطوشي أنه يكره صيام رجب على ثلاثة أوجه:

١- أنه إذا خصه المسلمون بالصوم في كل عام، حسِب العوام ومن لا معرفة له بالشريعة، مع ظهور صيامه أنه فرض كرمضان.

٢- أو أنه سنة ثابتة خصه الرسول صلى الله عليه وسلم بالصوم كالسنة الراتبة.

٣- أو أن الصوم فيه مخصوص بفضل ثواب على صيام سائر الشهور، جارٍ مجرى صوم عاشوراء، وفضل آخر الليل على أوله في الصلاة، فيكون من باب الفضائل لا من باب السنة والفرائض، ولو كان من باب الفضائل لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله ولو مرة في العمر، كما فعل في صوم عاشوراء وفي الثلث الغابر من الليل. ولما لم يفعل بطل كونه مخصوصاً بالفضيلة، ولا هو فرض ولا سنة باتفاق، فلم يبق لتخصيصه بالصيام وجه، فكره صيامه والدوام عليه حذراً من أن يلحق بالفرائض والسنة الراتبة عند العوام. فإن أحب امرؤ أن يصومه على وجه تؤمن فيه الذريعة وانتشار الأمر حتى لا يعد فرضاً أو سنة، فلا بأس بذلك

لكن يمكن الاستدلال لفضل الصوم في رجب بالحديث العام الدال على فضيلة الصيام في الأشهر الحرم، وهو ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي بسند جيد عن رجل من باهلة "أنّهُ أتى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمّ انْطَلَقَ فَأتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَغَيّرَتْ حَالُهُ وَهَيْئَتُهُ، فقال: يَا رَسُولَ الله أمَا تَعْرِفُنِي؟ قال: من أنت؟ قال: أنَا الْبَاهِليّ الّذي جِئْتُكَ عَامَ الأوّلِ، قال: فما غَيّرَكَ وَقَدُ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟ قُلْتُ: مَا أكَلْتُ طَعَاماً مُنْذُ فَارَقْتُكَ إلاّ بِلَيْلٍ، فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِمَ عَذّبْتَ نَفْسَكَ، ثُمّ قال: صُمْ شَهْرَ الصّبْرِ وَيَوْماً مِنْ كُلّ شَهْرٍ، قال: زِدْني فإنّ بِي قُوّةً، قال: صُمْ يَوْمَيْنِ، قال: زِدْنِي، قال: صُمْ ثَلاَثَةَ أيّامٍ، قال: زِدْنِي، قال: صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرْمِ وَاتْرُكْ، وَقال بِأصَابِعِهِ الثّلاَثَةِ فَضَمّهَا ثُمّ أرْسَلَهَا".

أضف تعليقك