• الصلاة القادمة

    العشاء 17:29

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: سامي كمال الدين

من الجرائم التي قامت بها وزارة الداخلية والشرطة العسكرية مجزرة شارع محمد محمود الأولى في 19 نوفمبر 2011.

كان اللواء منصور العيسوي وزيرا للداخلية وقتذاك، كان يجلس على كرسي يرعب شعبا، في مكتب الوزارة في شارع الشيخ ريحان في وسط القاهرة، وكنت أنا أسفل هذا الكرسي في شارع محمد محمود والشيخ ريحان في كر وفر مع ضباط وجنود الداخلية الذين قتلوا الشباب وفقأوا أعينهم، لم أكن أرى من القنابل المسيلة للدموع التي حجبت عني الرؤيا تماما، كما حجبت المعلومات بعد ذلك، وهو أمر طبيعي في بلد يعمي العيون بالقنابل، وبحجب أي معلومة في خيوط الحقيقة، لذا كان السؤال شاغلي الدائم في بلد تخشاه، فما بالك والسؤال في مواجهة وزير داخلية!

لكني أذكر قوله بأنه اشترط شرطين حين طٌلب منه تولي حقيبة وزارة الداخلية، أولهما «لن أصدر قرارا واحدا مخالفا للقانون، ولن أنفذ قرارا واحدا مخالفا للقانون، وثانيهما لا أريد إدخال الشرطة في حلول أمنية لمشاكل سياسية».

قلت له ولكنك متورط في دماء شباب محمد محمود ومسؤول رئيس عن هذه المجزرة؟

«الشرطة لم تطلق طلقة رصاص واحدة في أحداث محمد محمود، ولا في ميدان التحرير»، ثم اتهم اللواء العيسوي الإخوان بأنهم الطرف الثالث في هذه المجزرة، كما في ثورة يناير، لكن للحقيقة وجها آخر يا سعادة الوزير.

قبيل أحداث محمد محمود هاجمت قوات من الشرطة والجيش مصابي الثورة وأهاليهم المعتصمين في ميدان التحرير في محاولة لفض اعتصامهم بالقوة وإخلاء الميدان.

في 18 نوفمبر 2011 وقبل أحداث محمد محمود بيوم واحد طالبنا بسرعة انتقال السلطة من المجلس العسكري لرئيس وحكومة مدنية منتخبة في موعد أقصاه شهر أبريل من عام 2012، حيث تشكك شباب الثورة في أن هناك لعبة تقوم بها قيادات القوات المسلحة، خاصة بعد صدور وثيقة علي السلمي -نائب رئيس الوزراء في حكومة د. عصام شرف- وهي وثيقة المبادئ الأساسية للدستور التي تضمنت بنودا خاصة للقوات المسلحة تحميها من المساءلة، بل وبها بنود لاختيار الجمعية التأسيسية، مع أن الطبيعي أن الذي سيختار هذه الجمعية أعضاء مجلس الشعب الذي كان سيتم انتخابه في نوفمبر 2011.

جرى قتال أشبه بحرب الشوارع في الأفلام الأمريكية بين الثوار وفرق من الصاعقة والشرطة العسكرية وقوات الأمن، وراح ضحية مجزرة محمد محمود حوالي 60 شهيداً و1154 مصاباً، اعتقال حوالي 400 متظاهر، أما من الأمن والجيش فقد أصيب حوالي 21 ضابطا و60 مجندا.

أصيب أحمد حرارة بفقء في عينه اليسرى جراء قناصة، وكان قد فقد عينه اليمني في جمعة الغضب، وكذلك رضا عبد العزيز الذي فقد عينيه أيضا وغيرهما.

بعد هذه الأحداث أقيل اللواء منصور العيسوي ضمن حكومة عصام شرف التي أقيلت بالكامل، وشكل د. كمال الجنزوري الحكومة، وأعلن المجلس العسكري بأنه سيسلم السلطة بإجراء انتخابات بحد أقصى منتصف 2012 التي نجح فيها الرئيس مرسي، لكن لم يحاسب أحد من قتلة الثوار، بل تداعت ذكرى محمد محمود، ورفضت جماعة الإخوان المشاركة فيها، وأعلن المستشار أحمد مكي وقتذاك بأن هذه المظاهرات «ضمن مخطط واسع لإثارة الفوضى وإجهاض الثورة»!

فلا منصور العيسوي ولا أحمد مكي كان يعلمان أن هناك طرفا ثالثا يديرهما وغيرهما سواء بقتل الثوار أو إشعال الفوضى، أو الخلاص من أي شيء وأي شخص شارك في ثورة 25 يناير، وأظن الدلائل واضحة الآن (2019) لكل مبصر صاحب بصيرة.

اختارت قيادات القوات المسلحة أغلب وزراء حكومة عصام شرف، وعلى رأسهم اللواء منصور العيسوي الذي كان بعيدا عن الشرطة لأكثر من خمسة عشر عاما، لتنفذ مخططها الذي رسمته بدقة، بل الذي رسمه شخص واحد هو اللواء عبد الفتاح السيسي الذي عمل ضد الجميع، ضد الثورة وضد الداخلية وضد الجيش، بل وضد قيادات المجلس العسكري نفسه.. سير مخططه الخاص به مع رجاله ومن يخططون له لتصل أحداث الثورة في مصر إلى فتنة في عهد مرسي تنتهي إلى ما انتهت إليه الأحداث، وتنهار منظومة العدالة في مصر، ويفقد الناس ثقتهم فيها، كما أفقدهم السيسي ثقتهم في الثورة وشبابها، وثقتهم في الداخلية ورجالها وتوفيرها الأمن، وثقتهم في منجزات الثورة، شيطن الرجل كل شيء وفق قانونه الخاص، واستطاع إقناع البعض بأن المال أهم من الوطن، وبأن العيش أهم من أراضيه وحدوده، جاعلهم يتناسون أنهم دون وطن قوي وحدود مصانة، لن يهنأوا لا بالعيش ولا بالحياة، لكنها خدمات جليلة يقدمها إلى إسرائيل، فهل يستمر الجيش في المشاركة في المأساة/ الملهاة التي تمر بها مصر.

أضف تعليقك