• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

كتب المعتقل مصطفى أحمد، من داخل زنزانته بـسجن طرة تحقيق، تفاصيل المأساة التي يعيشها كل من حسن البنا، ومصطفى الأعصر، وحسين الحسيني، ووليد شوقي مصطفى جمال، إلى جانب ما عاناه المعتقل الراحل عمر عادل الذي قتل في 22 يوليو الماضي، بعدما وضعوه في زنزانة التأديب لمدة أربعة أيام، ولم يكن يعاني من أية مشاكل صحية.

وننشر لكم ما كتبه المعتقل لتتعرفوا على المأساة التي يعيشها المعتقلون في سجون نظام السيسي:

كلما جلست وأمسكت بقلمي لأكتب رسالة أحكي فيها عن تفاصيل القبض عليَّ منذ يوم 13 فبراير 2019، وكم الظلم الذي تعرضت له، وعن التنكيل والإهمال والاستخفاف بحياتي وعمري، منذ ذلك اليوم، وعن المعاناة داخل السجن كل هذه الفترة، كلما أردت أن أكتب عن حرماني من حريتي وعن حنيني لأهلي ولرفاقي، وعن الحنين بشكل عام، أشعر بخجل من الكتابة، ليس لأنني غير بارع في الكتابة فحسب، ولكن كلما نظرت من حولي، في حدود الزنزانة التي أسكن بها، ضربني الوجع، وطاردني الشعور بالذنب. كلما نظرت على يساري ورأيت مثلا حسن البنا ومصطفي الأعصر المسجونين داخل هذه الزنزانة العفنة منذ عامين، فما الذي يمكن أن أكتبه عن معاناتي مقارنة بحجم معاناة رفاقي الذين قصفت أعمارهم وهم في عمر الزهور البريئة يعيشون أنبل سنوات عمرهم داخل السجون".

كم يكون حجم معاناتي وظروف سجني في فترة لا تتعدى السنة مقارنة بمعاناة حسن البنا في مرضه المستمر وعدم تشخيص حالته المرضية المرعبة حتى الآن، رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على نفس هذه الحالة الخطيرة، وكلما تذكرت موت أبيه دون أن يودعه حتى الوداع الأخير، استخفّيت بمعاناتي وشعرت بالخجل والعجز".

كيف أكتب عن معاناتي وأنا أجلس بجوار حسين الحسيني، الذي لا يتعدى عمره العشرين، والذي تعدت فترة سجنه العام والنصف، والذي فقد والدته وهو سجين بعدما توفيت إثر حادث سيارة وهي عائدة من إحدى زياراتها له في السجن؟".

ما الذي يمكن أن أكتبه عن معاناتي وعن سجني مقارنة بمعاناة هؤلاء؟! كيف أكتب عن نفسي وبأي وجه أطالبكم وأطالبكن بالدعم وهناك الكثيرون ممن يعانون ويتألمون ظلما؟".

من ضمن هؤلاء الكثيرين أيضا معي في نفس الزنزانة ونفس قضيتي، الدكتور وليد شوقي الذي تم خطفه من عيادته منذ عام ونصف، تاركا خلفه إجباريا زوجته وابنته، التي لا يتعدى عمرها العام، وحيدتين دون ذنب منهما أو جريمة منه، ليكتشف في كل زيارة تفاصيل جديدة في ابنته التي بدأت تتحدث وتكبر بعيدة عنه وعن حضنه".

كيف أتحدث عن الآلام والافتقاد وأنا معي في نفس الزنزانة صديقي مصطفى جمال، المسجون منذ قرابة عامين والذي يفقد في كل يوم جزءا من بصره؟ وما هي معاناتي وكم يكون حجمها مقارنة برفيق دربي أحمد دومة المسجون انفراديا منذ ما يقرب من 6 سنوات، والذي فقد كل ما هو جميل نتيجة هذه الفترة المؤلمة داخل محبسه بمفرده؟".

إن أصعب أنواع المعاناة بالنسبة لي، هي معاناة أهلي، بداية من عدم وجودي معهم، مرورا بمعاناتي أثناء زياراتي داخل السجن وكم التضييق عليهم لمجرد أنهم ينتمون لي. كم يكون حجم معاناتهم مقارنة بحجم معاناة زميلي عمر عادل الذي تم قتله عن إهمال داخل إحدى غرف التأديب".

لكن لا شك في أننا كلنا في أشد الحاجة لدعمكم ودعمكن جميعا.. لا أعرف في حقيقة الأمر إذن لماذا أكتب، أو لمن أوجه هذه الرسالة، ولا أعلم إن كانت ستنشر أم لا، أو ستقرأ أم لا! ولكن إذا كان من بينكم من لا يزال يتذكرني ويدعمني.. فأنا أرجو منه وأتمنى أن يدعمنا جميعا، لأن هذا الدعم هو السبيل الوحيد أمامنا هنا في السجن للتخلص من بعض الشعور بالوحدة والعجز والإحباط واليأس، فدعمكم يخلق لنا حالة من الأمل والحياة".

أخيرا.. أعلم أننا جميعا أصبحنا نعيش أقصى درجات البؤس، بؤس التجربة، أو بالأحرى أصبحنا نخوض البؤس نفسه! ولكن رغما عن هذا البؤس والمأساة والتجربة والسجن نفسه.. مازلنا نحلم ونحب ونتعلم ونتمرد ونشعر ونكتب".

أضف تعليقك