• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: الدكتور علي الصلابي

شاركت قَطر حكومةً وشعبًا في دعم الثورة الجزائرية، وقامت بمناصرتها معنويًا وماديًا لاسيما في عهدي الأمير علي بن عبد الله آل ثاني (1949 - 1960م). ففي المدارس كان التلاميذ القطريون يقومون بتحية المجاهدين بالجزائر بعد تحية العلم القطري، ويرددون أبيات ثورية جزائرية، والزائر لمتحف المجاهد بمحافظة الجزائر الكبرى يجد صورة الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني، وهو ينشط داخل المدارس لجمع التبرعات المالية والمادية لدعم حرب التحرير الجزائرية، وشارك في التعبئة الجماهيرية داخل المدارس لمساندة الشعب الجزائري في صراعه مع الاستعمار الفرنسي، لذلك ومن باب الامتنان قُلد أمير دولة قطر وسام الاستحقاق «أصدقاء الثورة الجزائرية» خلال زيارته للجزائر ديسمبر 1996م عرفانًا له بهذه الجهود.

تلاميذ المدارس والشعب القطري ككل كان دائمًا يردد أبيات شعرية من التراث الشعري القطري حول الثورة الجزائرية: عاش شعب الجزائر، عاش أبو خالد "الرئيس عبد الناصر"، والجزائر تفوز بحرب الأبطال عزها الله على كل من يعاديها. في المدارس كانت الأناشيد الوطنية الجزائرية تردد يوميًا، وكانت التجمعات الطلابية دوريًا تدين الاستعمار الفرنسي وتدعو لمقاطعة البضائع الفرنسية. الدعم المعنوي المالي لم يكن فقط من الشعب القطري، بل كذلك من السلطات القطرية نفسها عن طريق تخصيص أموال خاصة بالثورة الجزائرية، بالإضافة إلى فرض رسوم على الكثير من الخدمات لصالح الثورة الجزائرية، وسمحت بتأسيس لجان لجمع التبرعات المختلفة من حلي وذهب وأشياء مادية أخرى.

وأهم حدث ميز الموقف القطري تجاه الثورة الجزائرية هو المبادرة القوية التي قام بها أمير دولة قطر أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني عام 1961م، عندما سلم قصره المتواجد في سويسرا لوفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، الذي كان يجري مفاوضات مع الحكومة الفرنسية حول تقرير مصير الجزائر، وكان هدف أمير قطر هو أن تكون للوفد الجزائري المفاوض كامل الحرية المطلقة في تحديد قراراته حول مستقبل الجزائر، دون أي ضغط من أية جهة غربية أخرى، وقد رفع العلم الجزائري على مدخل القصر.

 

 

وقام أمير قطر آنذاك بتمويل وتموين وتوفير احتياجات الوفد المفاوض في إيفيان، وشعر الوفد وكأنه يتفاوض على أرضه بعيداً عن أية مضايقات. وكانت الوفود الجزائرية المكلفة بالتعبئة والإعلام حول بشاعة الاستعمار الفرنسي؛ تجد استقبالًا حارًا وتحية متزايدة على المستوى الشعبي وعلى مستوى الدوائر الحكومية. وكان الاهتمام الإعلامي القطري بالثورة الجزائرية مكثفًا، وتنقل للشعب القطري أحداث حرب التحرير الجزائرية، وتلقى محاضرات وتنظم ندوات تنشطها وفود جزائرية زارت قطر دوريًا. وخرج القطريون في الشوارع للتعبير عن فرحتهم بالانتصار عند إعلان استقلال الجزائر يقولون: تعلمنا من الثورة الجزائرية الصبر والعز والكرامة.

وبنفس السياق، وأثناء استقباله للسيد عبد القادر قارة، سفير الجزائر بقطر سابقًا، عبّر له أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن مدى تقديره الخاص للثورة قائلًا: من ثورة الجزائر تعلمنا الصبر والكفاح، ومن ثورة الجزائر تعلمنا الاعتماد على النفس، وأتمنى لكل ثورة عربية ضد الاحتلال أن تتعلم من ثورة شعبكم.

لم تدَّخر قطر جهودها في دعم مسيرة الشعوب العربية في التحرر والكفاح واستعادة الحقوق المسلوبة، سواء على المستوى الرسمي والشعبي. إنما على العكس ناصرت قضايا الجزائريين، رافضة الظلم والقهر الذي فرضته آلة المستعمر والمستبد على الشعوب الحرة، وحتى وقتنا الحاضر.

أضف تعليقك