• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم د. علي الصلابي

لمن يريد ان يعرف لماذا كان ينظر العالم لإنتخابات تركيا بقلق المحب والكاره فليقرأ هذا المقال المهم جدا بعيدا عن التعصب والغلو .

تنازل كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية الحديثة بعد إسقاطه للخلافة العثمانية عن أملاك الإمبراطورية العثمانية فى ثلاث قارات في إتفاقية معاهدة لوزان 1923– 2023 .

لماذا أردوغان دائماً يتحدث عن عام 2023 ؟ ولماذا أوروبا وخاصة المانيا في حالة قلق رهيب من عام 2023 ؟

تم إبرام المعاهدة مع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى ، والذين كانوا ﻻ يزالون يحتلون أجزاء كبيرة من تركيا .

بريطانيا هي التي وضعت هذه الشروط الخطيرة والمجحفة للسيطرة على تركيا حتى 100 عام قادمة
و منها :-

1 - إلغاء الخلافة العثمانية - ونفي السلطان و أسرته خارج تركيا.
2 - مصادرة جميع أموال الخلافة و السلطان.
3 - إعلان علمانية الدولة. 
4 - منع تركيا من التنقيب عن البترول على أراضيها ويمكنها إستيراد البترول فقط . 
5 - إعتبار مضيق البوسفور ممر مائي دولي ولا يحق لتركيا تحصيل أي رسوم من السفن المارة فيه (خليج البوسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة ومن ثم إلى البحر المتوسط  ، يعنى ممر مائي في غاية الأهمية مثل قناة السويس.

سينتهي العمل بهذه المعاهدة عام 2023 ويكون قد مر عليها مائة عام .

يلاحظ من تصريحات أردوغان المتتالية أنه بحلول 2023 ستنتهي تركيا القديمة ولن يكون منها شيء  و ستسرع تركيا في التنقيب عن النفط، وحفر قناة مائية جديدة تربط بين البحرين الأسود ومرمرة تمهيدا للبدء في تحصيل الرسوم من السفن المارة.

و من هنا يمكنك فهم بعض أوجه الحرب الدائرة بين تركيا و الغرب بضراوة شديدة، فمن الظلمِ والغبنِ الفاحِشَيِن ألاّ تعرف عن الدولة العثمانية
ســوى:

سـيـاسـة التـتـريك، وجمعية الإتحاد والترقي، وإعدام المثقفين العرب، وغيرها من مظاهر الظلم التي طغت في البلاد في آواخر عهد الدولة العثمانية، وحصراً في آخر خمسين سنةٍ من عمر الدولة التي حكمت خمسمائة سنة، وذلك بعد أن تكالب عليها العالم بأجمعه، و مَكرَ لها مكرَ الليل والنهار وأجلب عليها بِخَيلِه ورَجلِه، وتسرب اليهود إلى مفاصلها، وسمِّيت بـ(رجل أوروبا المريض) فلم تعد قادرة على إدارة البلاد وبدأت عُراها بالتفكك واحدةً تلو الأخرى حتى سقطت جميعها.

و السـؤال هـنـا: أليس ظلماً أن نختزل 500 عام من الجهاد ورفع راية الإسلام في آخر 50 عاماً فقط من عمرها؟.. أليس ظلما أن نتجاهل اكثر من 100 مليون مسلم دخلوا الإسلام بسببها؟.. أليس ظلما أن نتجاهل دورها بمنع إيران من التمدد بالبلاد العربية و خاضت من أجل ذلك معركة جالد يران ؟.. أليس من العقوق أن يجهل مثقفونا أن الدولة العثمانية هي التي أنقذت المسجونين المسلمين في الأندلس (إسبانيا) من محاكم التفتيش، بل و المسجونين اليهود، وذلك عبر معارك بحرية طاحنه بقيادة البطلين المسلمين، الأخوين بربروسا مع الإسبان والبرتغاليين؟.

أليس من التجهيل والتعتيم والعقوق، ألا يعرف شبابنا شيئا عن معركة (نـيـكـوبـولـيـس) الخيالية، التي أشبه ما تكون بحرب عالمية حيث اجتمعت روسيا وبريطانيا العظمى وفرنسا والمانيا وايطاليا وبلجيكا واسكتلندا ولكسمبرغ وبولندا وبلغاريا بأمر من البابا (بونيفاس التاسع) للقضاء على الدولة العثمانية وكانت النتيجة  كالعادة هزيمة ساحقة لأوروبا وروسيا وانتصاراً مجلجلاً للعثمانيين بقيادة (با يزيد الأول) فاتسعت رقعة الدولة الاسلامية من الفرات شرقا إلى الدانوب غربا.

و قد ينقدح في ذهن القارئ سؤال و هــو أين كانت امريكا ؟ و ما موقفها من تلك الحرب ؟ و الجواب يا صديقي : أن أمريكا بقيادة جورج واشنطن كانت تدفع الجزية للجزائر بقيادة ( *بكلر حسن* ) آنذاك مقابل :

– حماية السفن الأمريكية في البحر المتوسط
– و الحفاظ على الأسرى الأمريكيين الذين أسرتهم الجزائر في معركة بحرية لا مجال لذكرها الآن و إليك نص

( لهدنة الأمريكية بقلم جورج واشنطن مع دولة الخلافة ) :

"تدفع الولايات المتحدة الأمريكية للدولة العثمانية مبلغ 12 ألف ليرة ذهبية عثمانية سنويا ً، مقابل أن يتم إطلاق سراح البحارة الأمريكيين الأسرى لدى الجزائر، وعدم التعرض للسفن الأمريكية في البحر المتوسط أو المحيط الأطلسي".

وأنا الآن أهمس في أذنك و أقول لك:

لعل هذه الهدنة تفك لك لغز التشنيع الفرنسي بالجزائر حيث قتل الفرنسيون ما يزيد عن المليون و نصف المليون شهيداً جزائرياً .

أليس من سوء الأدب أن ننتقد الدولة التي تصدّت بمفردها لأكثر من 25 حملة صليبية على العالم الإسلامي و كانت هي المنتصرة دائما ؟

أليس ظلما أن نشتم الدولة الذي دفع آخر سلاطينها ( السلطان عبد الحميد ) عرشه ثمنا للتمسك بفلسطين ، و عدم تسليمها لليهود ؟

أليس من العقوق ألا ّيعرف شبابنا شيئا عن *سليمان القانوني* ، الذي ضُربت لوفاته أجراس الكنائس في اوروبا ، و أقيم قداس شكر ثلاثة ايام بأمر من البابا شخصيا ، و هو قائد معركة *مـوهـاكـوس* التي تكلمنا عنها في منشور حريم السلطان ؟

و كذلك بايزيد الأول قائد معركة ( *نـيـكـو بـولـيـس* ) الخالدة ، الذي أوقف العالم كله على أمشاط قدميه ينتظر نتيجة المعركة ، فكان ماكان ،

و كذلك سليم الأول قائد معركة جـالـديـران، التي قضى فيها على المد الصفوي، كذلك السلطان عبد الحميد صاحب فلسطين، الذي قال لليهود: "فلسطين ليست ملكا للسلطان عبد الحميد، بل لجميع المسلمين، فاجمعوا لي تواقيع المسلمين أنهم قد تنازلوا عن فلسطين لأتنازل عنها أنا".

و كذلك محمد بن مراد المسمى بـ(محمد الفاتح) لانه فتح القسطنطينية، التي طمع بفتحها كل قادة المسلمين العظماء من عهد بني أمية، وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم بشّر بفاتحها وأثنى عليه، فقد روى الإمام أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لـتـُفـتـحـَنّ الـقـسـطـنـطـيـنـيـة، فلنِعمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعمَ الجيشُ ذلكَ الجَيش".

وقد حصل الفتح بقيادة الأمير السلطان محمد الفاتح رحمه الله في 29 مارس عام 1453م . و هو ابن إحدى وعشرين سنة.

أليس من العقوق العظيم لهؤلاء العمالقة أن تبقى بطولاتهم حبيسة الأدراج والمكتبات العامة والخاصّة، ولا يعرف شبابنا عنهم شيئا في الوقت الذي يعرفون نمرة حذاء ميسي و إخوانه، وسوبر ستار و أخواتها، وسيلفستر ستالوني و إخوانه.

وأخـيــراً أليس ظلما أنّ المناهج العربية و الإسلامية لا تذكر: بايزيد أو سليم الاول أو السلطان عبد الحميد أو سليمان القانوني ؟

أولئك آبائي فجئني بمثلهِم إذا جمعتنا يا جريرُ المجامعُ

أضف تعليقك