• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: سَليم عزوز

أخطأت عندما قلت إن أبو ظبي باعت السعودية، بخروجها من عدن، وذهابها إلى طهران!

لم يكن القرار الإماراتي بمغادرة عدن، «تولي يوم الزحف»، فلم يكن محمد بن زايد إلا متحرفا لقتال، ومتحيزا لفئة من الانفصاليين صنعها على عينه، وممن أطلق عليهم المجلس الانتقالي، فلم يغادر إلا لتسقط عبر القوات الموالية له، والتي أنهت الحكم الشرعي، بتواطؤ سعودي لا تُخطئ العين دلالته!

فلم تكن الإمارات أيضاً قد باعت السعودية، عندما ذهبت إلى إيران، بل كانت هذه هي الخطة البديلة، لفتح المجال للسعوديين، بعد أن تقاعس ترامب عن ضرب إيران، ولم يلق بالاً لوصول الصواريخ الحوثية إلى عقر ديارهم، وهو الذي استباح أولي الأمر في المملكة بإعلانه المتكرر أنه قال للكينج سلمان أن عليهم أن يدفعوا مقابل الحماية، ورغم أنهم دفعوا «دم قلوبهم»، إلا أنهم كانوا في استعانتهم به، ليسوا أكثر من منهوك على منهوك، فقد اقتصر دور الرئيس الأمريكي على «فرض الجزية» من ناحية، ودور تاجر السلاح من ناحية أخرى!

وكان لابد من الإسراع في تنفيذ مخطط تدمير اليمن، وهو الهدف الحقيقي من هذه الحرب، فالقوم يحملون الخراب للمنطقة، دعك من الشعارات المرفوعة، عن نصرة الشرعية، فقد سقطت ورقة التوت التي تستر العورات في عدن، بإسقاط الشرعية على يد الميليشيات الموالية للإمارات، والتي تضم انفصاليين رأوا في الحليف الإماراتي البديل لتحقيق هدف الانفصال عن الشمال والدولة اليمنية والعودة باليمن مرة أخرى إلى دولتين، وبديلا للحليف السعودي السابق أو نيابة عنه. والسعودية كانت تحمي دولة الجنوب، وتدعم موقف الجنوبيين دعاة الانفصال، في مواجهة علي عبد الله صالح، وفي مرحلة تالية تحالفت السعودية مع الرئيس اليمني، بعد أن رأوا أن ما يدفعونه للجنوبيين، وتمويلاتهم لهم، يكفي لشرائه، ومن هنا سمحوا له بأن يبسط نفوذه على الشمال والجنوب، وبدون أي مقاومة جنوبية، كان يمكن أن يقوم بها القادة الجنوبيون!

ومن الواضح الآن، والهدف صار هو تدمير اليمن، كجزء من تدمير المنطقة، أن ينفصل الجنوب ليكون تحت الرعاية الإماراتية، وأن يصبح الشمال هو المجال الحيوي للسعوديين، لاستكمال مهمة التدمير، وهي المهمة المقررة سلفاً!

لقد حرضت السعودية والإمارات الحوثيين على ضرب حكومة الإصلاح الإخوانية، ظنا منهم أن الحركة ستتورط في المواجهة، لكنهم كانوا أذكى من التورط، وكان شرطهم لمواجهة هذا الزحف الحوثي أن يكون تحت راية الجيش اليمني، وهو ما رفضه رأس السلطة الموالي للسعودية، والذي كان المخطط يتم بعلمه!

ولأن النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله، فقد انقلب السحر على الساحر، وصار الحوثيون وميليشيات علي عبد الله صالح في مواجهة الحكومة الشرعية، مع أن الأخير لا يزال رجل السعودية، وهى التي مكنته من البقاء في اليمن، بعد عملية ترميمه، وعندما فشل في استعادة شرعيته قامت بترتيب انتقال السلطة إلى خياره الاستراتيجي عبد ربه منصور هادي!

كان من المدهش في البداية لغير المتابعين، أن يكون نجل الرئيس اليمني السابق هو من يشغل منصب السفير لبلاده في الإمارات، ومع ذلك يدخل معركة ضد النظام في حالة تضامن مع الحوثيين، ثم وعندما وجدت السلطة اليمنية أن استمراره كسفير مثل علامة استفهام كبرى، عزلته، وكان لافتا أيضاً أن الإمارات تستضيف نجل علي عبد الله صالح، مع الإعلان أنه بسقوط الحكومة الشرعية، فإنه هو البديل لرئاسة اليمن، ومع ذلك فإن الإمارات كانت تقاتل بجانب السعودية لعودة الشرعية!

فقد دخل التحالف إلى اليمن بهدف نصرة الشرعية، واستدعت السعودية موفدها علي عبد الله صالح من الحلف الحوثي، لمهمة جديدة، واندفع الرجل لقتال الحوثيين، لتكون نهايته على أيديهم!

وكان يمكن للتحالف أن يحسم المعركة مبكراً، وينصر الشرعية، لكنه كان مشغولاً بقضية أخرى وهي القضاء على حزب الإصلاح، ثم الانتقال إلى مرحلة تدمير اليمن، فلا يصلح «طبلة ولا رق»، باعتبار أن «عقدة النكاح» بيد التحالف، وأنه قادر على إدارة الملف بالشكل الذي يريد، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد دخلت إيران على الخط، وقامت بدعم الحوثيين، لتنتقل المعركة إلى عقر الدار السعودي!

إن الإجماع منعقد على أن الحوثيين لم يكونوا قبل هذه المرحلة قد تم اعتمادهم إيرانياً، ولم تكن قضية النزاع المذهبي مطروحة داخل اليمن، فالمذهب الزيدي ليس سنياً خالصاً كما أنه ليس شيعيا خالصاً، لكن اليمن صارت ميدانا مهماً لخوض معركة ضد النظام السعودي، الذي يكيد لإيران كيدا، ويحرض عليها الأمريكيين، ويتبنى المشروع الأمريكي في العداء مع طهران.

وبدا موقف التحالف ليس مفهوماً في الكثير من تفاصيله، فكيف تقاتل القوات الإماراتية في صنعاء بجانب القوات السعودية، دفاعاً عن الشرعية، في الوقت الذي تخوض الإمارات فيه معركة مختلفة (أو تبدو كذلك) في عدن، فتشكل سلطة بديلة تقف ضد الشرعية، وتغادر بهدف تمكين السلطة الموالية لها من الإسقاط الكامل للشرعية، لكن الأمور الآن باتت أكثر وضوحاً.

لقد عول البعض على أن تبادر القوات السعودية في عدن، فتتصدى لهذه القوة الانفصالية وقد أوشكت على إسقاط الشرعية، لكنها لم تتحرك، ليعلن وزير الداخلية اليمني أن السعودية صمتت على ما جرى لمدة أربعة أيام، ومكنت من إسقاط الشرعية!

وبعد أن صارت المواقف مكشوفة، قامت السعودية بدعوة كافة الأطراف للاجتماع فيلبي محمد بن زايد الدعوة وبراءة الأطفال في عينيه، لكن الهدف المعلن من هذا الاجتماع، لا يخفى على لبيب، إنه اجتماع لتقنين الأوضاع التي حدثت، وبالاعتراف بالقوة التي أسقطت الشرعية والاعتراف بها، بدلاً من أن يكون قرار قوات التحالف هو قتالها، واعتبارها هدفاً لا يقل في خطورته عن الهدف الحوثي، وما هي مشكلة الحوثيين في البداية؟ ألم تكن لأنهم شقوا عصا الطاعة وخرجوا على الشرعية التي يمثلها عبد ربه منصور هادي؟!

لقد تبدت العورات للناظرين، فالمشروع السعودي الإماراتي هو التخريب، ليس لليمن، ولكن للمنطقة برمتها.

  • نقلا عن صحيفة الراية القطرية

أضف تعليقك