• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

 

بقلم: محمود فتحي

منذ اليوم الأول للانقلاب على ثورة يناير ويبدو النظام العسكري الجديد القديم مسكونا بالملف الاقتصادي لمصر وشعبها، وكأنه تسلط عليها بالإفقار والإذلال والمتتبع لغالب قرارات النظام والتي تعدت آلاف القرارات سيجد أنها اقتصادية مالية في غالبها الأعم ومؤخرا وفي الأسابيع الأخيرة فقط حدثت زيادات كبيرة في أسعار السلع الاستهلاكية والمحروقات والخدمات، مع تسريبات متعددة لزيادات أخرى في العاجل القريب.

مؤخرا قام السيسي بالحرب على الفلاحين في أرزاقهم بمنع زراعة محاصيل رئيسية بسبب تضييعه مياه النيل وتهديدات بحبس المخالفين، إضافة لاستعدادات حكومية قريبة لتسريح الملايين من موظفي الحكومة تنفيذا لتعليمات صندوق النقد الدولي، ثم أخيرا الاستعداد لرفع أسعار المحروقات والوقود للمرة الرابعة خلال 5 سنوات في سياسة صريحة وواضح بإعلان الفقر على الشعب المصري وهو ما يشبه إعلان الحرب سواء بسواء.

صناعة الفقر والتصدي له
قال ماركس: “الفقر لا يصنع الثورة، إنما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة . فالطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً، وشيخ الطاغية وإعلامه مهمتهم أن يجعلوا وعيك غائباً”، وقال الشيخ محمد الغزالي: “كل دعوة تحبب الفقر إلى الناس، أو ترضيهم بالدون من المعيشة، أو تقنعهم بالهون في الحياة، أو تصبرهم على قبول البخس، والرضا بالدنية، فهي دعوة فاجرة، يراد بها التمكين للظلم الاجتماعي، وإرهاق الجماهير الكادحة في خدمة فرد أو أفراد، وهى قبل ذلك كله كذب على الإسلام ٬ وافتراء على الله”.

“العصيان المدني” هو في أبسط تعريفاته “رفض الخضوع لقانون أو إجراء أو سلطة تعد في عين رافضيها ظالمة” وهو أحد الطرق السلمية والآمنة التي تقاوم بها الشعوب الأنظمة الشمولية المستبدة
إن كثيرا من البلدان يعيش فيها ملايين الفقراء، لكنها لم تشهد ثورات.. لأن الفقر لا يكون عاملا ثوريا إلا حين يجري توجيهه سياسيا ومجتمعيا من قيادة شعبية حرة تبحث عن مصلحة شعبها وتضحي معه، حينها يدرك الشعب أن هذا الفقر قابل للعلاج وأنهم كشعوب يستطيعون تغيير حالهم بأيديهم؛ من خلال إسقاط النظام الذي يتعمد إفقارهم، أي حين يدركون أن أزماتهم الاقتصادية والاجتماعية هي فرع عن أزمتهم السياسية تحت حكم العسكر.

إذا الوعي بالفقر والعمل على تغييره هو الذي يفجر الثورة، أما مجرد وجود الفقر فليس إلا علامة على تمكن الأنظمة من رقاب الشعوب.. وهذا “الوعي الثوري بالفقر” هو الذي نحرص على تصديره لكل الشعب في حملات “العصيان المدني” أي أن يدرك الشعب بنفسه أنه قادر على الخلاص من فقره بيديه، وبه يمكن للشعوب إضعاف النظام وإفقاره بدلا من أن يفقرها هو.

العصيان المدني وقيادة الشعوب
ما فات يقودنا لسؤال هام وهو هل أزمة مصر في شعبها وطغاتها معا بسكوت الشعب على الطغاة؟! ويكون الجواب أن أزمة مصر في قيادتها قبل أن تكون في شعبها، فالشعوب في كل مكان وعلى مر العصور تبع لقيادتها، وإن من لم يحسن توظيف الشعوب فليراجع مشروعه وقيادته قبل أن يهاجم الشعب، فإن من ينتظر تغييرا من “الجماهير” بدون مشروع وقيادة، كمن ينتظر من ذرات برادة الحديد أن تنتظم بدون مغناطيس.. ولهذا نحرص في كل دعواتنا السابقة أو حملة “العصيان المدني” الحالية على التأكيد على العمل من خلال حالة تنظيمية، لا فردية أو عشوائية.. ولقد قام الشعب المصري في أقل من شهرين بمحطتين فارقتين في طريق التدرج في (( العصيان المدني )) لمن يحسن أن يقرأها ويستفيد منها وهي:

1- مقاطعة شعبية واسعة لانتخابات السيسي وعسكره.

2- غضب شعبي واسع لأسعار تذاكر المترو مع تحرك ميداني.

وإن من أفضل ما نعمل عليه هذه الفترة وفق الظروف والمعطيات، ولإعادة إحياء الثورة في النفوس هو التخطيط الجاد والدعوة “الناجحة” لفعاليات “العصيان المدني” وهو في أبسط تعريفاته “رفض الخضوع لقانون أو إجراء أو سلطة تعد في عين رافضيها ظالمة” وهو أحد الطرق السلمية والآمنة التي تقاوم بها الشعوب الأنظمة الشمولية المستبدة.. ولا سبيل لنجاح هذه الدعوات إلا بتبنى رؤية وخطة من خلال عمل تنظيمي تدريجي جاد، ينقلنا من حالة (التيه) والعشوائية إلى التأثير في حاضنة شعبية واسعة، تجتمع فيها الطاقات والجهود والعقول.

تحتاج حملة العصيان المدني 9 لجان مختلفة وهي:
– لجنة دراسات.. للاستفادة من التجارب التاريخية السابقة.
– لجنة التخطيط.. لوضع رؤية تدريجية للفعاليات الميدانية.
– لجنة علاقات.. للتواصل مع القيادات والأحزاب لدعم الحملة.
– لجنة العمال.. دراسة وإعداد الخطاب لشريحة العمال والتواصل معهم.
– لجنة المدرسين.. دراسة الخطاب لشريحة المدرسين والتواصل معهم.
– لجنة الموظفين.. دراسة الخطاب لشريحة الموظفين والتواصل معهم.
– لجنة الطلاب.. دراسة الخطاب لشريحة الطلاب والتواصل معهم.
– لجنة إعلامية.. إعداد الحملة إعلاميا والوصول بها إلى الشرائح الشعبية المختلفة.
– لجنة إدارية ومالية.. تدبر الموارد المالية اللازمة للحملة وتديرها.

تم تصميم حملة العصيان المدني على 3 مراحل وهي:
المرحلة الأولى: التعريف بالحملة ومميزتها وأهدافها بحيث تصل لأكبر شريحة شعبية، وكل ما نريده في المرحلة الأولى أن تصل كلمة وفكرة العصيان المدني وتجاربه السابقة لكل بيت في مصر لتصبح ثقافة عامة حتى الانتقال للمرحلة التالية خلال شهر.. وهذا من خلال:
1- الدعوة المباشرة
2- مواقع التواصل
3- القنوات الفضائية
4- المنشورات الورقية
5- الكتابة على الحوائط
6- الكتابة على الفلوس الورقية

الواقع المصري وما يحيط به من مظاهر استبداد وفساد وقمع، يشير إلى أن العصيان والإضراب وكل أدوات الاحتجاج أصبحوا ضرورة حياتية لإنقاذ مصر وشعبها من مصير أسود مجهول
المرحلة الثانية: التعريف ببعض التجارب الثورية السابقة وما حققته من خلال نشر ملخص لكل تجربة ثورية -مدة شهر- ومنها على سبيل المثال:
تجربة الهند
تجربة إيران
تجربة إيرلندا
تجربة روسيا
تجربة أندونيسيا
تجربة جنوب أفريقيا
تجربة مصر في ثورة 1919م وما بعدها

المرحلة الثالثة: بعد حدوث استجابة شعبية واسعة نبدأ في الدعوة لتوقيتات وفعاليات محددة تتصاعد تدريجيا على أن تكون شرارة البدء في التنفيذ رفع أسعار المحروقات والسلع الأساسية.. مع الحرص على التدرج في الدعوات من البسيط الآمن ثم نتصاعد تدريجيا حتى الإضراب العام..

وفيما يلي بعض الأمثلة التي يمكن الدعوة لها في خلال شهر أو أكثر
1- حملة “اسحب فلوسك” لسحب الأموال من البنوك تدريجا وتحويلها إلى ذهب أو عقارات.
2- عدم دفع الفواتير والضرائب وكل أنواع الجبايات بدون أن تكون النتيجة توقف الخدمة
3- مقاطعة منظومة العسكر الاقتصادية المسيطرة على أكثر من 50 في المئة من اقتصاد مصر.
4- مقاطعة منظومة رجال الأعمال، بحيث نستهدف واحدا بعينه حتى يتم إسقاطه ثم الذي يليه وهكذا..
5- حملة “صفارة إنذار” إصدار أصوات من البلكونات في توقيتات محددة لإعلان رفض النظام.
6- حملة “اقفل دكانك” لإغلاق الدكاكين وفق خطة زمنية تمنع من خسارة رأس المال بعد ضعف الجنيه.

الخاتمة
إن المقاومة الشعبية من خلال فعاليات متدرجة من العصيان المدني في ظل سياسة صناعة الفقر الممنهجة التي يمارسها النظام العسكري الحاكم في مصر بقيادة السيسي لهو خير ما نستطيع أن نجتمع على العمل من خلاله في ظل هذه المرحلة من حاضر مصر المرير.. فالواقع المصري وما يحيط به من مظاهر استبداد وفساد وقمع، يشير إلى أن العصيان والإضراب وكل أدوات الاحتجاج أصبحوا ضرورة حياتية لإنقاذ مصر وشعبها من مصير أسود مجهول.

أضف تعليقك